#شخصيات

خليل الوزير

خليل ابراهيم محمود الوزير “أبو جهاد”. (١٠-١٠-١٩٣٥ – ١٦-٤-١٩٨٨)

بالتواضع البالغ نقدم موجزا عابرا للون واحد من شخصية هذا الرجل القائد الرمز وكأننا نختصر الحياة والجهاد بكلمات عن أبي جهاد. كان قائدا يمتلك الإمكانيات الكبيرة جدا وله موقع رفيع جدا يجهله الكثيرون حتى ممن عاصروا العمل الفلسطيني فكان الرجل الثاني في الثورة الفلسطينية بكل معنى الكلمة، لكنه الرجل الأولفي العمليات التنظيمية والعسكرية، لم ينتظر أبو جهاد انطلاقة حركة فتح في أواخر الخمسينيات لكي يستهل مشواره النضالي، بل بادر بالعمليات العسكرية قبل الانطلاقة، لم ينتظر نشوء التنظيمات، بل تحرك وحيدا وقام بتفجير خزان زوهر قرب بيت حانون عام 1955م، كان تأسيس حركة الكفاح المسلح بهمة (أبو جهاد ومجموعته الشبابية عام 1955م وإذا اعتبرنا أن مجلة فلسطيننا كانت هي الراية الأولى لحركة فتح عام 1959مفي سماء بيروت، فإن افتتاح أول مكتب لفلسطين عام 1963م كان الراية الثانية التي ارتفعت في سماء الجزائر التي اعتبرها أبو جهاد الراية التي لازمت عودة الكيان الفلسطيني إلى الحياة بتأسيس حركة فتح. أبو جهاد كان متأثرا بسيرة المقاومة الجزائرية التي قادها الأمير عبد القادر الجزائري، وبعدها عمل أبو جهاد على استلام حركة “فتح” للمكتب واتخذت قيادة حركة “فتح قرارا باستقالة خليل الوزير من عمله وانتقاله إلىالجزائر لتولي مسؤولية أول مكتب رسمي لفلسطين وحركة فتح، وبذلك يكون أول متفرغ في الثورة الفلسطينية يفتتح المكتب يوم 23/9/1963م. كان أبو جهاد قد نجح في العديد من الصداقات مع ممثلي حركات التحرر العالمية. ويذكر ان استضافت الجزائر عام 1964 مؤتمر خصص للبحث في نزع السلاح النووي بمشاركة العديد من قادة وزعماء الدول وكان من بينهم جيفارا على رأس الوفد الكوبي فاستثمر الأخ أبو جهاد هذا المؤتمر لتوطيد العلاقات بينه وبين جيفارا الذي امضى فترة بعد المؤتمر في الجزائر قضاها بصحبة الأخ أبو جهاد حيث تعرف على حركة “فتح” وأهدافها وتطلعاتها، وقد كانت هذه العلاقة فاتحة خير لضمان الدعم الكوبي لحركة فتح.

جميع هذه العلاقات سخرها أبو جهاد من اجل تهيئة المناخ وبناء الأساس الصلب للإعلان عن الكفاح المسلح الفلسطيني وإطلاق الرصاصة الأولىفي 1/1/1965م وما تبعها من تصعيد كفاحي، وكان أبو جهاد قد بدأ التحضير لهذه المرحلة في الجزائر حيث الإعداد العسكري والتدريب على السلاح الذي بدأ بشكل فردي ثم بمجموعات صغيرة إلى أن وصلت إلىأول دورة عسكرية كبيرة في صيف عام 1964م وكانت تضم (97 مندوبا) من شباب تنظيم فتح في الجزائر وكان من بينهم عدد من قادة حركة فتح مثل ممدوح صيدم، أبو علي إياد، منهل شديد، وديع عبد اللطيف ومحمود الهمشري، وقد عقدت تلك الدورية في معسكر “بوغار” استمرت لمدة (50 يوما) وقد اشرف أبو جهاد على تخريج الدورة مع القيادة الجزائرية، وبعد تلك الدورة وصلت دورة أخرى من لبنان أرسلها توفيق حوري وتضم علي عباس وزياد الأطرش ثم استمر توافد المرشحين حتى انتظم في الكلية العسكرية في شرشال (20 مندوبا) من أبناء تنظيم حركة فتح منهم إلىجانب علي عباس وزياد الأطرش، كل من فوزي أبو سكرانة ومحمود عرسان واحمد عمر وافي ومنهل شديد واستمرت الدورة لمدة عام كامل، وقد قام الرئيس الجزائري هواري بومدين عام 1966 بتخريج أول دفعة من الضباط الفلسطينيين. يقول أبو جهاد أن قوات العاصفة دشنت انطلاقتها الثانية بعد عام 1967 بعملية فدائية ضد دورية لجيش الاحتلال في مدينة غزة يوم 28/8/1967، وقد تزامن تاريخ تنفيذ هذه العملية مع انعقاد مؤتمر القمة العربية في السودان في رسالة من حركة فتح إلى القمة. في عام 1970 كان أبو جهاد أحد قادة الدفاع عن الثورة الفلسطينية التي تعرضت لها في الأردن، وبعد الانتقال الفدائي إلى لبنان كان للأخ أبوجهاد دور بارز في تثبيت قواعد الثورة هناك والتصدي لمحاولات القوى الانعزالية التي كانت تستهدف الوجود الفلسطيني في الجنوب اللبناني وبيروت والشمال. وللفترة من 1973 عاد أبو جهاد للإشراف على قطاع الغربي بعد استشهاد كمال عدوان عام 1973، ان القطاع الغربي هو تجربة متميزة حرص خلالها أبو جهاد على ممارسة قناعاته وأنه كان يكرس كل إمكانياته الأخرى لذلك القطاع ومنذ تسلم أبو جهاد القطاع الغربي عام 1969 عمل على تأسيس القواعد في الضفة وغزة أمابالجنوب اللبناني عكف أبو جهاد على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة واشرف شخصيا على إدارة العمليات ضد العدو الصهيوني من الأراضياللبنانية.

كان هو العقل المدبر والموجه للانتفاضة وشكل القيادة الموحدة بعد أيام من اندلاعها وصدر أول بيان يحمل اسم القيادة الوطنية الموحدة لتصعيد الانتفاضة يوم 9/1/1988 بدأ أبطال الانتفاضة يتحركون طبقا لبرنامج أبوجهاد الذي تألف من (10 نقاط) حدد فيها مهام الانتفاضة وواجباتها على الصعيدين التنظيمي والسياسي قال: “ان الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد، أبو جهاد كان يقول دائما كونوا يساريين تبع موسكو أو بكين أو يمينيين تبع السعودية أو حتى الكويت لكن أنا سوف أبقى متوجها دائما إلى فلسطين ولا عمل لي إلا داخل الأرض المحتلة على تراب فلسطين، كان صاحب دعوة الجميع للوحدة باتجاه فلسطين مع وجود كل التباينات والتناقضات الفكرية، لم يكن يقف ضد أي فكر يساري أو يميني، كان دائما مع البندقية الفلسطينية الموجهة للصهاينة فوق أرض فلسطين، لا صوت يعلو على صوت الانتفاضة، ومصير الاحتلال يتقرر في فلسطين المحتلة نفسها وليس على طاولة المفاوضات. وفي 16/4/1988 اغتال العدو الإسرائيلي أبو جهاد في العاصمة التونسية، وهو يحمل وسام الانتفاضة ومهندسها واستحق لقب (أمير الشهداء). وليس غريبا أن يتنبه مناضل أممي مثل الجنرال ” جياب” لدور أبو جهاد وأهميته التاريخية، فنراه يذهب على رأس القيادة العسكرية للثورة الفيتنامية إلى مقر (م.ت.ف) في هانوي ليؤدي بكل تواضع القادة الكبار تحية العسكرية لأبو جهاد، وليكتب في سجل التعازي ما نصه:” قدم الرفيق أبو جهاد دائما الدعم النشيط للشعب الفيتنامي وأكن له المشاعر الأخوية الحميمة.. لقد ترك لي الرفيق أبو جهاد الذكريات العميقة. لقد كان قائدا عبقريا خلاقا وله ثقة كبيرة بالانتصار النهائي للثورة الفلسطينية”، فاستشهد القائد البارز الذي يعتبر بشهادة إخوانه جميعهم بمن فيهم رفيق دربه الطويل أبو عمار بمثابة القابلة التي ولدت على يديها الثورة الفلسطينية المعاصرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى