أقلام وأراء

خالد هاشم يكتب – كالرّعد والهدوء .. كيف تبدو جولات المصالحة الفلسطينية ؟

خالد هاشم – 21/10/2020

بعد مقارعة الرؤوس منذ 2007، وبعد أن أقسم الطرفان على جدران الكعبة، لماذا تبدو المصالحة هذه المرة قد تؤدي إلى علاقة رسمية بين الطرفين، وما الذي يدفع الجمهور إلى التفاؤل؟ تعنّتت كلّ من حركتي فتح وحماس طوال الـ14 عامًا الماضية بمطالبهم وشروطهم، حتّى أنهم حين اتفقوا أكثر من مرة على تطبيع العلاقات بين الطرفين وأقسموا على ذلك.. انتقضت؛ الأمر الّذي دفع بالشعب الفلسطيني في غزة والضفة إلى إيمانهم التّام بأن أية جولة مفاوضات حول مصالحة فلسطينية – فلسطينية محتملة قادمة ما هي إلا حقنات مخدّرة، لمنع هبّة شعبية تطالب الطرفين إما بالتنحي أو إجراء انتخابات وخطوات حقيقية.

ولكن في هذه الجولة، ربّما يبدو الأمر مختلفًا نوعًا ما، فالأمور آخذة إلى انتكاسة سياسية لا يمكن الخروج من آثارها إلّا بعد أن تختل أجزاء الدّولة المختلّة أصلًا. فإذا ما قسنا ظروف الطرفين، فتح في ورطة كبيرة، فحجز أموال المقاصة يداهمها من جهة، مقابل الجهة التي يداهمها تسارع الدول العربية إلى التطبيع مع الكيان المحتل منها. فانحيازها إلى المثلث الخليجي (الإمارات، والسعودية، والبحرين) لم يشفع لها أن دولتين من أركان المثلث طبّعتا علاقاتهما مع دولة الاحتلال في ظرف شهر واحد فقط، وبالتّالي فإنها ستفقد دعمًا سياسيًا، وماليًا، ومعنويًا مهمًا لها.

هجوم الأمير بندر بن سلطان عليها وهو شخصيّة رسمية، كان سفيرًا للمملكة السعودية في الولايات المتحدة، دليل قوي ورسالة واضحة على تنصّل القواعد العربية ذات القرار المهم عن السلطة الوطنية ومنظمة التحرير.

وتمهيدًا ربّما على أن حركة فتح ستخسر الضلع الأخير في المثلث الذي تحدّثنا عنه وهي السعودية التي يبدو أنّها في طريقها إلى إعلان تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال. لذلك غازل الرئيس محمود عبّاس نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي سيكون مرحّبا بكل تأكيد بخطوات السلطة الفلسطينية دخولها الخانة المنحازة لتركيا كما فعلت حماس منذ تولّي حزب العدالة والتنمية سدة الحكم. الحلف التركي هو الحلف العدو للحلف الخليجي الذي سبق وأن تحدثنا عنه.

فخروج السلطة الوطنية من عباءة الحلف الخليجي، وانضمامها إلى عباءة الحلف التركي الذي يبدو وأنه حلف ثابت صادق مع حلفائه، حيث دعم كل حلفائه سواء في سوريا، أو ليبيا، أو أذربيجان، يمهّد الطريق فعلًا لمصالحة مع حماس. حينما يكون الطرفان تحت غطاء حلف واحد، ستتسارع عملية المصالحة بشكل أوضح. السلطة في هذه الأثناء تحتاج الدّعم التركي، سياسيًا، وماليًا، حيث إن تركيا أصبحت دولة من الدول التي تصنع القرار عالميًا، وبشكل أدق لم تعد قرارات تركيا تصدر من خارج حدودها، أي أنّ قرارتها داخلية، ومتماسكة، وهذا ما تحتاجة السلطة الفلسطينية بالفعل من حليفها.

ربّما مصائب حماس أقل من مصائب فتح، ولكن الوضع الاقتصادي الخانق في غزة أقرب إلى جعل حماس تجثو على ركبتيها. والشعب الفلسطيني في غزة لم يعد يحتمل الأوضاع المعيشية الصعبة. ودعونا نعطِ الجملة تعبيرًا أكثر دقة، حماس اعتادت على الوضع الاقتصادي الخانق فهذا الشيء تعرفه وتعرف كيف تخرج بحركتها عنه. فبعد العلاقات الطيبة مع الجانب المصري، والّذي كان واضحًا أن الطرفين (حماس، ومصر) أجبرا عليه لظروف سياسية ودبلوماسية، أصبح الضغط على حركة حماس أقل من ذي قبل. التصريحات التي تأتينا تباعًا حول جديّة الرئيس عباس، ومحاولة محاربة وصول دحلان رئيسًا لفلسطين، ربّما يعطينا ضوءًا آخر حول المصالحة الفلسطينية ومدى صدقها. ويظل ما ذكرناه حول جولات المصالحة تكهّنات استشففناها من تحليل للصورة الفلسطينية العامة. فهل تنجح المصالحة الفلسطينية هذه المرة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى