حيمي شليف / نتنياهو وترامب عدوين داخليين للديمقراطية

هآرتس – بقلم حيمي شليف – 23/5/2018
مفهوم “ديمقراطية محاربة” صك على يد المحكمة الدستورية الفيدرالية في المانيا، والتي انشئت بعد الحرب العالمية الثانية كعبرة لانهيار جمهورية فايمر. الحلفاء الذين احتلوا المانيا في الحرب العالمية الثانية فرضوا فعليا انشاء المحكمة، التي شكلت حسب نموذج نظيرتها الامريكية. لقد اعتقدوا أن فعالية قضائية نشطة هي الوسيلة الاكثر فاعلية للحفاظ على الحرية والديمقراطية من اعدائها.
في اسرائيل تم تبني التعبير البديل “ديمقراطية دفاعية”، بالاساس في سياق الحرب ضد الارهاب وشطب قوائم مرشحين للكنيست. عندما كان الانقلاب الديمقراطي للحزب النازي في الثلاثينيات يقف أمام عينيه، فان قاضي المحكمة العليا يوئيل زوسمان اعتبر في 1964 حق الديمقراطية بالدفاع عن النفس مبدأ يقف فوق الدستور نفسه. المادة 7أ في قانون الاساس: الكنيست، الذي يلغي مشاركة قوائم تحرض على العنصرية وتعارض وجود اسرائيل أو تؤيد النضال المسلح ضدها، يعبر كما يبدو عن تصميم الديمقراطية الاسرائيلية على اقامة سور حصين امام اعدائها، الذين يريدون اقتحامها من الخارج.
احداث الفترة الاخيرة تثير مخاوف، مع ذلك، بأن الديمقراطية الدفاعية يوجد فيها نقص منسوب بشكل عام للجنرالات: انها تستعد للحرب السابقة وليس الحرب التي تقف على ابوابها. في حين أنها تركز على التهديد المتمثل بأن حركات متطرفة ستخترق من الهوامش الى الوسط مثل النازيين في المانيا والفاشيين في ايطاليا، فان الديمقراطية الدفاعية تتجاهل الخطر الذي يحدق بها من أعدائها في الداخل، الذين منذ زمن يعيشون فيها بأمان. اسرائيل والولايات المتحدة هي امثلة ساطعة على هذه الظاهرة.
هناك يدور الحديث حقا عن حرب خاطفة، فجائية يديرها دونالد ترامب، وهنا يدور الحديث عن حرب استنزاف طويلة بقيادة بنيامين نتنياهو، لكن اهدافهما واساليبهما والظروف التي تمكن من نجاحهما متشابهة بشكل مدهش. الاثنان يستندان الى قاعدة وطنية راديكالية تحتقر الديمقراطية الليبرالية وتطالب بولاء مطلق للزعيم. كلاهما يستغل معاقل قوته من اجل تحويل حزبه من منصات فكرية مستقلة الى ظهور متواصل للتملق والاستخذاء. كلاهما ينكلان بسلطة القانون ويريدون تدجين المحاكم لاسباب ايديولوجية وشخصية. كلاهما ينقضان على وسائل الاعلام الحرة، بمساعدة مراسلين مجندين ينشرون اكاذيبهم، من خلال اطلاق النار بصورة استحواذية على مركبة زملائهم في المهنة.
رغم أن العديدين يفضلون تجاهلها، إلا أن العنوان يرتسم يوم بعد يوم على الحائط. محللون سطحيون تنبأوا أول أمس بازمة دستورية خطيرة بعد تجاوز ترامب لصلاحياته وأمر وزارة العدل بفتح تحقيق هدفه التشويش على استيضاح علاقاته مع روسيا. لقد فوجئوا لاكتشاف أن موظفيه استجابوا وحزبه صم الآذان. اسرائيليون كثيرون، الذين هم على قناعة باستقامة واستقلال اجهزة القضاء، يجدون صعوبة بنفس القدر في مواجهة مستشار قانوني للحكومة يستمر في الالتقاء سرا مع رئيس حكومة متهم بمخالفات جنائية، وكذلك يعمل دون تشويش على تعيين مفتش عام للشرطة التي تحقق معه.
سلطة القانون والمساواة امامه هي من اساسات الديمقراطية الدفاعية، لكن سلوك ترامب ونتنياهو يدل على أسسها المنهارة والمتناقضة والضعيفة. في عصر الشعبوية الوطنية المحمولة على منصات مستقلة للاعلام الاجتماعي لا تكفي التوازنات والضوابط للديمقراطية الدفاعية، وربما أنها لم تكن موجودة في يوم ما. إن وجود وصحة الديمقراطية يرتبط بالمقام الاول بمعايير سلوك وموافقة كل الاطراف، لا سيما زعمائها، على التصرف وفقا لها. عندما يقرر هؤلاء تحطيم الادوات بضجة فان اسوار الديمقراطية يمكن أن تسقط.