ترجمات عبرية

حيمي شليف – خيار الأتروج لنتنياهو (الحصانة من النقد)

هآرتس – مقال – 30/1/2019

بقلم: حيمي شليف

الحكمة التقليدية في اوساط معارضي نتنياهو مروعة جدا: سيفوز في الانتخابات، وسيشكل من جديد الائتلاف المتطرف وغير الديمقراطي وسيبدأ بحملة من التشريع والتطهير التي تستهدف انقاذه من مشاكله القانونية. شرط اول لتجسيد هو فوز حاسم لليكود: كل مقعد آخر سيساعد على تهدئة خوف نتنياهو الشديد من محاولة الرئيس رؤوبين ريفلين القاء مهمة تشكيل الحكومة على مرشح آخر، وفي نفس الوقت اعطاء قوة زائدة لتصريحه المتوقع بأن نتائج الانتخابات هي بمثابة اهتمام عام يعطيه التفويض لاجتثاث خصومه.

من اجل تحقيق هدفه، سيحاول نتنياهو تكرار الانحراف الحاد نحو اليمين الذي مكنه من تشكيل ليكود كبير في الانتخابات السابقة من خلال “سحب المقاعد” من خصومه في اليمين. هذه المرة، مع ذلك، الحديث يدور عن مخاطرة متزايدة: تكبير الليكود في وقت الانقسام في اليمين يمكنه أن يسقط جزء من الاقمار التي تدور في فلكه الى ما تحت خط الحسم والمس باحتمالات نتنياهو في تشكيل ائتلاف يميني مهيمن، يدعم جهوده للخلاص من رعب المحاكمة. في هذا السيناريو سيضطر نتنياهو الى التوجه الى الوسط من اجل تشكيل حكومة يمين معتدلة، التي معها سيجد صعوبة في ادارة حرب تدميرية ضد محققيه والمدعين ضده. المحللون سيعتبرون ذلك انتصار باهظ الثمن، على صيغة اذا اردت الامساك بالكثير فلن تمسك شيئا. ولكن ليس مؤكدا أن نتنياهو يتفق معهم على ذلك.

الدليل على ذلك سنجده في النبأ الذي نشر مؤخرا في موقع “واللاه” الذي يقول إن السفير الامريكي ديفيد فريدمان قال في محادثة مغلقة إن الادارة الامريكية تنوي تقديم خطتها للسلام بعد الانتخابات مباشرة دون انتظار تشكيل الحكومة الجديدة. التوقيت الغريب ظاهريا، يشير الى محاولة الادارة الامريكية التأثير على تشكيل الحكومة القادمة وجعلها تميل الى الاعتدال – النبأ الذي لم يكن لينشر دون موافقة نتنياهو الصريحة.

نتنياهو توسل للادارة الامريكية بعدم نشر خطتها قبل الذهاب الى صناديق الاقتراع، خوفا من أن كل شيء، باستثناء الرفض المطلق الذي لا يخطر بباله – سيسمح بخصومه من اليمين النبش في اخطائه السابقة، بدء من تبني اتفاقات اوسلو وحتى خطاب بار ايلان من اجل ابعاد مصوتي اليمين الواضحين الى احزاب ستحافظ عليه. نفس الديناميكية تسري ايضا بعد نشر النتائج النهائية. فهي ستصعب عليه تشكيل حكومة يمين متطرفة وستفرض عليه التوجه الى الوسط، بذريعة أن الامر يتعلق بحكومة تسعى الى السلام.

إن منطق هذا التكتيك مخبأ في ثنايا روحه المتناقضة. وعرضه مثل قوزاقي مسلوب ومطارد من قبل اليسار بسبب رفضه صنع السلام ربما بدأ كموقف، لكنه تحول مع مرور الوقت الى ايمان داخلي متقد. نتنياهو واصدقاءه من اليمين يعتقدون في اعماقهم أن الجهاز القضائي ينكل بمن يحبون ارض اسرائيل ويحابي أعداءها. اريئيل شارون هو المثال الواضح على ذلك: الانفصال كان الاخطبوط الذي دفعه شارون لليسار مقابل انقاذه من قضية “الجزيرة اليونانية” وقضية “سيريل كيرن” اللتان اتهم فيهما مثل نتنياهو بتلقي الرشوة.

مع انسداد طرق هرب اخرى فان سابقة شارون يمكن أن تغري نتنياهو. التدخل الامريكي هو وسيلة لاستنساخه. وهي تشير الى احتمالية أن هدفه النهائي ليس محاربة مؤامرة اليسار ضده كما هو متوقع ويتم التعهد به، بل الخضوع له والاستجابة لمطالبه. مع القليل من المساعدة في البيت الابيض فان نتنياهو يريد ليس فقط أن ينتخب من جديد لرئاسة الحكومة، بل أن يحفظ لنفسه خيار التحول، مثل شارون، الى الأترج المحمي الذي يحافظ عليه اليسار ممن يطاردونه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى