أقلام وأراء

حمادة فراعنة يكتب –  مصيبة المستعمرة

حمادة فراعنة – 7/9/2021

«الضم هو نهاية الحلم الصهيوني، في هذه المرحلة المنظورة لا يوجد ضم، ولكن يوجد ضم زاحف، ضم في ظل تخدير جماعي، بحيث أن إسرائيل الصهيونية القومية اليهودية الديمقراطية لا يمكنها ولا ينبغي لها أن تحتفل بالضم، أو أن تسعى له، على العكس من ذلك ينبغي لها أن تعرض بديلاً عن الوضع القائم، صحيح لا يمكن إقامة دولة فلسطينية أو إجراء الانسحاب، لأن الانسحاب سيؤدي إلى ما حصل في لبنان، وفي أفغانستان، وفي غزة: سيطرة حزب الله وطالبان وحماس، الضم ليس حلاً، والديمقراطية مصيبة».

هذا ما قاله، وما كتبه «بن ترور ياميني» في مقالة نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية يوم 31/8/2021، تحت عنوان «المشكلة الفلسطينية مصيبة واسمها جمود»، وخلاصتها أن: 1- الضم، أي ضم الضفة الفلسطينية إلى خارطة المستعمرة الإسرائيلية، سماه أو أطلق عليه: «نهاية الحلم الصهيوني»، وأن 2- الديمقراطية أو» الحل الديمقراطي» بقيام دولة واحدة على كامل خارطة فلسطين، دولة ثنائية القومية عبرية عربية، ثنائية الهوية إسرائيلية فلسطينية، متعددة الديانات: يهودية، إسلامية، مسيحية، تحتكم إدارتها إلى نتائج صناديق الاقتراع، وصفها على أنها «مصيبة».

الصراع بين المشروعين: المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي يقوم على مفردتين، لا ثالث لهما، هما: الأرض والبشر، استطاعت المستعمرة احتلال كل الأرض لأنها الأقوى ولديها عوامل قوة مساندة تفوق قدرات الشعب العربي الفلسطيني والقوى المساندة له، ولكن المستعمرة بكل ما ملكت من قوة وعنف ووسائل تهجير وتطهير، لم تتمكن من طرد وتشريد كل الشعب الفلسطيني عن وطنه، وفشلت استراتيجياً في برنامجها ومخططاتها لإنهاء وجود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه، تمكنت من طرد نصفه، ولكنها أخفقت في تهجير وتطهير وتشريد نصفه الآخر، وبات شعباً على أرضه وليس مجرد جالية صغيرة ضعيفة، هذا هو السبب الجوهري الذي دعا الكاتب «بن ترور ياميني»، إلى التوضيح، إلى التحذير، إلى تحديد المخاطر الجوهرية الكامنة في الوجود البشري العربي المعيق لاستقرار وأمن مشروعهم المفروض عنوة على أرض فلسطين، كما هي التجربة الأميركية.

العنصر الأبيض الأوروبي تمكن من غزو أميركا وتصفية أربعين مليون هندي أحمر، ولكن العنصر الأوروبي الاشكنازي الصهيوني لم يتمكن من تصفية كامل وجود الشعب الفلسطيني على أرضه التي لا أرض، ولا وطن، ولا خلاص له بغيرها، والحفاظ على مفتاح البيت في حيفا وعكا واللد ويافا والرملة وبيسان وبئر السبع على صدر الأمهات، أو معلقاً على صدر بيوت الفلسطينيين في مخيمات عين الحلوة وصبرا وشاتيلا في لبنان، واليرموك في دمشق، وثلاثة عشر مخيماً في الأردن: خمسة حصيلة النكبة عام 1948، وثمانية مخيمات حصيلة النكسة عام 1967.

فلسطينيو الداخل، أبناء الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة رفعوا شعاراً ما زال ثابتاً مستقراً عنوان كرامتهم ووطنيتهم في مخاطبة الإسرائيليين سكان المستعمرة من القادمين من الخارج يخاطبونهم: يوم استقلالكم، يوم نكبتنا.. وسيبقى كذلك حتى تنتهي النكبة وتبعاتها، ويزول مظاهر استقلالهم ويتلاشى.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى