حمادة فراعنة يكتب – فشل المبادرة الأميركية
حمادة فراعنة * – 7/8/2018
سرّبت مصادر أميركية تأجيل الاعلان عن مبادرة الرئيس ترامب لتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي التي حملت عنوان « صفقة العصر « وفق ما أُطلق عليها، ويعود التأجيل لأسباب اجرائية لها علاقة بانتخابات دورة الكونغرس التكميلية شهر تشرين ثاني المقبل، وتوقع اجراء الانتخابات النيابية للمستعرة الاسرائيلية كما يُخطط نتنياهو في شهر أذار 2019، وقد يكون ذلك صحيحاً، وحجة مقبولة، وغطاء مبرراً لتأجيل الاعلان، فالصفقة والمبادرة لا تحمل الى الآن صفة وثيقة يمكن تقييمها لرفضها أو قبولها، ولكنها مجرد أفكار متداولة، تكمن خطورة تطبيقاتها ما يجري على الأرض بعد الاعتراف بالقدس للمستعمرة الاسرائيلية ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، والتعامل مع قضية اللاجئين من زوايتي تجفيف الموارد المالية عن وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين الأونروا، وتقليص عدد اللاجئين ليقتصر عددهم على أولئك الذين شُردوا من فلسطين 1948، بدون أن تنطبق صفة اللجوء على أولادهم وأحفادهم، وبهدف ذلك كله الى شطب قضيتي القدس واللاجئين عن جدول المفاوضات المقبلة اضافة الى تثبيت شرعية المستعمرات وتمييع حدود التسوية كي لا تكون حدود 4 حزيران 1967.
التأجيل وقع ولكن الأسباب الجوهرية الكامنة وراء عملية التأجيل تعود الى رفض القيادة الفلسطينية التعاطي مع الأفكار الأميركية ورفض اللقاء مع ممثليها وهما : 1 – مستشار الرئيس ترامب كوشنير، و 2- مفوضه جرينبلات ، وهذا السبب الجوهري لعملية الفشل ولاجراءات التأجيل، أما السبب الثاني فيعود للموقف الأردني الذي رفض مضمون المبادرة وتوجهاتها لأنها تشكل مساساً بالمصالح الوطنية الأردنية، وتتعارض مع التزامات الأردن نحو فلسطين، ولأنها تمس بقرارات الأمم المتحدة، ولا تتطابق معها.
ولذلك وعلى الرغم من العلاقات الأردنية الأميركية الموصوفة بالاستراتيجية، ورغم معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية، فقد سجل الأردن أنه كان رأس الحربة السياسية لمواجهة « صفقة العصر « ولدعم الموقف الفلسطيني واسناده، وقد تم ذلك من خلال مبادرة الأردن بعقد الاجتماع الطارئ وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم 8/12/2017، والاشتراك في الدعوة مع الرئيس أردوغان لعقد القمة الاسلامية الطارئة في اسطنبول يوم 13/12/2017، ومبادرة مجلس النواب الأردني لعقد اجتماع الاتحاد البرلماني العربي في الرباط يوم 18/12/2017، والمشاركة مع الكويت لعقد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/12/2017 في نيويورك، وحصيلة ذلك رفض التوجهات الأميركية وتوجيه لطمات سياسية متتالية لادارة الرئيس ترامب التي وقعت بالحرج بسبب سلسلة الاجتماعات العربية والاسلامية والدولية الرافضة لخطة ترامب ذات المضمون الاسرائيلي الفاقع.
اضافة الى موقفي فلسطين والأردن، فقد سجلت نتائج القمة العربية برئاسة العربية السعودية في الظهران يوم 15/4/2018، موقفاً اضافياً من خلال البيان الصادر عن القمة الذي سجل النقاط السبعة الأولى ( من واحد الى سبعة ) من أصل 29 نقطة حين أعطت الأهمية لقضية فلسطين واعتبارها مركزية بالنسبة للأمة العربية كما جاء في البند الأول، وبطلان وعدم شرعية القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة للمستعمرة الاسرائيلية، كما نص البند الثالث، والمطالبة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس وفق البند السادس، والمطالبة بتنفيذ قرار المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو الصادر عن الدورة 200 بتاريخ 18/10/2016 حول الانتهاكات الاسرائيلية التي تطال المسجد الأقصى.
الشغل الأميركي الأن بعد فشل جرجرة القيادة الفلسطينية الى مربع صفقة العصر ورفض التعاطي معها وعدم استقبال ممثليها وتسويقها الثنائي كوشنير وجرينبلات ينصب الاهتمام الأميركي في البحث عن محاولة اقتناص حركة حماس عبر المبادرة المصرية وتحركات ممثل الأمم المتحدة نيكولاي ميلادنيوف لخلق وقائع جديدة على قاعدة التهدئة بين غزة وتل أبيب، ومحاولة تدجين حركة حماس كما فعلوا مع حركة فتح، بخلع أنيابها وتقليم أظافرها، فهل يفلحون ؟؟ هذا ما سوف تكشفه الأيام المقبلة.
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والاسرائيلية