أقلام وأراء

حمادة فراعنة يكتب – استنفدت المعاهدة أغراضها

حمادة فراعنة – 20/8/2020

لفت انتباه الرئيس هاني الملقي استعمالي تعبير أن المعاهدة الأردنية الإسرائيلية «استنفدت أغراضها»، سألني ماذا تقصد؟؟ أجبت: علينا بداية استحضار الظروف السياسية والعوامل الضاغطة التي صنعت معاهدة السلام أردنياً وإسرائيلياً وأميركياً.

الرئيس بوش التقط حينذاك  ربط صدام حسين الانسحاب من الكويت بالمطالبة بحل مشاكل المنطقة مجتمعة، وربط الانسحاب من الكويت مع الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967، في محاولة منه لتحقيق مكسب سياسي ثمناً لصموده على الجبهة الإيرانية، وعدم الظهور بالتراجع عما فعله مع الكويت،  وحينما هُزم العراق في الكويت على يد التحالف الدولي بقيادة الأميركيين بادر بوش في آذار 1991 بالدعوة لعقد قمة مدريد في تشرين أول 1991، واستثمر مناخ الهزيمة العربية التي طغت على المشهد السياسي، ووظف فكرة صدام حسين لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، بعد دمار العراق وحصاره والنيل منه.

أما الأردن فقد تعرض لحصار سياسي واقتصادي بسبب عدم مشاركته في حفر الباطن لأنه كان يرى في العراق رصيداً وقوة للعرب في مواجهة العدو الإسرائيلي، وتمسكه بالحل العربي لانهاء احتلال العراق للكويت.

وإسرائيلياً كانوا في نشوة إزاحة العراق عن طريقهم كقوة عربية في مواجهتهم، فكانوا مستعجلين لتوظيف نتائج الحرب المدمرة على العرب، وتطلعوا لتحقيق القفزة الثانية في اختراق الجسم العربي بعد كامب ديفيد 17 سبتمبر 1978،، وإزالة لاءات الخرطوم لا صلح لا انفراد لا اعتراف بالمستعمرة الإسرائيلية.

توصل الأردن مع المستعمرة إلى جدول أعمال المفاوضات في شهر كانون أول 1992، وعلق التوصل إلى اتفاق حتى لا ينفرد بالحل، وبعد أن توصل الفلسطينيون إلى اتفاق أوسلو في أيلول 1993، تم إعلان واشنطن الثلاثي يوم 25 تموز 1994، وتوقيع معاهدة السلام في 26/10/1994.

تضمنت معاهدة السلام ثلاث نقاط هامة لصالح الأردن هي:

1- المادة الثانية تتضمن عدم ابعاد الفلسطينيين إلى الأردن كما حصل في نكبة 1948، ونكسة 1967 ونصت على ما يلي حرفياً: «يعتقدان أن تحركات السكان القسرية ضمن نفوذهما… يؤثر سلباً على الطرفين ينبغي أن لا يُسمح به» ولذلك وقعت عمليتي إبعاد الأولى إبعاد أربعمائة مناضل فلسطيني إلى جنوب لبنان، والثانية إبعاد معتصمي كنيسة المهد في بيت لحم إلى إيطاليا وإسبانيا.

2- المادة الثالثة تم ترسيم الحدود بين الطرفين شمال الضفة الفلسطينية وجنوبها، وتم الاتفاق على تعليق الحدود بين الأردن والضفة الفلسطينية حتى المفاوضات النهائية ونص البند رقم 2 من المادة الثالثة المتعلقة بالحدود على ما يلي: «تُعتبر الحدود الدولية الدائمة والآمنة والمعترف بها بين الأردن و(المستعمرة) من دون المساس بوضع أية أراضي دخلت تحت سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي سنة 1967».

3- المادة التاسعة والمتعلقة بأحقية الإشراف الأردني على المسجد الأقصى نصت على ما يلي بند 2: «بما يتماشى مع إعلان واشنطن، تحترم (المستعمرة) الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستولي (المستعمرة) أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن».

الفريق الثُلاثي المتنفذ لدى حكومة المستعمرة والمكون من: 1- اليمين، 2- اليمين السياسي المتطرف، 3- اليهودي المتدين المتشدد، يرى أن ما تضمنته المعاهدة يقف عائقاً لاستكمال بلع الضفة الفلسطينية، والسيطرة على المسجد الأقصى وتهويد بعضه، وإبعاد قسري للفلسطينيين وجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها، وهم يرون أن الإنجازات التي تحققت لهم، جعلت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية أنها استنفدت أغراضها والمعطيات الإسرائيلية الحالية تجاوزت العوامل التي صنعتها.

3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى