أقلام وأراء

حمادة فراعنة يكتب – أصل البلاء

حمادة فراعنة 

أيام مُرة قاسية مرت على الشعب العربي الفلسطيني، وعلى أمته العربية، وامتداداته الإسلامية والمسيحية، ولكن الثاني من تشرين الثاني عام 1917، هو الأسوأ والأكثر سواداً، لأن تداعياته هي التي صنعت النكبة عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956 واحتلال ما تبقى من فلسطين مع سيناء والجولان وجنوب لبنان عام 1967، ولا يزال.

الاستعمار البريطاني، أساس البلاء والعدوى والأذى الذي اجتاح بلادنا، وقسمها، ومرر علينا مفردات اللاجئين والنازحين عبر دعمه للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وإسناده بقراراته بدءاً من وعد بلفور وكل إجراءات السماح لليهود الأجانب بالتوطين على أرض فلسطين العربية، وسلبها حقها وحريتها وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية، والعمل على تهويدها وأسرلتها وعبرنتها عبر مشروعهم الصهيوني الاستعماري.

ولم يتوقف ذلك عند الاستعمار البريطاني أساس البلاء بل امتد إلى فرنسا التي زودت المستعمرة بأسلحتها التقليدية والنووية ومكنتها للمشاركة في العدوان الثلاثي عام 56 والتوسع عام 67، لينتقل الحدث والدعم إلى ألمانيا التي زودت المستعمرة بالطاقة البشرية من الهاربين الألمان اليهود من مذابح النازية ومحرقتها، لتنتقل لدفع التعويضات المالية التي أسهمت ببناء الاقتصاد المتمكن المتطور على أرض فلسطين على حساب شعبها الذي وقع تحت نيران الإبعاد والتهجير لنصفه، والاحتلال والحكم العسكري لنصفه الآخر، وما زال.

البلدان الأوروبية الثلاثة أسهمت بالولادة والبناء والتطور للمشروع الصهيوني، لينتقل كاملة في تبني الإدارات الأميركية المتعاقبة لمجمل المستعمرة وسياساتها ومشاريعها وتوسعها وتسليحها وتقديم 3.8 مليار دولار سنوياً لها لغاية 2028.

شعب فلسطين يعيش قسوة الاحتلال والتدمير وتغيير المعالم ويُقدم نماذج من التضحيات من الشهيد المعاق إياد الحلاق إلى ماهر الأخرس الذي سيدخل التاريخ مسجلاً رقماً قياسياً في الإضراب عن الطعام ثمناً لحريته، بعيداً عن رفضنا للاحتلال ومشروعه، ولكنني أسأل هل ثمة إنسانية لدى البشرية جمعاء وخاصة العرب والمسلمين والمسيحيين وهم يتابعون صلابة هذا الرجل الاستثنائي وهو يواجه جلاديه بهذه العزيمة، وباستهتار استثنائي من قبل حكومة المستعمرة، بلا أدنى حس إنساني، وهو غير مرتكب أي جُرم ولا تستطيع مؤسسات الاحتلال وأجهزته الأمنية تقديمه للمحاكمة بدلالة أنه موقوف إدارياً من الفاشي الحاكم العسكري، ولا يملك أدلة لتقديمه للمحاكمة حتى لمحاكمة عسكرية صورية.

نجزع، ينتابنا القهر ليس فقط من عدونا الذي لا يرحم، وخال من أي حس إنساني، عديم الأخلاق، فاقد للقيم البشرية، بل ومن بعض الأشقاء أو الأصدقاء الذين لا يتوقفون أمام مسؤولياتهم نحو ما تتعرض له فلسطين وشعبها ومقدساتها، وكأنها ليست مقدساتهم وأولى قبلتهم ومسرى سيدنا محمد ومعراجه، وولادة السيد المسيح وقيامته، وكأنها مفردات شعر، ومنثور غرام لا يتوقفوا أمام دلالاتها وقيمتها ومعانيها.

نعم نحزن، نجزع، ننقهر لما يجري وكأننا بلا مرجعية حينما نرى عشرات الآلاف من المحتجين في بلاد العالم رفضاً للأذى الذي يمس الإسلام والمسلمين، ولا يتحرك العالم للدنس اليومي للمسجد الأقصى وما يتعرض له من مس وإهانة وما يتعرض له موظفي وزارة الأوقاف الأردنية من اعتقال وإبعاد عن مسجدهم الذي يعملون على خدمته يومياً؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى