أقلام وأراء

حكومة إسرائيلية أم متاهة جديدة ؟

أكرم عطا الله – 11/4/2021

مناورات نتنياهو على وشك النفاد، هذا ما يشير إليه واقع بداية جس النبض مع أحزاب استفادت الدرس من متاهة الجنرال غانتس الذي أسقطه نتنياهو في حباله وألقى به كخرقة بالية، نفتالي بينيت يكفيه فقط لتعبئة جزء من الحمولة لكنه لن يستطيع الإقلاع، أما بني غانتس الذي عصره نتنياهو كليمونة لن يفعلها ثانية، فيما ساعر يبدو كأنه يصفي حساباً طويلاً مع نتنياهو الذي كان قد أهانه العام الماضي حين ترشح منافساً على رئاسة الليكود.

المناورة مع ساعر فشلت، وكان نتنياهو يراهن على استمالته أو حتى استمالة عضوين من حزبه باعتبار أن المطلوب للانشقاق هو ثلث القائمة، فقد أرسل نتنياهو اقتراحاً لتقييد فترة رئاسة الحكومة بولايتين معتقداً أن في ذلك ما يغري رئيس قائمة الأمل الجديد فيما لو قبلها وأصبح نائب رئيس وزراء أو وزيراً للدفاع أو الخارجية، وباعتباره كان المنافس الوحيد لنتنياهو في الحزب من الممكن أن يعود لليكود ويصبح الوريث الطبيعي مثلاً، لكن رد ساعر كان قاطعاً بأن وجهة حزبه ضد الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو بصرف النظر عن أي شيء فيما سخر أحد أعضاء الحزب من نتنياهو وغانتس معاً عندما رد قائلاً: «هذه نوعية الحلول التي يحبها، غانتس يمكنه إخبارك بما يحدث».

الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين كلف زعيم الليكود بعد أربعة انتخابات تمت في العامين الأخيرين. وفي الثلاث التي سبقتها كان يتم تكليف بنيامين نتنياهو لكن حكوماته كانت بأرجل خشبية تسقط مع أول هزة، ومع كل جولة انتخابية كان يزداد الاستعصاء الحاصل في النظام السياسي والذي يسببه نتنياهو إلى أن وصل إلى محطة كان شعارها «إما أن يبقى أو يسقط نتنياهو» ولكنه أيضاً فاز بما يشبه الهزيمة وعليه أن يشكل حكومة في ظرف أكثر صعوبة من المرات السابقة.

كل سيناريوهات تشكيل حكومة تبدو مستعصية منذ أن ظهرت النتائج الأولية صباح الرابع والعشرين من آذار الماضي ليس على نتنياهو فقط بل أيضاً مستعصية على خصومه أيضاً، ولسوء حظ منصور عباس وقائمته الإسلامية المستعدة للذهاب بعيداً مع نتنياهو دون الاستفادة من درس غانتس فإن نذر الصهيونية الدينية التي تضم أكثر عنصريي إسرائيل والذين يطالب جزء منهم بترحيل العرب ليسوا مستعدين للتواجد في حكومة تحظى بتأييد عربي واحد، وقد حاول نتنياهو إقناعهم لكن موقفهم الأيدلوجي غير قابل للنقاش ليتسببوا بانتكاسة لحلم نتنياهو وحلم منصور عباس أيضاً.

أما خصومه فإن المسألة أبعد. فهم أيضاً يحتاجون إلى العرب ولا أحد منهم على استعداد لتشكيل حكومة معهم «تلك تكشف الثقافة السياسية الإسرائيلية».

ويطمح يائير لابيد بالنهاية لاستمالة حزبي شاس ويهدوت هتوراة إلى جانبه ولكن هذا لا يبدو خياراً سهلاً ويكشف عمق الأزمة لدى الذين يقفون في مواجهة نتنياهو، وتلك أزمة باتت الشيء الثابت  لنظام سياسي غير مستقر.

بعد انتفاء الفروقات السياسية بين أقطاب السياسة في إسرائيل مع وصول كتلة اليمين فيه إلى 72 مقعداً كان يجب أن يسهل ذلك تشكيل الحكومة اليمينية، ولكن مع الإجماع على الاحتلال والاستيطان اختلفت أدوات التنافس وشعاراتها وأسبابها وطبعتها ليصبح وجود نتنياهو أو عدمه هو الهدف الوحيد لكل المتنافسين، وأيضاً دخل أو أنجر العرب إلى هذا الصراع انقسموا بين كتلة واحدة هدفها إسقاط نتنياهو «المشتركة» والأخرى بقيادة عباس للتحالف مع نتنياهو «الموحدة» وهكذا يمكن تلخيص أزمة النظام السياسي بشخص نتنياهو.

هكذا يمكن القول وأبعد من ذلك يمكن القول إن انزياح رفض وجود العرب كشركاء في الحكومة هو السبب الرئيس لنظام فاسد ليس بالمعنى القانوني بل بالمعنى الأيدلوجي.

في محاولات البحث عن مخرج لمأزق بات جزءا من القائم في إسرائيل يجري تداول تعيين نتنياهو في منصب الرئاسة الذي يستعد ريفلين لمغادرته في حزيران القادم، وفي هذا ما يمكن أن يرضي نتنياهو ويحميه من المحاكمة وهو ما يريده ويفك عقدة الحكومة لكن ما زالت هناك عقبتان أمام هذا الإجراء، الأولى طبيعة التصويت السري الذي لا يشكل ضمانة لفوز نتنياهو، والمسألة الأخرى أن ذلك لا يضمن التحصين بأثر رجعي عن مخالفات ارتكبت قبل تسلمه المنصب، ويسعى البعض إلى تغيير بعض القوانين ولكن لا أحد يعرف موقف نتنياهو حتى اللحظة وهو الرجل الذي يحسب بأدق التفاصيل وأن تمت ستكون سابقة انتخاب رئيس فاسد، فهل يمكن أن يمر الأمر؟ النقاشات العامة لا ترجح ذلك فقط  هناك بعض اشارات..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى