حسين أبو الهيجاء: الفصل الأهم من هرمجدون (6) القسم الثاني:اجتماع سري للبرلمان التركي

حسين أبو الهيجاء 18-10-2024: الفصل الأهم من هرمجدون (6) القسم الثاني:اجتماع سري للبرلمان التركي
حسين أبو الهيجاء: الفصل الأهم من هرمجدون (5): القسم الأول اللعب ع المكشوف أردوغان يحذر
.. في كلمته أثناء الجلسة الافتتاحية لدورة البرلمان التركي الجديدة، في الفاتح من اكتوبر 2024م، قال الرئيس التركي اردوغان، وبكلمات صريحة ومباشرة “وللمرة الاولى” ما نصّهُ :(أن الإدارة الإسرائيلية، التي تتحرك من منطق هذيان الأرض الموعودة، وتعتمد بالكامل على التعصب الديني، تضع الأراضي التركية نُصب عينيها، بعد فلسطين ولبنان، وكل الحسابات تدور الآن حول هذا الموضوع، ومن الواضح أن حكومة نتنياهو، تسعى وراء حلم باطل يشمل الاناضول، وتُلاحقه أوهام الدولة الكاملة، التي أفصحتْ عن نواياها في مناسبات عديدة) ..
لم يكن كلام اردوغان هذا عبثياً، او محض هواجس وسيناريوهات، ولا حشوَ كلام للإعلام، ذلك لأنه كرر ذات الأمر لاحقاً في كل مناسبة، وفي كل ظهور إعلامي له..
وأردف قائلاً أمام أعضاء البرلمان: (وفي كل تطور منذ 7 اكتوبر، يزيد حجم هذا التهديد..، إذ كانت فلسطين ولبنان غير آمنتين، فهل تعتقدون حقاً أنكم ستكونون في آمان. ونحن نرى في كل تصريح مُتعجرف، أن العدوان الإسرائيلي يشمل تركيا أيضاً؟!، نحن لسنا في أمان، لكننا سنواصل مواجهة هذا العدوان وهذا الإرهاب بكل إمكاناتنا، من اجل وطننا، وأمتنا، واستقلالنا)
وذهب الرئيس التركي إلى استحضار الدين والتاريخ في تحليل خطط إسرائيل وأمريكا، حيث قال: (يتم تنفيذ خطة خببثة في منطقتنا، لا تقتصر على غزة والضفة الغربية ولبنان، ليس من الضروري أن تكون عرّافاً لتدرك الهدف النهائي لهذه الخطة، فكل من يعرف التاريخ والسياسة والدين، يمكنه بسهولة إدراك الرابط بين هذه القضية ووهم الأرض الموعودة)!!
تصريحات أردوغان تلك، إضافة إلى معلومات سرية واخرى علنية، قدمها وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، إلى النواب الأتراك حول الخطر الإسرائيلي، دفعت إلى عقد جلسة مغلقة وفي غاية السرية للمجلس النيابي التركي، قيل إنه لن يتم الكشف عما نوقش فيها، لمدة عشر سنوات؛ باعتبارها من أسرار الدولة!
لكن يمكن القول إن هناك سببان مهمان دفعا الرئيس للإدلاء بتصريحاته تلك، والإفصاح عن مخاوفه، وهي ذاتها التي دفعت النواب للانعقاد:
1 – الأرض الموعودة.
خريطة (الأرض الموعودة) التي بات يرتديها جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، تتضمن أراضي تركية، إلى جانب أراضي دول أخرى، لا تتوقف عند فلسطين و الاردن وسوريا ولبنان، فأردوغان يعلم أن المسؤولين الإسرائيليين الذين لا يترددون في الإفصاح عن أهدافهم، يشنون حرباً على غزة ولبنان وسوريا وإيران لتحقيق تلك الأهداف المعلنة، ويرى أن هذا الأمر يتم تطبيقه حاليًا، وأن حكومة الاحتلال ماضية فيه، وهو يعتقد جازماً، أن الاحتلال سيمتد إلى سوريا بعد غزة ولبنان، مما يعني أن هناك مواجهة باتت شبه مؤكدة ، بين إسرائيل وتركيا على الحدود التركية
2 – تنظيم (وحدات حماية الشعب – YPG ) ..
و هو تنظيم قتالي كردي مسلح، نشأ شرق نهر الفرات السوري، قامت امريكا و إسرائيل بتأسيسه و تسليحه و تدريبه و الإشراف عليه، و هو مرتبط بحزب العمال الكردستاني (PKK) ..
يرى اردوغان ان هذا الهيكل القتالي، سيُستخدم كقوة تابعة لوهم الأرض الموعودة، حيث أشار أردوغان في كلمته أمام نواب الشعب قائلًا: (نرى بوضوح كيف يريدون إنشاء دويلات صغيرة تابعة لهم، من خلال استخدام التنظيمات الانفصالية كأداة في شمال العراق وسوريا، مما يؤكد على اعتباره تهديدًا مباشرًا لتركيا)!
* توقع هجوم وحدات حماية الشعب على تركيا ..
تركيا عضو أصيل في حلف النيتو ، لذلك .. قد يكون من الصعب ” مؤقتاً على الأقل ” أن تشن إسرائيل هجومًا مباشراً على تركيا..، فالأمر هنا مختلف عما فعلته مع إيران وسوريا ولبنان، لذلك .. من المتوقع أن يقوم تنظيم وحدات حماية الشعب، وحزب الاتحاد الديمقراطي YPG/PYD ، الذي يضم أكثر من 90,000 مقاتل ، مزودين بأسلحة ثقيلة ، بالهجوم على تركيا ، بالوكالة عن إسرائيل وأميركا !!
فتركيا التي وقفت في وجه تلك التشكيلات الإنفصالية طيلة سنوات الصراع ، تعلم جيداً أن هذا التنظيم الذي يسيطر على منطقة محمية من قبل الولايات المتحدة على الحدود السورية ، ملتزم بالعمل وفق أوامر أمريكا وإسراائيل ، على أمل مساعدته بانجاز حلم إقامة دولة كردية مستقلة في منطقة ” روج افا ” ..
وبالتالي ، فإن استعمال هذا التنظيم ، و التنظيمات الكردية الإنفصالية في الهجوم على تركيا يُعتبر بحكم المؤكد ، و على المدى القريب جداً !!
* إيران ليست حقلاً للتجارب ..
منذ نشوء ما أُطلق عليه ( ثورات الربيع العربي ) ، كان واضحاً أن النظام الايراني و النظام التركي ، يلعبان دوراً وظيفياً مع الادارة الامريكية ، تحت ظل احلام عودة الامبراطورية الفارسية في الاقليم العربي بالنسبة لنظام طهران ، و عودة الخلافة العثمانية بالنسبة لنظام انقرة .. !
فقد استطاعت الادارة الامريكية استعمال النظام الايراني ، في تفكيك الدول العربية و إسقاط أنظمتها ، عن طريق مليشيات مُصنّعة من الاسلام السياسي ، بمذهبيه السني و الشيعي ، و استخدام الإعلام القطري ، عبر أبواق فضائية الجزيرة و أخواتها ، لإظهار المليشيات بثوب المجاهدين الذين سيجلبون الخير و الحرية و الاستقلال و الازدهار للشعوب العربية و الاسلامية ، بعد ان يطيحوا بالأنظمة ( الفاسدة و العميلة ) ، و دفع الشعوب للوقوف خلف تلك التنظيمات .. !
و تجلت النتائج الكارثية لهذا الدور الوظيفي ، في العراق و سوريا و لبنان و اليمن و فلسطين ..
كما تم استخدام النظام التركي لذات الهدف ، في ظل أوهام استعادة الخلافة العثمانية في الاقليم العربي. .. ، و ايضاً شاهدنا نتائج هذا الاستخدام في كل من سوريا و ليبيا و تونس و السودان و حتى فلسطين ، وصولاً الى فشله في مصر .. !
* ضرب المشاريع و استنزاف الخصوم
الادارة الامريكية ، تعلم ان لدى نظام طهران مشروعه الصفوي في المنطقة ، كما تعلم ان لدى نظام أنقرة مشروع عودة امجاد الخلافة الاسلامية في المنطقة
و كلا المشروعين يتعارضان مع المشروع الصهيوامريكي ( اسراائيل الكبرى / الشرق الأوسط الكبير ) .
كما تعلم أن مشروع اسراائيل الكبرى ، او ( الشرق الاوسط الكبير ) ، لا يمكن ان يتحقق إلاّ بتفكيك دول الاقليم و إثارة ( الفوضى الخلاقة ) فيها ، و استنزاف المشروعين ( الايراني و التركي ) لصالح المشروع التوسعي الاسراائيلي .. !
فقامت الادارة الامريكية باستثمار أحلام النظامين الايراني و التركي ، و أوهمت كل منهما انها ستدعم حلمه التوسعي في الاقليم ، و ستشكل معه و مع اسراائيل ثلاثي أضلاع الشرق الاوسط ..
و في هذه اللعبة الخبيثة ، استطاع اللاعب الامروصهيوني ان يستنزف كلا المشرعين ، ثم يضربهما ببعضهما في الداخل السوري ..
و في هذه الحالة يكون اللاعب الامريكي ، قد حقق من خلالهما :
1 – تفكيك الدول العربية و اسقاط أنظمتها ، لصالح مليشيات متصارعة تعمل لصالح الادارة الامريكية ،
2 – ضرب المشروع الايراني × المشروع التركي حتى إسقاطهما ، او على الاقل إضعافهما و تحييدهما ..
3 – استنزاف خصوم امريكا ( روسيا ) ، بإشغالها مع مليشيات وكيلة ، عند استدعاء روسيا للدفاع عن النظام السوري الحليف ، للحفاظ على مصالحها في الداخل السوري .
4 – فتح الطريق أمام تقدم إسراائيل لتقسيم الإقليم الذي بات مُفككاً ، إلى دويلات و أقاليم تابعة لاسراائيل الكبرى ، و لإخراج دول من الجغرافيا ، و خلق دول جديدة ، و تغيير وجه الشرق الأوسط .. !
* 7 اكتوبر طلقة الإنطلاق ..
بعد انطلاق اسراائيل في مهمتها الأخيرة ، بأثر أحداث 7 اكتوبر و ما تلاها ، اتضح يقيناً للذين لعبوا أدواراً وظيفية ، أن الغرب كان يخدعهم ، و انه بعد أن استخدمهم جاء الدور عليهم لاخراجهم من الجغرافيا او التاريخ ، فكانت يقظتهم متأخرة جداً ، حيث جاءت في الربع ساعة الأخيرة من تمرير المخطط الشرق أوسطي .
و من هنا أدرك اردوغان أخطاءه ، و أدرك ما يُحاك له ، و راح يسابق الزمن لتعديل الأمر ، فجاء نداؤه لتحالف إسلامي في وجه التوسع الاسراائيلي ، و جاءت دعوته لمصر و سوريا و السعودية ، للعمل معاً في وجه مخططات الغرب ..
كما جاءت أيضاً ، تصريحات أكثر من مسؤول ايراني ، و على رأسهم. وزير الخارحية ، لتقول أنهم ادركوا الأمر ، حيث قالوا : ( ايران ليست سوريا أو لبنان ، و ليست اليمن و لا فلسطين ، ايران ليست حقلاً للتجارب .. ) !
* المقايضة الروسية الامريكية ..
( سوريا / اوكرانيا )
.. جميع الشواهد و الأدلة ، تفيد أن ايران ليست ذات اهمية بالنسبة لروسيا باستثناء الاهمية الأقتصادية ، شأنها في ذلك شأن امريكا و الصين و باقي الدول ،، لكن من مصلحة روسيا استخدام ايران ضد خصومها و أعدائها ، و من مصلحتها ان تبقى ايران دولة متأرجحة بين القوة و الضعف ( عسكرياً ،. و اقتصادياً إلى حدٍ ما ) ، و خاصة في المجال العسكري . لذلك نرى ان روسيا لا تقوم بمساعدة ايران في المجال النووي بالشكل الذي ينسجم مع التحالف الشكلي بينهما .. ! ، كما نراها تقوم بتسليح ايران ، لكن دون توطين او نقل تكنلوجيا الصناعات العسكرية إليها بالحجم الذي ينسجم مع حجم و دور ايران ..
ذلك لأن ايران اذا امتلكت القوة العسكرية و الاقتصادية ، إضافة إلى قوتها الجغرافية ، ستشكل تهديداً مباشراً لروسيا ، و فرضية انقلاب ايران على الجار الروسي في حال امتلكت اوراق القوة ، تبقى قائمة بقوة ، و التاريخ خير شاهد على ذلك .. !
لذلك .. نرى أن روسيا لا تعترض على استهداف اسراائيل للتواجد العسكري الايراني في سوريا ، بل ان هناك تفاهماً روسياْ اسراائيلياً حول قيام الطيران الاسراائيلي بقصف كل الأهداف الايرانية و مليشياتها في الداخل السوري ، على أن لا تستهدف اهدافاً سورية او روسية ، ذلك لابقاء ايران دون الحد الذي قد يثير مخاوف الأمن القومي الروسي ، او يؤثر على المصالح الروسية ، كما هو الحال مع اوكرانيا مثلاً ..
( انها لعبة المصالح ، فلا أصدقاء و لا أخلاق مع المصالح )
الغرب يستنزف الاتحاد الروسي في الاتجاه الاستراتيجي الغربي له ، إذ يقاتل روسيا عبر الوكيل الاوكراني منذ نحو عامين و نصف ، كما تقوم القوات الروسية منذ أكثر من 9 سنوات ، بتأمين غطاء جوي للجيش السوري ، الذي يقاتل ضد التنظيمات المتشددة على الأرض السورية ..
كل هذا في ظل فرض حصار غربي على الاقتصاد الروسي .. مع محاولات الغرب المستمرة لإشعال حرائق في وجه الدب الروسي في الأقاليم و الجمهوريات التي تعتبرها روسيا عمقاً استراتيجاً لها .. !
و في ظل وتيرة الصراع هذه ، نتفاجأ بالطيران الاسراائيلي يقوم يقصف اهداف في محيط القاعدة الروسية على الساحل السوري ، ثم نرى اكتمال انسحاب القوات الروسية من جنوب سوريا ، على الحدود مع فلسطين المحتلة ، منطقة (الجولان السوري ) ، لنُفاجأ أيضاً بتوغل قوات اسرائيلية في ريف القنيطرة / الجولان السوري ، ثم تُسارع تلك القوات باجراءات عملية للضم ، و انشاء تحصينات عسكرية في المنطقة ، ثم نسمع وزير مالية الاحتلاال يعلن أن القدس تمتد إلى دمشق .. !
– فهل نحن أمام التحضير و الاستعداد لاجتياح سوريا ؟
– و هل نحن أمام صفقة مقايضة روسية امريكية ، عنوانها
( سوريا مقابل اوكرانيا ) ؟!
سؤال برهن قادم الأيام .. !