أقلام وأراء

حسين أبو الهيجاء: الفصل الأهم من هرمجدون (5): القسم الأول اللعب ع المكشوف أردوغان يحذر

حسين أبو الهيجاء 16-102-2024: الفصل الأهم من هرمجدون (5): القسم الأول اللعب ع المكشوف أردوغان يحذر

الفصل الاهم من هرمجدون (4): محور اسلامي التطورات الاقليمية

بات واضحاً ان مخاوف الرئيس التركي، بعد إطلاقه زخَماً من التحذيرات حول المخطط الإسرائيلي التوسعي، لم تكن عبثيةً، أو مجرد سيناريوهات تتم مناقشتها، إنما واقعاً تحكيه التصريحات الإسرائيلية والأمريكية، وتُصدّقه الممارسات الميدانية..

فبعد التحذيرات العربية حول المخططات الإسرائيلية في الاقليم، واللقاءات التركية العربية، التي كان آخرها لقاء القمة الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالرئيس التركي رجب اردوغان في أنقرة، سمعنا فيضاً من التصريحات على لسان الرئيس التركي، تُحذّر من مخطط (إسرائيل الكبرى)، الذي لم يقف عند المساحة الممتدة بين نهريّ النيل والفرات، إنما أصبح.. وبعد آخر تعديل لخريطة إسرائيل الكبرى، التي تم نشرها بالتزامن مع تصريحات اليمين الديني في حكومة وكنيست الاحتلال الإسرائيلي، يتجاوز تلك المساحة، ويشير أيضاً إلى شبه الجزيرة العربية!

حيث أعلن وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريش في لقاء متلفز على القناة العاشرة، [أن دولة إسرائيل حسب الوعد الالهي التوراتي، هي (كل ذرة تراب وطأتها قدم يهودي)، وسنعمل على استعادتها، وسيُمكننا الرب من ذلك]، وقام بعرض الخريطة الجديدة، عبر شاشة القناة العاشرة، ثم تناقلت نشرها الصُحف والفضائيات الاسرائيلية..، كما تمت خياطتها على كتف البزة العسكرية القتالية لمنتسبي جيش الدفاع الإسرائيلي!!

وقال أردوغان غير مرة، أن إسرائيل لن تتوقف عند لبنان وغزة، بل ستتوسع عبر الجغرافيا السورية أيضاً، وصولاً إلى شمال شرق سوريا، حيث مناطق السوريين الاكراد، الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

وبناء على ذلك، أعلن اردوغان عن العمل على حلف مصري سوري تركي ذو عمق وامتداد إسلامي، لمواجهة التوسع الإسرائيلي…!

كما صرّح أكثر من مره، انه أبدى رغبته بدعوة الرئيس السوري إلى أنقرة، لترتيب لقاء يجمعهما، بهدف بحث تطبيع العلاقات الثنائية، وتسوية المشاكل البينية، والبحث في آليات التصدي للمخططات الإسرائيلية والغربية. وأعرَبَ أنه بانتظار الرد السوري، مُتأملاً أن يكون ذلك سريعاً!

* اسرائيل تُهيّء الجبهة السورية.

بعد استكمال تحشّد قوات الاحتلال الإسرائيل، على الجبهات الثلاث (مصر، الاردن، لبنان) في إطار خطة تنوفا العسكرية، وبعد استكمال الحشد الغربي، وفي مقدمته القوات البحرية الامريكية والبريطانية، في مياه الاقليم الشرق أوسطي، وخاصة في مياه بحر العرب والبحر المتوسط، واستكمال النُظم اللوجستية الغربية، وخاصة النظم الاستخباراتية والمعلوماتية، ونُظم الدعم والاسناد والامداد، ونُظم الدفاع البالستية وغيرها، ها هي قوات الاحتلال الإسرائيلي تستكمل حشدها العسكري ذو التشكيل الهجومي على الحدود السورية!

بل وقامت فجر الاثنتين 14 اكتوبر 2024 بالتوغل العسكري المدرّع في ريف القنيطرة، في الجولان السوري، حيث توغلت بقاطع عرضي وبعمق بضع كيلومترات، في العمق السوري، وقامت بطرد المزارعين السوريين من المنطقة، وأحاطتها مباشرة بالأسلاك الشائكة، بما يعني الاحتلال والضم، ثم بدأت بشق طرق، ورصف ممرات، وإنشاء تحصينات، ونقل معدات اليها!

* القدس تمتد إلى دمشق.

عندما أعلن الوزير اليميني سموتريتش، عن آخر تعديل لخريطة دولة الكيان المزعومة، والتي تمتد حسب التعديل الأخير، إلى ما بعد النيل المصري غرباً والفرات العراقي شرقاٍ، والنصف الشمالي من العربية السعودية (كما هو واضح في الصورة ادناه)، قال أيضاً {ان عاصمة الدولة اليهودية – جيروسالم -، تمتد من القدس إلى دمشق)، بإشارة صريحة إلى مخطط احتلال سوريا!

* شمال شرق سوريا.

توغُل جيش الدفاع الإسرائيلي المبدئي غرب سوريا، ليس إلاّ تمهيداً لفتح الجبهة السورية، واستعداداً لفتح الحرب الإسرائيلية بدعم غربي، على جبهات الجوار (مصر، الاردن، لبنان، سوريا) في ذات الوقت، حسب خطة تنوفا، وتنفيذاً للمخطط التوسعي (إسرائيل الكبرى)!

* ما بعد دمشق.

إشارات الأعداء باتت أكثر من واضحة، ومخاوف اردوغان أصبحت أكثر من مُبرّرة، الأمر الذي أدى إلى انقلاب كامل في السياسة والتحالفات التركية، وبالتالي، التحول في طريقة إدارة تركيا للصراع القائم..

فالتصريحات الإسرائيلية تتكلم صراحةً، عن خططها للوصول إلى الشمال السوري، بذريعة منع تهريب ونقل الأسلحة التي ترسلها إيران إلى أذرعها المليشياوية في الإقليم.

وتصريحات الرئيس التركي، حول سعي إسرائيل للوصول إلى شمال شرق سوريا (المناطق الكردية في الشمال السوري)، والتي تقع تحت سيطرة قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، وتحت النفوذ الامريكي، فضلاً عن وجود القاعدة الامريكية الأكبر فيها، إلى جانب وجود القاعدة الأمريكية في (كردستان العراق / اربيل)، يشكل التهديد الأكبر للدولة التركية، إذ أن الاكراد الذين يقاتلون من اجل وحدتهم الديموغرافية في اماكن تواجدهم داخل 4 حدود سياسية، من اجل حُلُم دولة الاكراد الكبرى، يمر عبر اكراد تركيا في الجنوب التركي الدامي!

إذ يتواجد الكم الاكبر من اكراد العالم، في رقعة جغرافية تنتمي الى 4 دول متجاورة، يُشكل التواجد الكردي فيها تواصل ديمغرافي، وتفصلهم الحدود السياسية. وهم يصارعون من اجل وحدتهم الديموغرافية، في إطار دولة كردية ديمقراطية، فيدرالية أو كنفدرالية!

ونظرة واحدة إلى خريطة التواجد الكردي تلك، كافية لفهم المخاوف التركية، وكذلك السورية والعراقية والايرانية، إذ ان الخريطة توضّح لنا، أن الاكراد يتواجدون في شمال شرق سوريا، وجنوب تركيا، وشمال العراق، وجنوب غرب إيران، وأن هذا التواجد متواصل جغرافياً، وتفصله فقط الحدود السياسية، وإذا عرفنا أن أكراد سوريا وتركيا يقاتلون في البلدين من أجل اهداف انفصالية، وان اكراد العراق، بعد أن حققوا الحكم الذاتي، لا رالوا يناضلون من أجل الاستقلال الكامل، وأن اكراد إيران متمردون لذات الهدف، فإن بقعة الضوء الساقطة على تلك البقعة الجغرافية، ستكشف لنا أبعاداً كثيرة..

وإذا ما وصلت إسرائيل إلى الشمال السوري، وعمِل الغرب على تمكين وحدة الاكراد على امتداد تلك البقعة، في إطار (دولة على كامل مساحة تواجدهم)، على حساب أراضي من سوريا وتركيا والعراق وإيران، فيمكننا عندئذٍ، فهم شكل الخريطة ((الجغرافية والسياسية))، والدور الذي ستلعبه تلك الدولة الجديدة، إلى جانب دولة إسرائيل الكبرى، التي ستصبح على حدودها…!

كما يمكننا تفهم مخاوف دول الإقليم، وتفهم الانقلاب في سياسات بعضها!!

ويمكننا إدراك تصريحات اليمين الامريكي والإسرائيلي المتكرر، حول تغيير وجه وجغرافية الشرق الأوسط، وميلاد دول جديدة، واعدام دولاً قائمة فيه!

* قسد ..

منذ سنوات، كانت المفاوضات السورية مع الانفصاليين الاكراد في الشمال السوري، تمرّ عبر قنوات وأدوات مختلفة، كان من ضمنها الحوار عبر العمل العسكري، غير أن تلك المفاوضات أفضت إلى اتفاق مبدئي، ينص على منح أكراد سوريا حكماً ذاتياً، مرتبطاً بالمركز السوري، وتحت حماية الدولة السورية، مع احتفاظ منطقة الحكم الذاتي بقوات عسكرية، وحكومة تصريف اعمال، على غرار كردستان العراق..

غير أن تركيا كانت ترفض هذا الامر، وترى انه يؤثر على أمنها القومي، للأسباب السابق ذكرها اعلاه، كما أنه يُعتبر السبب الرئيسي للخلاف بين البلدين، وهو سبب رفض تركيا سحب قواتها من شمال شرق سوريا، إلاّ بشرط بقاء المنطقة الكردية تحت سيطرة الدولة والجيش السوري، وعدم منح الاكراد أي شكل من اشكال الحكم الذاتي، او قوات عسكرية كردية، وان تبقى المنطقة الكردية تحت الحماية السورية!

* تصالح المصالح.

والآن، بعد أن أصبح البلدان يهددهم ذات الخطر، وتجمعهم ذات المصلحة، فإن إعادة ترتيب الاوراق السورية التركية، باتت تفرض نفسها، وأن إعادة صياغة إدارة الصراع في الإقليم (بعد التغيرات الدراماتيكية فيه، وخاصة المتغير الايراني) باتت ضرورة ملحة، على مبدأ أن المصالح (تتعارض حيناً، وحيناً تتصالح)!

ومن هنا بدأ الانقلاب في السياسات، وبدأت المتغيرات الموضوعية تفرض نفسها على الجميع، وبدأت دكتاتورية الجغرافيا المتوحشة تُطلْ برأسها من على هرم الصراع…!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى