حسن عصفور يكتب – “هدايا ترامب” التطبيعية لم تنقذ نتنياهو من السقوط الكبير!
بقلم حسن عصفور
وأخيرا، بدأت عجلة طي صفحة سياسية قد تكون الأكثر عنصرية منذ قيام دولة الكيان فوق أرض فلسطين التاريخية، لتفح الباب لنهاية مأساوية لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، في انتخابات قادمة مارس (آذار) 2021.
فشل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في تمرير “صفقة الموازنة” سيقود حتما الى تغيير الخريطة السياسية في الانتخابات الجديدة، ما يكشف أن “الصلابة” السياسية التي يتباهى بها نتنياهو أمام المحيط الإقليمي والدولي ليست سوى مظهر خارجي لصراع قد يكون الأكثر تعقيدا بين قوى وأطراف، تحكمه “مصلحة حزبية شبه مطلقة”.
وبعيدا عن تطورات المشهد الداخلي لدولة الكيان، فالمسألة الرئيسية التي يجب استخلاصها من الحدث الكبير، هو أن كل “أكاذيب نتنياهو” لم تمر بأنه من “صنع تاريخ التحول الإقليمي” نحو إسرائيل، وهو دون غيره من قاد تلك “الإنجازات” غير المسبوقة، وعقد مسلسل تطبيع مع دول عربية مشرقا ومغربا.
ولكن، الحقيقة انه لم يكن سوى أداة توقيع لجهد أمريكي غير مسبوق لصناعة مرحلة سياسية جديدة، من التطبيع بين بعض دولة عربية والكيان، ما كان لها ابدا أن ترى النور دون وجود تلك القيادة الأمريكية ورئيسها صاحب خطة الضم والتهويد، ولعل رضوخ نتنياهو لتعليق مخطط فرض “السيادة الإسرائيلية” على منطقة الأغوار ونسبة كبيرة من الضفة الغربية، لفترة ما، قد تطول عما وافق عليه، ليس سوى فاضحا أنه لم يكن له قيمة تأثيرية في “الانقلاب السياسي الكبير”.
الدرس الأبرز من التطور الداخلي الإسرائيلي، سيعيد نصاب الحركة السياسية إجباريا الى “الممر الفلسطيني”، وستكون مسألة حل الصراع و”التسوية الممكنة” هي الحاضر الأهم في اللوحة التالية، وخاصة بعد أن كسرت اتفاقات العرب الأخيرة، وفتح الباب واسعا أمام علاقات لم تكن يوما جزءا من الممكن دون حل الصراع بشكل جذري، ولذا لن تكون حركة “يا وحدنا” العبرية سلاحا يستخدم لفرض عنصرية مضافة في المشهد الجديد.
وبالتأكيد، فالتطور الإقليمي والدولي، الذي بدا مبكرا نحو صياغة “حل ممكن” للقضية الفلسطينية والصراع في المنطقة، سيكون قيدا في المستقبل، خاصة مع تغيير هام في الإدارة الأمريكية، بذهاب راعي التطبيع والضم والتهويد.
“الحدث الإسرائيلي” الأخير، يجب أن يكون جرس إنذار مبكر للرسمية الفلسطينية، لإطلاق “ورشة عمل شاملة” في كل الاتجاهات، بما فيها محاولة التأثير على مسار الانتخابات الإسرائيلية القادمة، عبر تقديم مواقف واضحة محددة، وألا تبقى “ساكنة” وكأنها طرف محايد، كون الانتخابات الإسرائيلية القادمة ستحدد مسار الصراع بشكل كبير.
الفرضية السياسية الأبرز، كيف يمكن إعادة ترتيب “الخريطة الوطنية” الفلسطينية استباقا لما سيكون لاحقا في إسرائيل، وكسر الرتابة التي سادت سلوكها، وان تنتقل من “رد فعل” لحظي على الأحداث التي تلاحق القضية الوطنية الى صياغة فعل تكاملي، يخلق واقعا عما كان في السنوات الأخيرة.
الانتقال من “مرحلة انتظارية” الى “مرحلة الفعل التأثيري” هو الخيط الأساسي الذي يجب أن يكون للرسمية الفلسطينية، ونقطة البداية تعلم الدرس الأول مما حدث في الكيان، ان العلاقات الخارجية وأي مكاسب منها لن تحمي ضرورة ترتيب “البيت الداخلي”، تلك الرسالة التي يجب أن تفكر بها قيادة المنظمة المصابة بهوان علني وقيادة فتح الملتبسة بحراكها.
يجب ألا تعيش على سقوط نتنياهو القادم، كما حدث مع سقوط ترامب، فما كان لسبب خاص بهم، ولو حقا كان لصراخ الفلسطيني أثرا لما حققت دولة الكيان ما حققت من “نصر سياسي تاريخي” في المحيط.
نعم، دقت ساعة العمل لمن يبحث حماية “بقايا المشروع الوطني” كي لا يذهب الى ظلام جديد وطويل…!
ملاحظة: بيانات بعض الفصائل حول عملية باب حطة في القدس كشفت ضحالة سياسية نادرة..وصفها بأنها رد على التطبيع عار وطني..المقاومة دوما ضد المحتل كعدو مباشر لنا…هيك حكي معيب للشهيد وفعله!
تنويه خاص: بعيدا عن التفسيرات… تميز القيادي الحمساوي صالح العاروري بأن كلامه الأقرب للمشهد الوطني من آخرين…رفضه الصريح للانفصالية الكيانية في غزة ملفتة خلافا لغيره…هل يواصل أم تغتاله “انتخابات” موجهة، كما اغتالت دولة الكيان الرنتيسي!