أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب لما لا تبادر حماس بتقديم رؤية “شراكة الإعمار” للرئيس عباس؟!

حسن عصفور/

كان يمكن لحركة حماس، ان تعزز مكانتها طويلا في المشهد الوطني بعد معركة الـ 11 يوما، لو أنها تصرفت بسلوك وحدوي عام، وخاطبت الوطنية الفلسطينية بما عكسته تلك الأيام من وحدة وتفاعل غاب طويلا، منذ اغتيال الخالد عام 2004، ولم تحققه 3 حروب على قطاع غزة رغم أن قساوتها كانت أوسع أثرا.

دوما، يجب قراءة بعض محطات النضال الوطني كي لا يعتقد البعض أنهم صانعي المجد فجأة، فبعد معركة الكرامة 21 مارس 1968، كان يمكن لحركة فتح (قوات العاصفة) ان تتعالى فوق الجميع وتحلق وحيدة كونها “أم الانتصار”، لكن قيادة فتح التاريخية (غابت ومعها غاب دور الحركة القائد)، وزعيمها الشهيد المؤسس ياسر عرفات سارعت لترتيب البيت الفلسطيني الجديد، وصياغة منظمة التحرير وفقا للتطورات الثورية، دون تجاهل من كانوا مؤسسيها، ولتصبح موضوعيا وليس شعاريا الممثل الشرعي والوحيد للشعب، شعار ارتبط ردا على محاولات عربية مبكرة للهيمنة على القرار الوطني.

سلوك حماس، بعد الحرب كان نقيضا، تعاليا وفوقية وغطرسة سياسية كون قادتها، أو بالأدق غالبيتهم اعتقدوا أنها “فرصة الفصل بين رواية ورواية”، لتسقط في الدرس الأول بقراءة تاريخ مسار الفعل الوطني، ولا تبدوا أنها تدرك حقيقة المسار.

ولأول مرة منذ نهاية حرب الـ 11 يوما، تعلن حماس عودتها للقوى الفلسطينية للتشاور، بعد فشل لقاء السنوار مع ممثل عملية السلام في الأمم المتحدة وينسلاند، خطوة ربما تعيد الاعتبار لمفهوم “التعاون الوطني” قبل الحديث عن “الشراكة الوطنية”، التي لا زال درب آلامها طويلا، ونتمنى ان لا يكون بعيدا.

فشل لقاء السنوار، وتصريحه المختلف عن كل كلام “البلادة السائد”، فرصة هامة لتصويب آلية التفكير الحمساوي، للنزول عن شجرة التعالي والعودة الى ما يجب أن تكون في تعزيز مفاهيم التعاون، ومعه أن تبادر بكونها “الحاكم الفعلي” لقطاع غزة، بتقديم رؤية شاملة حول ملفي الإعمار والأموال القطرية.

رؤية ترسل للرئيس محمود عباس وليس الى حكومته وفتح (م7)، والى الشقيقة مصر، ولا تنشر الا عند استلام رد الرئيس، ولتنتظر لمدة أسبوع ردا، وفي حال التجاهل تقوم بإعلانها لكل الشعب وتدعو القوى والمؤسسات لمناقشتها وبعدها تتحول من “رؤية حماس الى رؤية وطنية”، تكون هي مقياس أي موقف وعلاقة تتعلق بملفي الإعمار والمال القطري.

مطالبة حماس بذلك، مساهمة عملية واستباقية لوضع إطار المسار القادم، خاصة وأن الرسالة العالمية والعربية، ومنها مصر، وكذا دولة العدو القومي، تبحث دورا للسلطة والرئيس عباس في ملف الإعمار والمال القطري، وإدارة الظهر لتلك المطالبات ليس من “الحكمة الثورية”، والتهديد الدائم بلغة الحرب والرد العسكري سينقل الأمر الى مشهد مختلف كليا من التعاطف الى التذمر وقد ينتقل الى ما هو أكثر…

حصر المعركة مع دولة العدو على معادلة “انا القرار والمقرر” لن تخدم حركة حماس أبدا، وربما العودة لتصريح قائدها في غزة في أول حديث بعد وقف الحرب، “ليأت من يأت ويعيد الإعمار”، يجب أن يتحول الى رؤية شاملة محددة تقطع الشك باليقين، أن الجوهري هو فك الحصار وإعادة الإعمار ووصول المال الى من يجب أن يصله من أهل القطاع.

رؤية يمكنها أن تنقل المشهد من هجوم عليها الى هجوم مضاد لها…وهي الحركة الرابحة أي كانت قواعد إعادة الإعمار ودخول المال، وفك بعض قواعد الحصار.

لعل رؤية “شراكة الإعمار” تمثل الرصاصة الأولى العملية في العامود الفقري للانقسام، تعيد الاعتبار لمسار ظل طريقه لصالح عدو يرقص طربا لاستمراره منذ عام 2007…وحتى  ساعته!

حماس هي الرابح العام من “رؤية شراكة الإعمار”، بعد أن بات واضحا عدم إمكانية تجاوز السلطة والرئيس عباس!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى