أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – خطيئة حماس “الديبلوماسية”!

كتب حسن عصفور – 5/12/2018

في خضم “وحدة” الموقف الوطني الفلسطيني العام، رسميا وشعبيا، في مواجهة المشروع الأمريكي لـ “إدانة حماس والفصائل” في الأمم المتحدة، نشرت وكالة أنباء عالمية ما قالت أنه “رسالة حماس الى الأمم المتحدة لم تصل”، وضمن التفصيل أنها أعادتها الى رئيس السلطة محمود عباس.

خبر ربما يستحق النقاش العام، بما لا يقل أهمية عن نقاش مشروع القرار الأمريكي، بما يكشف عما به من “مصائب سياسية” بالجملة، من حركة تصر انها فوق كل شيء، وأنها تملك “الحق الرباني” في القيام بأي خطوة أو عمل ما دامت قياداتها ترى ذلك، دون أدنى مسؤولية وطنية.

“رسالة حماس” التي لم تصل، ولن تصل، فضحت سلوكا “انعزاليا” متجذر في أعماق هذه الحركة عن الوطني العام، أي كان مظهره، وكأنها تصر بشكل مستفز أن تضع ذاتها في ركن بعيدا عن الوطنية المشتركة.

“رسالة حماس”، التي لن تصل يوما الى حيث أرسلت، جاءت في خضم معركة يشهد لها الجميع، بعيدا عن تفسير النوايا، او أنه حق وطني وفرض وليس منة لأحد، تقوم بها بعثة فلسطين في الأمم المتحدة، وبتعليمات من الرئاسة والخارجية، وحركة فتح (م 7)، وتلعب دورا هاما ومؤثرا في التصدي للمشروع الأمريكي، موقف لم يكن به ما يمكن اعتباره “تخاذلا أو قصورا” في العمل ضد الولايات المتحدة.

وبلا أدنى مسؤولية، أو احترام للذات فتحت قيادة حماس كل أشكال الاتصالات مع بعض دول ومسؤولين، دون ان تقف لحطة لمخاطبة الأصل في المسألة، وهي الجهة الرسمية الفلسطينية، أيا كان الموقف منها وسياستها، فهي بحكم الواقع ممثل الشعب الفلسطيني الرسمي في كل المحافل العربية والدولية، اختلفنا عليها أم اتفقنا، فتلك حقيقة لا يمكن لنا تغييرها بحكم “الرغبة الشخصية – الحزبية”.

لكن حماس سلطة الأمر الواقع بالانقلاب العسكري المتفق عليه، تقرر انها هي “الشرعية الرسمية”، شاء من شاء وابى من أبى، ولذا فتحت هواتف قيادتها على كل من تجاوب مع رنة الهاتف، لتطلب رفض القرار، بل وبغباء “ديبلوماسي” نادر، ولا سابق له تقرر أن تخاطب الأمم المتحدة بشكل مباشر، متجاهلة فلسطين الكيان والتمثيل.

لولا أن البعض الأممي والفلسطيني أكد حقيقة الرسالة المنشورة، لقلنا ان تلك “دسيسة إعلامية” من أطراف تسعى لتوريط حماس وقيادتها في عداء مجاني مع الكل الفلسطيني، بما يحمله هذا الفعل من “دنس سياسي”، لتطاوله الصريح على الشرعية الوطنية، التي تدعي حماس ليل نهار أنها لن تمسها، وأنها تسعى لوحدتها.

رسالة حماس تعيد باب الشكوك الأولى لتأسيسها، بأنها جاءت ليس لتعزيز الوطنية الفلسطينية بل لتدميرها ضمن مخطط خلق بديل أو بديل مواز لمنظمة التحرير، وأنها ليست صادقة في كل ما تعلن بالحرص على الوحدة وإنهاء الانقسام، بل هي عمليا تستغل ارتباك قيادة فتح (م 7) لتعزيز سلطتها وتمثيلها على حساب الشرعية الوطنية.

حماس، وبعد أن حققت بعضا من مكاسب منذ أن أكدت تمسكها بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد، في لقاء بيروت يناير 2017، تكشف بالرسالة الحمقاء أنها لا تزال حركة باطنية “تضمر ما لا تعلن”، وأنها في أي فرصة متاحة لها ستكشف الحقيقة.

رسالة حماس العابرة للشرعية الوطنية، هي رسالة سياسية للولايات المتحدة، انها جاهزة عمليا للتعامل مع أي مشروع خاص بقطاع غزة، بعيدا عن الوحدة السياسية، وأنها لن تقف في مواجهة عملية لصفقة ترامب في حال تم التعامل معها كـ “ممثل شرعي للشعب الغزي”!

ما أقدمت عليه قيادة حماس بالقفز عن الشرعية الوطنية خطيئة سياسية تستوجب الإدانة الكلية من فصائل العمل الوطني، كي لا تذهب بعيدا في خطوات تشكل تدميرا لوحدة المشروع الوطني العام.

مطلوب من قيادة حماس اعتذارا علنيا عن فعلتها اللاوطنية، وتعتبرها “سقطة سياسية” نتاج غياب المعرفة والخبرة العامة.

حماس لا خيار امامها سوى ذلك، وغيره تصبح “شريكا فعليا” في تدمير المشروع الوطني، فـ”جهنم مبلطة بأصحاب النوايا الطيبة”، كما قيل قديما!

ملاحظة: صمت فصائل الشعب على أحكام الاعدام “العشوائية” في قطاع غزة يمثل تشجيعا لحماس أن تمضي بعيدا في “خطف غزة”…بعضا من اليقظة السياسية ضرورة وبسرعة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى