أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – حقائب المال القطري “الشرعي” و”الرقيب الإسرائيلي”!

حسن عصفور ١٠-١١-٢٠٨

يوم 8 – 9 نوفمبر 2018 لن يغيب عن ذاكرة الفلسطيني، أي كان انتماءه أو مكان وجوده، فهو كان أمام “فيلم خاص” بطله مندوب قطر السامي محمد العمادي، يحمل حقائب تحتوي على 15 مليون دولار، للبدء في تنفيذ عناصر صفقة “التهدئة مقابل المال”، مشهد كما هي تلك الأفلام غير التقليدية، تمر عبر حاجز إسرائيلي دون أي مساءلة.

المفارقة المثيرة لكل أشكال السخرية، عندما تخرج بعض أصوات التبرير الغبي، لتقول إن ذلك كان الطريقة الوحيدة للتغلب على الموقف الأمريكي المعارض لإدخال أموال نقدية الى حركة حماس، فكانت “حقائب التهريب الشرعي” هي الحل، دون أن تدقق في صياغة “كذبها السياسي” بشكل أكثر رونقا، فأمريكا هي وليس غيرها من فتح باب “التهريب الشرعي”، لأنها تعلم يقينا ما هي النقطة النهائية لتلك الأموال ومآلها السياسي، كما هي كانت صاحبة فكرة انتخابات 2006، وإدخال حماس كجزء منها دون أي “التزام” من الحركة، حتى احترام القانون الأساسي واتفاقات السلطة في حينه، لم تكن “شرطا”، لأن واشنطن مع تل أبيب تعلمان النتيجة، وأيضا ما سيكون لاحقا من انقسام يصل الى محطة الانفصال.

ومجددا تعود قطر بقوة لتكمل مهمتها التي بدأت عام 2006، بإقناع حماس بتنفيذ الأمر الأمريكي، ثم تهيئة الأجواء لانقلاب حماس يونيو 2007، والآن تنفذ الجزء الثالث من المشروع الأمريكي -الإسرائيلي نحو تعزيز “الفصل المؤقت” بين الضفة والقطاع (..).

أمريكا والكيان، تمكنتا من “خلع” الأمم المتحدة من دورها الذي كان مطلوبا لتصبح “مظلة الحل الإنساني”، وتم بلورة عناصره كاملة بعلم الأطراف كافة، وبـ “مؤامرة ذكية” التفافية، ولكي يتم ترسيخ قطر كراعي تنفيذي لـ “الحل الإنساني”، وقد كشف مندوبها السامي في لقاء مع بعض قوى وافقت اللقاء به، عما سيكون لاحقا، وتحدث عن حزمة “التسهيلات المالية والإنسانية والاقتصادية”، طاقة وكهرباء وممر مائي.

دون الاهتمام كثيرا بتصريحات قيادة حماس أو غيرها، بأن لا ثمن سياسي لكل الذي كان، وكأن “الفصل المؤقت” وإقامة مشاريع خاصة بقطاع غزة ومفاوضات ممر مائي مع الكيان، بشكل بعيد السلطة الرسمية، عمل خيري وليس سياسي، كلام يثير القرف من ترداده، وكان من الصدق الذي يدعيه البعض أن يتحدثوا صراحة عن البعد السياسي دون هروب.

المسألة الأهم، التي تهربت منها قيادة حماس “الثورية”، ولم تشر اليها، بل لم تحاول تفسيرها لعناصرها قبل الشعب الفلسطيني، من الذي حدد قائمة الموظفين الذين يحق لهم استلام رواتبهم، ومن لا يحق له ذلك، وما هي المعايير التي تم وضعها لتلك القائمة، ولماذا كان شرطا وجود المندوب السامي القطري وفريقه في مكاتب توزيع الرواتب.

مفاجأة “المال الشرعي” اكتشفها بعض من أبناء حماس الذين ذهبوا لاستلام الراتب فكان الرد رفضا، لا راتب لك من المنحة القطرية، رفض غير معلوم من الطرفين القطري والحمساوي، لكن الإعلام العبري قدم الجواب العملي، أن الأمن الإسرائيلي قام بمراجعة القائمة كاملة، فحدد وفق “معايير” الشاباك من له الحق في استلام راتب ومن لا يحق له، والمفاجأة أن قيادة حماس وافقت على “كل شروط الأمن الإسرائيلي”، وبدأت الصرف وفقا للقائمة التي حددها تحت مراقبة المندوب السامي.

السؤال، لقيادة حماس ذاتها، أليس من حق الموظف المرفوض أن يعلم لماذا تم الرفض، وما هي معايير التمييز بين حمساوي وآخر، خاصة أنهم مدنيين وليس من عناصر كتائب القسام، أليس تدخل الشاباك الإسرائيلي يمثل “تخدلا سياسيا”، بل “تنسيقا أمنيا” لم يسبق له مثيل منذ أيام تأسيس السلطة.

من حق حماس أن تبحث طرق توفير المال، لكن بشكل شفاف، وان لا تواصل حركة الادعاء بـ “الطهارة السياسية” وتتحدث بما يحدث وليس بما كانت تريد أن يحدث.

9 نوفمبر علامة فارقة نحو “الفصل المؤقت” تكريسا لكينونة صفقة ترامب، كيف ولما ومن ساهم في ذلك، فتلك أسئلة باتت للتاريخ والمحللين، لا أكثر!

ملاحظة: أهم لقطات الفيديو التي لاقت رواجا مذهلا، طرد مندوب قطر السامي من تجمع شبابي غاضب، وآخر طلبه من خليل الحية القيادي في حماس الهدوء “نبي هدوء”، فيديو يكشف أن السياسة هي الحاضر الأكبر في مال “الإمارة” يا سادة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى