أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – برلمان “دولة غزة”..الرسالة الأخطر وطنيا!

بقلم حسن عصفور/

قبل عامين، في ديسمبر 2018، أعلن الرئيس محمود عباس حل المجلس التشريعي الفلسطيني، وفقا لقرار محكمة دستورية، ووعد أن تجري انتخابات جديدة خلال 6 أشهر، وبرر قراره بأن المجلس غائب عن الانعقاد لمدة 12 عاما، ما اثار بحث مدى شرعيته.

ودون الإشارة للبعد القانوني وغياب عمل التشريعي، له ما له وعليه ما عليه، ولو الأمر بحثا عن سبل تفعيله لكانت فتح قررت ذلك بأشكال عدة، لكن الذي لم يشير له الرئيس عباس، الانقلاب الذي قامت به حماس في قطاع غزة تجاوبت كتلتها البرلمانية تأييدا لذلك العمل “غير الشرعي”، ما أسقط عن مجلسها بعدا قانونيا كافيا لحل المجلس في حينه.

ومع أن نقاش تلك المسألة بات خارج الضرورة بعد واقع “الحل”، فالذي يجب تناوله راهنا، استمرار حركة حماس على المضي قدما بعقد “جلسات لبعض نوابها”، في تعبير حزبي لرفض قرار الرئيس عباس، ورغم مخاطر تلك الخطوة، لكنها لم تكن لتمثل انعطافة سياسية جوهرية تمثل خطرا حقيقا على المشروع الوطني الفلسطيني، في ظل تغييرات جوهرية في المنطقة والعالم.

ما حدث يوم 16 ديسمبر 2020، يمثل إنذارا سياسيا هو الخطر الذي لا يجب أن يمر كخبر عاجل دون اهتمام، حيث أقر بعض نواب كتلة حماس في غزة، مجموعة من القوانين، منها “قانون كورونا”، “مشروع قانون الكاتب بالعدل”، و”مشروع قانون كاميرات المراقبة”.

وبعيدا عن تفاصيل تلك “القوانين”، فالمبدأ الخطر أنها تتعامل مع برلمان خاص لقطاع غزة، يمنح نفسه “حق التشريع” والقرار، على “السلطة التنفيذية” واجب التعامل مع تلك القرارات ما يكرس وجود “سلطة موازية” في قطاع غزة، متناسيا ان كل القوانين تستحق مصادقة رئيس السلطة، والا تفقد شرعيتها، وعليه هناك وفقا لقرارات “برلمان غزة” حكومة كاملة و”رئيس سري”، وهي أركان حالة كيانية كاملة.

ربما كان التعامل في السابق مع “حالة الاستهبال البرلماني” في غزة، كأنها عملية تسلية في ظل فراغ سياسي، لكن التطورات الإقليمية والدولية، وما هو قيد البحث لصياغة “حل ممكن” يقترب كثيرا أو يبتعد نسبيا عن جوهر المشروع الوطني، يصبح فعل حماس البرلماني رسالة سياسية لتصريحات قادتها في العمل على تكريس “قطاع غزة كيانا خاصا” تحت قيادتها، وفقا لأقوال خالد مشعل وتصريحات محمود الزهار.

ورغم النفي الساذج لبعض من حماس، أنهم لا يسعون لذلك، لكن كلام الليل المعسول يمحوه فعل التشريع والترسيخ، بل والتسارع في بناء حالة انفصالية كاملة الأركان، برلمان، حكومة ورئيس سري غير معلن، لكنه يمارس مهامه بمسمى رئيس حماس، ولعل نشاطات إسماعيل هنية وتصريحاته الأخيرة تؤكد أنه يقوم بدور “الرئيس الموازي”، لسلطة موازية.

وقد أوضح خالد مشعل في أخر أقواله، بأن “المؤسسات القيادة الفلسطينية ترهلت” وبالتالي لا بد من تغييرها، او استبدالها، وقدم أوراق اعتماد حماس مبكرا للإدارة الأمريكية، بأن حركته على استعداد للتعامل مع الإدارة الجديدة، وهي الرسالة الصريحة على أنهم يتعاملون كـ “كيان خاص”.

بالتأكيد، ساذج من يعتقد أن حماس ستتراجع عن مشروعها الانفصالي بحسن خاطر سياسي، ولذا بات مطلوبا من القوى كافة العمل على ردع المخطط الأخطر على المستقبل الوطني، والذي يكمل مشروع التهويد والضم.

الموقف من “الانفصالية الحمساوية الكيانية” لا يجب أن يرتهن بالموقف من السلطة والرئيس محمود عباس، فالمسألة ليست مناكفة في موقف هنا أو هناك، فرفض مواقف عباس والسلطة لا يعني أن تذهب لتخدم “الانفصالية الكيانية”، بل يمكن أن تتبلور رؤية واضحة لرفض ما هو خروج عن “المشروع الوطني” وفقا لقرارات الشرعية الفلسطينية والدولية.

الأمر يتطلب حركة فعل غاضبة مما يدمر الوطنية والكيانية الفلسطينية، بروح الثورة التي انطلقت في يناير 1965، قبل أن يتم تدمير مكتسباتها لصالح من يعمل لخطف كل ما كان.

الوطنية لا تقوم على مبدأ “المناكدة”، بل المواجهة فيما هو حق…غير ذلك يصبح الأمر غير وطني أي كانت التبريرات!

ملاحظة: انطلاقة الثورة الفلسطينية في ذكراها الـ 56، باق لها 13 يوما…ولكن لا تلمس ما يشير انها ذات اهتمام بما تستحق…على فتح وفصائل الثورة أن تمنح الذكرى قوة سياسية خاصة ردا على مشاريع تصفية القضية…وينها “أم الجماهير”!

تنويه خاص: تغير موقف السلطة من الحديث غير السياسي عن اتفاقات التطبيع خطوة سليمة…ولا يجب أن يجرها الإعلام العبري الى مستنقع الردح الذي وقعت فيها بداية، رغم انه لم يكن سياسيا بل شخصيا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى