أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – الحملات الانتخابية وثقافة “التخوين”!

بقلم حسن عصفور- 17/2/2021

ما ان انتهت جلسات حوار القاهرة عبر بيان أكد الاتجاه نحو الانتخابات التشريعية، حتى سارعت بعض الأطراف لتدشين حملة انتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر كميات من الشعارات والأسئلة والملصقات، جوهرها الرئيسي اتهام الآخر بكل شيء الى حد التخوين.

شعارات تحت بند أسئلة مركزها هل تنتخب من فعل كذا وكذا، تنتهي بأن الآخر هو المظهر الفلسطيني للمحتل، فيما صناعة الملصقات لأسرى وعائلات أسرى وشهداء، لا تراعي أبدا قدسية المسألتين، لكن المصلحة الحزبية لا تعرف حدودا للعمل الأخلاقي في السياسة.

مضمون الحملة المبكرة، وغير القانونية من حيث المبدأ، تكشف أن ثقافة الانقسام لا يمكن أن تنتهي ببيان أو قرار فوقي لهذا الفصيل أو ذاك، وأن التكوين الذي تربى عليه جيل الانقسام، ومن أوصل لهم تلك الثقافة الكارهة للآخر، يمثلون الظاهرة الأكثر تهديدا للحالة الوطنية الفلسطينية.

كان بيان القاهرة من الناحية السياسية مؤشر هام وتطور جديد كمحطة على طريق حصار التدهور الذي أصاب فلسطين، قضية وشعب، ومنح المشروع التهويدي فرصة تاريخية لتكريس بعضا مما سعى له عبر سنوات، مسار لن يستكمل الى نهايته المرجوة ما لم يتم وقف كل مظاهر الكراهية المخزونة، والثقافة التي زرعتها مراحل الحالة الانقسامية، التي بدأت عمليا منذ نهاية 1987، وليس مع عام 2006، مع دخول الإسلام السياسي الى العمل عبر حركة حماس.

أن نصل الى تشكيل “مؤسسة” عبر الانتخابات شيء مهم ومطلوب، خاصة بعد أن أصاب المؤسسة القائمة فباتت هشة لا تقوى على المواجهة الحقة، ولذا فتصويبها خطوة هامة وضرورة، لكنها دون أن تكون نتاج وعي وطني عام، لن تحتمل أبدا استمرارية وفقا لما كان مطلوبا.

لا يوجد شك، وعبر كل التجارب فالحملات الانتخابية كثيرا ما تتجاوز الخطوط الحمراء، وتستخدم خلالها وسائل لا صلة لها بالأخلاق العامة، وتلجأ الى كل ما له من النيل من الآخر، بل والبعض يراه خصما سياسيا يجب الإطاحة به، وغالبا ما يتم السيطرة على آثارها ما بعد انتهاء الحملة الانتخابية، التي تحمل كل ما هو أسود في غالبها.

ولكن، الخط الذي يمنع مطلقا تجاوزه، أن يكون التخوين والتكفير، جزءا من أي حملة انتخابية، فذلك ليس جرما فحسب، بل مظهرا هو الأخطر على المشهد الفلسطيني، ما يتطلب مواجهة حاسمة بالمعني السياسي – الوطني والقانوني، ولا يجب اعتبارها “أخطاء – تجاوزات” تحدث خلال الحملات الانتخابية.

الصمت على ذلك، أو الاستهتار بآثارها ليس سوى قوة دفع لانتشار ثقافة تدمير الهوية والكيان، وتعزيزا لروح الفصائلية الحزبية على حساب القضية الوطنية.

ولكي لا يصبح الوقت سيفا معاكسا، من الضرورة تحديد عبر قانون الحملة الانتخابية، أشكالا ومضمونا، وأن يكون هناك رفض كامل للتخوين والتكفير، واعتبارهما جريمة قد تؤدي الى شطب القائمة التي تستخدم أي شعارات أو مواقف تحمل تلك المضامين، وحرمانها من المشاركة كليا في العملية الانتخابية.

المسألة تستوجب حركة سريعة، لو حقا يراد الذهاب الى انتخابات تنهي المرحلة الانقسامية التي ضربت عصب المشروع الوطني، وحاصرت انطلاقته التي بدأت مع تأسيس أول كيانية فلسطينية فوق أرض فلسطين.

الاستخفاف بالخطر أسرع وصفات الخراب…

ملاحظة: شكوى المقاولين في غزة الى مؤسسة دولية من أجل الحصول على مستحقاتهم المالية، تعتبر “وكسة سياسية” لحكومة الرئيس…بالمناسبة المقاولين مش معارضين لسلطة الرئيس المطلقة!

تنويه خاص: الهجوم الفلسطيني على التسجيل الانتخابي تمثل رسالة بأن التغيير الحقيقي بات ضرورة ومطلوب جدا…النسبة العالية لا تخدم من كان مسؤولا عن مصائب بالجملة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى