حسن عصفور يكتب – “الجامع” بديلا لـ”القانون” في سلطة حماس!
حسن عصفور ٩-١٠-٢٠١٨
منذ أن إستبدلت حركة حماس واقع سيطرتها على المشهد في قطاع، من “أغلبية برلمانية” في الضفة والقطاع وحكومة نالت موافقة التشريعي، الى تقليص سلطتها عبر عملية “إنقلابية” عسكرية في قطاع غزة، يونيو 2007، وهي لا تزال تعيش في حالة من “التوهان” القانوني لفرض تلك السيطرة..
حماس، عجزت عن تقديم رواية جادة ومسوؤلة لما اقدمت عليه بأن تخطف القطاع، وتتخلى عن حكومتها لجناحي بقايا الوطن وتقيم “حكومة في القطاع، عرضت “تبريرات واهية”، لا يمكن أن تشكل سندا واقعيا، فلا يمكن لعاقل أن يصدق بأن المسألة تنحصر ضمن “تباين” المسألة الأمنية، وعدم تنفيذ أوامر وزراء حماس..
ومع فقدان رواية واقعية لحركة الإنقلاب، برزت مظاهر غريبة على المجتمع الغزي، في ظل السلطة القائمة، والتي يفترض أن حماس ملتزمة بقانونها الأساسي، من وفر لها الفوز بالأغلبية البرلمانية، التي تخلت عنا عبر الإنقلاب الحزيراني..
من أبرز تلك المظاهر، ما يعرف في القطاع بـ”إسرة الجامع”، والتي باتت جزءا حاضرا في كل ما يتعلق بالمواطن الغزي، هي من يمنحه شهادة “حسن السير والسلوك”، وهي من يتقدم بكل معلومة “أمنية” أو “شخصية” عن أبناء قطاع غزة، في سابقة تبدو وكأنها تطوير لحركة “المطوعين” في العربية السعودية، بشكل أمني مضاعف..
حماس، ومنذ الإنقلاب وحتى ساعته، إستبدلت القانون بحركة “مخبرين شرعيين”بمسمى “أسرة الجامع”، هي من يتحكم في مصير المواطنين وتعاملهم مع أي مؤسسة حكومية أو أمنية، فلا يمكن لمواطن أن ينهي معاملة دون أن يحصل على “شهادة” من تلك الإسرة..
من المفارقات الغريبة منذ سيطرة حماس بالقوة العسكرية، أن على الغزي أن يكتب في أي ورقة تعريفية إسم أٌقرب جامع لسكنه، بدلا من “أقرب مركز شرطة”، في حركة إستبدال علنية للبعد الفئوي بإسم الدين، وإسرته الحمساوية، لتصبح هي القاعدة وليس القانون والمؤسسة القانونية..
إعتماد حماس “إسرة الجامع” بديلا للمؤسسة المدنية، لأنها خارج أي مساءلة وسلطتها فقط عبر المؤسسة الدينية الحمساوية، وتقريرها لا راد له، بصفته صادر عن “هيئة شرعية”.
المثير للدهشة فعلا، كيف يمكن لمنظمات حقوق الإنسان التي تتلقى دعما هائلا لحماية الحق المدني، أن تصمت على ذلك السلوك الظلامي جدا، بأن يستبدل القانون بمجموعة حزبية دينية هي صاحب القول الفصل في التعريف بالمواطن، وكيف لقوى سياسية وفصائل تهتف ليل نهار بحثا عن حرية شعبها، أن تقبل هذا السلوك المعادي لأبسط مفاهيم تنفيذ القانون..
البعض يدرك تماما، أن تلك “الإسر” ليست سوى “خلايا أمنية خاصة” تقوم بكل أشكال الرقابة والملاحقة للمواطنين دون قانون، وبلا حساب، وكلامها الأكثر مصداقية عند أهل الحكم في القطاع..
يبدو، أن الأمر لا يقتصر عند هذا التجاوز الخطير للقانون وسلطته، بل أن حماس تمكنت أحالت غالبية الجوامع في قطاع غزة الى أماكن إعتقال وتحقيق وتعذيب..
حماس لا تسمح ببناء أي جامع دون أن يكون تحته قبو، تحولت تلك الأقبية في سنوات حكمها الى مراكز إرهاب وخطف وتحقيق وتعذيب، دون اي رقابة قانونية..حماس التي كانت تلجأ لتلك الممارسات خلال الإنتفاضة الوطنية الكبرى، بتحقيق مع “مشبوهين” او مخالفين” داخل الجوامع في حينه، يبدو أنها قررت ان تصبح تلك هي القاعدة التي تلجأ لها في ظل حكم خارج النظام..
كيف يمكن تفسير سلوك خارج أي تقليد قانوني، ومتعاكس كليا مع النظام الأساسي، وما هي التفسيرات التي يمكن ان تقدمها، عندما تستبدل أمكان عبادة دينية وأداء شعائر الصلاة، الى مراكز شرطة سرية، تقوم بمراقبة المواطنين ومراكز تعذيب وتحقيق ولا يعرفن أحد، كم مواطن بريء فقد حياته في تلك الأقبية السوداء، التي لا تخضع لأي شرط قانوني، ولا تستقيم إطلاقا مع مراكز التحقيق والتوقيف الرسمية..
وجود هذه المظاهر كفيل بمحاسبة قيادة حماس، بأنها حركة تنتهك القانون والنظام الأساسي، ويجب أن تتوقف كليا عنها..
الصمت على ممارسات قهرية ظلامية غير شرعية لن يخدم القانون، وبالتأكيد لن يساهم في بناء إنسان سوى لمواجهة المحتلين، مهما إدعوا بغير ذلك..
لماذا هذه الظلامية وحماس تسيطر على كل نفس في القطاع..هل من تفسير سوى الغرق أكثر في عالم “الفئوية الشاذة”..كفى!
ملاحظة خاصة: كما اليوم في عام 1981 كان الخبر الصاعق، الموساد إغتالت “الفتى ماجد”..رجل إعلام وثقافة كان هدفا للتصفية كما سبقه غسان كنفاني..جريمة هزت الفلسطيني حيثما كان..رحل ماجد أبو شرار الإنسان والقائد..الكاتب والمثقف..خلية نحل لا تعرف الصمت الجسدي والعقلي..مكان لكل ألوان الطيف السياسي والفكري..أبو سلام رحلت ولم ترحل..ذكراك دوما حاضرة..دون تحزبك خلقت حزبك..سلاما يا رجل!