أقلام وأراء

حسن عصفور: هل بدأت أمريكا عملية الإطاحة بنتنياهو؟

حسن عصفور 22-7-2023: هل بدأت أمريكا عملية الإطاحة بنتنياهو؟

عندما خرج الرئيس الأمريكي، بايدن، في مقابلة مع قناة سي أن أن، وفتح نيرانه بكل الأسلحة ضد الفرد المطلق رئيس التحالف الفاشي في دولة الكيان، نتنياهو، لم يكن خبرا عاديا أو معتادا، وخاصة من شخصية تفتخر بصهيونيتها وهو المسيحي، معتبرا أنه بات يمثل خطرا على “الكيان” وما يدعيه “ديمقراطتيه” (رغم أنه آخر مظاهر الدول العنصرية على الكوكب الأرض ضد الفلسطيني أولا والعرب غير الراضخين له ثانيا)، لذا وجب التضحية به وتحالفه انقاذا للدولة التي تعتبر رأس حربة حماية المخطط الاستعماري العام، وخاصة الأمريكي في شكله الحاضر.

وحاولت بعض أوساط الكيان التخفيف من أثر المقابلة المسجلة صوتا وصورة، وغير قابلة لاعتبارها سقطة أو هفوة أو (كلام خلال النوم المشهور به بايدن)، خاصة بعدما استبق بايدن زيارة رئيس دولة الكيان هرتسوغ الى واشنطن، بمكالمة مع نتنياهو، حاول أن يستخدمها للترويج بدعوته لزيارة البيت الأبيض، الا أن واشنطن وعبر صحفييها في الكيان، سارعت بتوضيح أن الحديث عن لقاء قد يكون على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس في البيت الأبيض.

وكي لا يذهب نتنياهو وفريقه بالتفسير وفقا لهواه ورغبته، جاء مقال الصحفي اليهودي الأمريكي البارز توماس فرديمان في اليوم التالي للمكالمة الهاتفية، في صحيفة نيويورك تايمز يوم 18 يوليو 2023، تحدث ان الرئيس بادين دعاه لمقابلة في البيت الأبيض، وأخبره بما قاله لنتنياهو، وبعيدا عن توضيح ان لا دعوة شخصية، فالحديث عن طلبه بوقف التشريعات الخاصة بالسلطة القضائية فورا.

ولكن، بين ما هو أخطر، حديثه المباشر وفقا للصحفي فريدمان، وهو نصير جدا لدولة الكيان، أن إقرار تلك التشريعات، سيكسر “الديمقراطية الإسرائيلية والعلاقات مع الديموقراطية الأمريكية ولن تتمكن من استعادتها”.

تحذير غاية الوضوح، جاهد فريق نتنياهو نفيه وبأنه ذلك لم يحدث، لكن البيت الأبيض صمت ولم يعلق نفيا ما يؤكد أن الأمر صوابا فرديمانيا، وكذبا نتنياهويا.

وبعد تقرير نيويورك تايمز، دخلت أطراف جديدة على ساحة الغضب الرافض لتلك التعديلات، كرئيس جهاز الشاباك السابق أرغمان ورئيس جهاز الموساد السابق باردو، وزيادة حالات “التمرد” لرفض الخدمة العسكرية، بمختلف الأسلحة، وبروز ساسة جدد، ولغة تقريبا واحدة، ان طريق التعديلات سيقود الى “حرب أهلية” وصناعة “ديكتاتورية وديكتاتور” في إسرائيل، بل أن باردو وصفها بأنها نموذج إيراني.

تطورات سريع تتناغم مع الرغبة الأمريكية التي تبحث طرقا لإسقاط التحالف الفاشي في دولة الكيان، وليس فقط نتنياهو، باعتبار أن سموتريتش وبن غفير أكثر خطورة سياسية فكرية من ديكتاتور، لان طريقهم لن يكون “ورديا” وقد يكسر ظهر المشروع الأمريكي الذي تم هندسته منذ عام 2002 للخلاص من الخالد ياسر عرفات وتدمير وحدة الكيانية الفلسطينية، وخلق انقسام يخدم جوهر الفكرة الصهيونية في تهويد الضفة والقدس، مع تعزيز مكانة “النتوء الحمساوي” في قطاع غزة ورعايته ليكون خادما للتهويد والتقاسم الوظيفي الذي يدق باب الضفة والقدس.

وفي ظل تنامي غضب قادة الأمن السابقين واتساع حركة رفض “الخدمة العسكرية”، وما أعلنه بعض قادة المؤسسة الأمنية من مخاطر “التمرد” عاد ويزر الجيش غالانت ليطالب بوقف التشريعات القضائية، وفقا لمواقع عبرية نقلت عن مكتبه، كونها تلحق ضررا بكفاءة “الجيش” في ضوء التطورات المتسارعة، مؤكدا أن التقييم جاء بعد لقاء رئيس الأركان وقادة المؤسسة العسكرية المختلفين.

خروج غالانت، بعد تصريحات بايدن وحديث فريدمان، وتنامي رفض قادة الأمن السابقين، مؤشر أن أمريكا قررت عمليا، وضع نهاية لتحالف نتنياهو، وليس فقط للتشريعات القضائية، او أحد بنوده الأكثر إثارة ما يعرف بـ “عدم المظلومية”(بند حماية نتنياهو من السجن الحتمي)، مؤشر بأن زمن الحكومة “الأخطر” على دولة الكيان قد بدأ في العد العكسي.

ولن تكون هذه المرة الأولى التي تقدم بها أمريكا على إسقاط نتنياهو، فقد حدث عام 1998، بعدما تمرد على تفاهمات “واي ريفر” في عهد كلينتون، ورفض تنفيذ انسحابات جزئية من بلدات بالضفة الغربية، فأعلنت واشنطن حربها الصريحة عليه، وعملت بشكل علني لإسقاطه، وقد كان لها ذلك، وفاز يهود براك وحزب العمل بأغلبية انتخابية سمحت له تشكيل حكومة جديدة.

أمريكا قررت نهاية التحالف الفاشي في دولة الكيان ورأسه نتنياهو، حماية لإسرائيل منهم، وخوفا من انفجار غضب فلسطيني يكون عنصر تفجير خارج حدود فلسطين التاريخية، ما قد يفرض مشهدا شرق أوسطيا بغير “الهوى الأمريكي”، مع تطور الحرب في أوكرانيا و”تغلل الصين” البرقي في المنطقة وأفريقيا المجاورة.

مع بروز الحرص الأمريكي من الخوف الانفجاري، على الرسمية الفلسطينية أن تصحو قليلا وتستخدمه بما يعيد قواعد الاحترام للتعامل معها أولا، وعدم الاستهتار بالمخزون الكفاحي الفلسطيني ثانيا، لترتيبات نحو تأكيد قواعد فك الارتباط مع دولة العدو، ومحاصرة مشروعها التهويدي والتقاسم الوظيفي، بأدواته المختلفة، محليا وإقليميا.

رغم أن “الرسمية الفلسطينية” لا تمتلك حاسية “الذكاء السياسي”، لكن الواقع المتحرك جدا حولها يدفعها لأن ترى مشهدا يفرض عليها خيار واحد، إما فكاك مع العدو أو فكاك مع شعب عدو العدو..لا ثالث بينهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى