حسن عصفور: من “تطبيع مقابل دولة فلسطين” الى “تطبيع مقابل رفح”: مسخرة سياسية!
حسن عصفور 29-4-2024: من “تطبيع مقابل دولة فلسطين” الى “تطبيع مقابل رفح”: مسخرة سياسية!
ما قبل الحرب العدوانية على قطاع غزة، انطلقت الإدارة الأمريكية بقوة نحو وضع قواعد حركة التطبيع بين دولة الفاشية اليهودية والعربية السعودية، وكل ما كان في حينه تحقيق تقدم ملحوظ نحو الوصول لتلك الاتفاقية، تؤدي الى أن تعلن فيها حكومة الإرهاب الإسرائيلية “تنازلات خاصة” كوعود نحو تحقيق دولة فلسطينية في نهاية المسار، تبدأ بخطوات تحسين واقع حياتي وتقنين بعض ممارسات جيش الاحتلال وفرقه الاستيطانية.
وبعد الحرب العدوانية على قطاع غزة، تعطلت الحركة التطبيعية “العلنية” بين الرياض وتل أبيب، رغم محاولات الإدارة الأمريكية وتحديدا الوزير اليهودي بلينكن، حيث يرى بها خطوة تاريخية لدعم دولة الكيان، وترسيم وجودها السياسي بشكل جديد في المنطق، ليكتمل عقد الدول العربية المركزية التي تقيم علاقات مع دولة الاحتلال، دون ثمن كبير.
وفجأة، عادت قضية التطبيع السعودي مع دولة العدو تحتل مكانة خاصة، بعدما نشرت صحيفة أمريكية بأن إدارة بايدن، أخبرت حكومة نتنياهو، عليكم الاختيار بين “التطبيع مع السعودية أو اقتحام رفح”..معادلة تخييرية باتت عنوانا مركزيا لأخبار المنطقة، وكأنها حقيقة مطلقة، دون أن يصدر أي رد من العربية السعودية، أو توضيحا كما كان في مرات سابقة.
يمكن اعتبار الرسالة الأمريكية، محاولة استغلال قضية جوهرية كشكل من أشكال الضغط لمنع ذهاب نتنياهو وشركاه باقتحام رفح، دون حسابات، وتحت طلب من الحلفاء الأهم له، بن غفير وسموتريتش، ما قد يحدث لها إرباكا في مخططها الخاص، لـ “أنسنة الحرب”، وخلق وقائع تكرس احتلال قطاع غزة بطريقة “مستحدثة”، دون صدام سياسي واسع مع دول عربية ومنها مصر والعربية السعودية.
ولكن، الحديث عن تحويل مسار التطبيع بالمظهر المعلن، يجب أن يكون رسالة “انذار سياسي” إلى الرسمية الفلسطينية، التي وضعت كثيرا من أوراقها لدى “السداسية العربية”، كي لا تذهب التطورات بعيدا عما كان معلنا، بربط التطبيع بموافقة دولة العدو على قيام دول فلسطينية، موافقة مبدئية وفقا لتصريحات مسؤولين سعوديين، منهم وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وسفيرة الرياض في واشنطن، ريما بنت بندر بن سلطان.
وبعيدا عن أي محاولة تبريرية قد يقوم بها البعض من هنا أو هناك، بأن شعار “تطبيع مقابل رفح” ليس سوى فعل تهديدي، ولا يمس جوهر الموقف السعودي المعلن عنه سابقا، والحديث عنه لمنع جريمة حرب كبرى تنتظر المحافظة الجنوبية، فالمطلوب وضوحا سياسيا وربطا محددا بأصل المسألة التي تم الإشارة إليها.
والتحذير هنا، استنادا لتجارب سابقة، والقياس بها على نص مبادرة السلام العربية مارس 2002، التي ربطت التطبيع العربي مع دولة الكيان بحل الصراع وإقامة دولة فلسطينية على حدود الأرض المحتلة 1967 وعاصتها القدس الشرقية، وهو موقف تم التخلي عنه فيما تلا ذلك من عمليات تطبيع عربية رسمية.
مبادرة الإعلام الأمريكي ثم العبري، لرسم معادلة تطبيع جديدة من دولة فلسطينية مقابل تطبيع الى عدم اقتحام رفح مقابل تطبيع، هي قمة التسخيف السياسي للقضية المركزية، ومحاولة مسبقة لخفض السقف السياسي لإتمام “صفقة العمر الذهبية” التي تنتظرها “اليهودية العالمية” في أمريكا ودولة العدو الاحلالي.
صمت الرسمية الفلسطينية على المعادلة اليهودية الأمريكية الجديدة، تطبيع سعودي مقابل منع اجتياح رفح، سيمثل ضوء أخضر لتغيير قواعد الحركة السياسية، ومقدمة موضوعية لشرعنة احتلال قطاع غزة بمظهر “إنساني”.