أقلام وأراء

حسن عصفور: معبر رفح وترتيبات مؤقتة تحت وصاية مركبة في قطاع غزة

حسن عصفور 28-5-2024: معبر رفح وترتيبات مؤقتة تحت وصاية مركبة في قطاع غزة

خلال أيام، عاد الاتحاد الأوروبي ليفرض حركة متسارعة على المشهد السياسي، جمعا أو دولا منه، منحت فلسطين القضية والدولة “روحا” حاولت أمريكا حصارها عبر الحرب العدوانية على قطاع غزة بيد الفاشية اليهودية، وتصميم مشروع خاص ضمن مشروعها الإقليمي في إطار الصراع الدولي.

العودة الأوروبية الفاعلة، أخذت بعدا عبر دول أعلنت أنها ستعترف رسميا بدولة فلسطين يوم 28 مايو 2024، وبالمصادفة التاريخية هو يوم تأسيس منظمة التحرير عام 1964، حدث كان تمهيديا لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، اعتراف يمثل تطورا جذريا في مكانة الدولة، وكذا مكانة الدور لدول لها ان تصبح قوة مركزية تغييرية للواقع الإقليمي في الشرق الأوسط، وخاصة أن غالبها تحرر من “آثار البقايا الاستعمارية” والرؤية العنصرية” التي حكمت مواقفها فيما مضى عصرا ظلاميا، ضمن حسابات المصالح الاقتصادية أيضا.

مع الحراك الأوروبي المتسارع، عاد الحديث عن دور دوله من خلال معبر رفح والبحث عن إعادة إحياء اتفاق المعابر 2005، ما أكده منسق الشؤون الخارجية جوزيف بوريل، والذي برز بقوة فريدة بموقفه لجانب الحق الفلسطيني، ” “لقد حصلت على الضوء الأخضر من وزراء الاتحاد الأوروبي لإعادة تفعيل مهمة رفح الحدودية وذلك سيساعد على حركة الأشخاص من وإلى غزة، وأن الاتحاد الأوروبي لن يقوم بهذه المهمة “وحيداً”، بل من خلال اتفاق سياسي مع جميع المعنيين”، وأكد: “لن نذهب إلى هناك دون التزام قوي من السلطة الفلسطينية، هذه المهمة ستحتاج إلى دعم مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية”.

لعل تلخيص ما أشار له بوريل، بأن المعبر فيما لو تم التوافق على إحياء دور أوروبي وفقا لـ اتفاق 2005، سيأتي بتعديلات تتعلق بالأطراف “الضامنة”، وبينها دولة الفاشية اليهودية، يمثل منحا لوجود أمني مباشر في التحكم بمعبر رفح، بدرجة حق النقض “الفيتو”، ما يعيد بشكل عملي قطاع غزة إلى وضع احتلالي جديد، بوصاية مركبة، تبدأ من معبر رفح، مضافا لها مخطط أمريكا عبر الميناء البحري، الذي بدأ يتضح للعامة، أنه قاعدة عسكرية – سياسية متقدمة، نحو فرض واقع سياسي جديد.

الدور الأوروبي، بكل “النوايا الحسنة”، وانتفاضة بعض دوله، وربما غالبيتهم قريبا، دعما لفلسطين، لكن المخطط العام وضمن أهداف الحرب العدوانية منذ 7 أكتوبر 2023، ترمي إلى محاصرة البعد الاستقلالي الوطني الفلسطيني، وقطع الطريق على تكريس دولة فلسطين واقعا كيانيا كحقيقة سياسية، تتصادم مع مشروع دولة الفاشية اليهودية، وبعض أركان المشروع الأمريكي العام.

مشروع حصار الكيانية الوطنية الفلسطينية، يشكل توافقا نسبيا مع رؤية أمريكا وبعض حلفائها، تعتقد إدارة بايدن أن الأشهر السابقة مثلت طريقا لتمريره تحت ضغط الحرب العدوانية وما تركته دمارا وقتلا وتشريدا، وشطب مكونات الحياة الإنسانية، لتبدأ في رسم ترتيبات اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، عبر بوابة معبر رفح والميناء البحري، مستغلة التفاعل الشعبي الفلسطيني مع موقف الاتحاد الأوروبي، وأيضا ضرورة وقف قطع الحياة البشرية، عبر حلول “مؤقتة” تعتقد أن غالبية أهل قطاع غزة لن يرفضوها، مع موافقة الممثلين الرسميين عليها، تنسيقا مع مصر وموافقة حكومة العدو في تل أبيب ورضا أمريكي كامل.

وجود الرسمية الفلسطينية ضمن ما أشار له بوريل، وما يتضح من “رؤية أمريكا” لمستقبل قطاع غزة لفترة انتقالية تقوده “إدارة مدنية” ليست جزءا من السلطة، لكنها مطلوبة كـ “محلل” تمرير الصفقة السياسية القادمة، على طريق تشكيل كيانية فلسطينية ضمن المشروع الإقليمي العام، خال من الاستقلالية الوطنية، ومحاصرة للهبة العالمية لفرض دولة فلسطين.

قد تلجأ الولايات المتحدة، بعدما تستكمل صياغة ترتيبات اليوم التالي لحرب غزة، الى صياغة مساومة مركبة، ومعقدة، بأن توافق في مجلس الأمن على قرار الأمم المتحدة الأخير التعزيزي لدولة فلسطين يوم 10 مايو 2024، مقابل موافقة رسمية فلسطينية على “الترتيبات الانتقالية” في قطاع غزة، لمدة زمنية يتم التوافق عليها، قد تكون بين 3- 5 سنوات.

صفقة مركبة معقدة، رفضها سيضع الرسمية الفلسطينية كأنها مع استمرار الحرب التدميرية، خاصة مع دخول الاتحاد الأوروبي بقوته ومواقفه الإيجابية المتطورة طرفا، فيما تزيد أمريكا الضغط السياسي عبر جيش دولة الكيان الفاشي لممارسة جرائم حرب متسعة.. وقبولها سيضعها تحت قائمة “التفريط الوطني”.

وقطعا لطريق وضع الرسمية الفلسطينية تحت “الضغط الكارثي” بين خيار الموت البطيء للمشروع الوطني أو خيار إبادة جماعية متلاحقة، عليها قبل الموافقة والدخول في نفق الخطر الكبير، أن تعلن الدولة وفقا لقرار 19/ 67 لعام 2012، وإن لم تعترف بها الولايات المتحدة، وتصبح بصفتها دولة طرفا في الترتيبات القادمة.

إعلان دولة فلسطين شرط الضرورة الوطنية للمشاركة في الترتيبات الانتقالية القادمة بكل ما بها مصائب وطنية، دونه عودة لاستعمار احتلالي وفصل كياني تحت “وصاية مستحدثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى