حسن عصفور: عقلانية حماس السياسية بثوب الخطيئة السياسية
حسن عصفور 25-9-2024: عقلانية حماس السياسية بثوب الخطيئة السياسية
قد لا يرى الكثيرون، حقيقة نشأة حركة حماس الجوهري، بأنها وجدت لتكون “بديلا موازيا” لمنظمة التحرير بتشجيع أمريكي وإسرائيلي مع دول عربية، بعدما نشر معهد “واشنطن” دراسة حول البناء من أجل السلام، عام 1988، بعد انطلاق الانتفاضة الوطنية الكبرى ديسمبر 1987، طالب فيها بضرورة تغيير المطلب الأمريكي – الإسرائيلي من “تشكيل بديل عن منظمة التحرير” بعدما تأكد فشله، إلى تشكيل “بديل مواز”.
قد يبرز سؤال، ولما يعود النقاش حول “أصل حكاية التكوين”، والانتقال من “مجمع إسلامي مرخص من سلطة الاحتلال إلى حركة عسكرية”، بعد سنوات طويلة خاصة وتمكنت خلالها الفوز بانتخابات مجلس تشريعي، أي كانت دوافع الفوز وطبيعته، وشكلت حكومة، قبل أن تصل إلى انقلابها يونيو 2007، وهي تواجه عدوانا راهنا في قطاع غزة.
جوابا، نشرت حركة حماس رسالة يوم 24 سبتمبر 2024، في مواقعها التواصلية، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش (مؤرخة يوم 22 سبتمبر 2024) تناولت استعراضا لمواقفها من “صفقة التهدئة والتبادل” وما قدمت لذلك، فيما دولة الكيان ترفض وتماطل.
وفي سياق بحثها عن “حل” أبدت حركة حماس استعدادها في الرسالة إلى “الانخراط في عملية سياسية شاملة، تستند إلى القرارات الدولية ذات الصلة لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين”.
مبدئيا، من حق “الحركة الإخوانجية” أن تصدر كل ما تراه من بيانات وتصريحات، ولقاء مع كل قنوات باتت متاحة لها بكل اللغات، وتطالب ما تطالب بصفتها التنظيمية الخاصة، ولكن وبتوقيت “مشبوه سياسيا”، قامت بإرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة (رغم أنه القاها بمكب نفايات المنظمة)، بتجاهل مطلق لدولة فلسطين، والتي نالت عضوية شبه كاملة، وكان جلوسها في قائمة الدول الأعضاء منجزا وطنيا “تاريخيا” نحو استكمال ما يجب، إلى جانب وجود رئيس دولة فلسطين محمود عباس لحضور الدورة الـ 79 للمنظمة الدولية، هو جوهر الرسالة.
لا يمكن اعتبار قيادة حماس “المتذاكية” بأنها لم تنتبه لتلك المسألة المركزية والحساسة أيضا، لكن الحقيقة أن رسالتها لم تكن موجهة إلى الأمين العام للمنظمة الأممية غوتيريش، بل إلى تلك الأطراف، التي بدأت البحث في تشكيل “قيادة جديدة فاعلة قادرة”، تقبل تقاسم كياني وسياسي ووظيفي للكيانية، من أطراف عدة نشطت جدا في الآونة الأخيرة.
حركة حماس برسالتها الأخيرة، أعلنت موقفا “انقلابيا في السياسية” بقبولها قرارات الأمم المتحدة كافة، وإشادتها بمذكرة “العدل الدولية” حول ماهية الاحتلال، المستندة إلى اتفاق أوسلو، رغم ما قالته عنه وعممت بكل قواها لتدميره، توافقا مع محور شر سياسي معلوم، لكن المركزي والأساس فيما رمت إليه رسالتها، استعدادها الحقيقي نحو الانخراط في “عملية” التكوين المنتظر للمشهد الفلسطيني في قطاع غزة”، وضمن “الشروط المراد أن تكون قاعدة مقبولة”.
لعل تصريحات رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، الأخيرة في لجنة داخلية خاصة بكنيستهم، حول رفضه المطلق وجود “السلطة الفلسطينية” في غزة، وكذا “حماس القديمة”، دفع الحركة الإخوانجية بالمسارعة بتقديم مؤشر سياسي مركزي، بعد مساعدة “صديق”، بأنها “جاهزة أن تعيد تكوين ذاتها” توافقا مع المرحلة الجديدة”، خاصة وهي تمتلك خبرة واسعة من العمل “الإنساني” منذ عام 1967 حتى 1988، وتعايشت دون عوائق كبيرة، وهو المطلوب للمرحلة القادمة.
لو كانت حركة حماس، أصيبت بفقر وعي وطني وسياسي عندما كتبت ما كتبت في رسالتها، وأرسلتها “عبر نفق خاص” إلى غوتيريش، عبر “غواية خاصة”، وبأنها لا ترمي أبدا لأن تكون “شريكا في ترتيبات أمريكية إسرائيلية بعض غربية وعربية” للشراكة في “الترتيبات القادمة”، فعليها فورا أن تعلن اعتذارا علنيا للشعب الفلسطيني، وتعيد مخاطبة الرئيس عباس بصفته رئيس دولة فلسطين، خاصة وأنه سيتحدث يوم الجمعة القادم من منبر المنظمة الأممية.
دون اعتذار حركة حماس عما فعلت برسالتها الاستبدالية لمنظمة التحرير والتمثيل الوطني الفلسطيني، يجب اعتبار موقفها “منبوذا وطنيا”، وأن يقترن اسمها لاحقا بما كان سابقا باعتبارها حركة إخوانجية”.