حسن عصفور : شيطنة" هبة غزة و "حمسنتها" لعبة إسرائيلية فإحذروها!
كتب حسن عصفور ١-٤-٢٠١٨م
بعيدا عن “الجدل الداخلي” الفلسطيني، فيما يتعلق بـ”هبة غزة” يوم 30 مارس 2018، فالأثر العام إقليميا ودوليا لن يمر مرورا عابرا، بل أن أمريكا ودولة الكيان، وعدد من دول غربية، سيعملون كل ما يمكنهم من إستخدامها “ذريعة سياسية” خاصة لإعلاء “الأزمة الإنسانية” في قطاع غزة، بالتوازي مع “شيطنة الحركة الشعبية”..
النقاش الفلسطيني، يذهب الى محاولة البعض “خطف” بعضا من قيمة الحدث، فيما يحاول آخر الى “زج ذاته” بطريقة غير لائقة، ورغم ان حركة حماس هي الأكثر “تحقيقا” للمكاسب السياسية ، كفصيل مستقل، لكنها ستفقد كثيرا منه، لو إستمرت أوساطها وإعلامها في محاولة سحب شعبية الهبة الى “حمسنتها”، فتلك ستكون “ضربة قاضية” ليس لحماس فحسب، ولكن لمآثر يوم الغضب الوطني..
“هبة غزة” ” أجبرت الكيان مؤسسات عسكرية أمنية وإعلامية، أن لا ينعم بـ”إحتفالات” مريحة، فكانت هي الحاضر الأهم، والأبرز على جدول أعمالهم..
سريعا، ذهبت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لمحاولة “شيطنة” الهبة عبر تصدير صور لعدد من الشهداء وهم بزي عسكري للقسام وغيره من الأجنحة العسكرية، صور رافقها تصريحات أن الذي كان ليس حدثا شعبيا، بل مظهر من مظاهر استخدام القوة العسكرية، لتبرير جرائم القتل العلنية، لحشود شعبية سلمية، والتي أجبرت مختلف دول العالم، عدا أمريكا، على المطالبة بتحقيق مستقل للقتل الذي قامت به قوات الاحتلال..
سرعة الكيان بإعادة نشر صور بعض الشهداء بزي عسكري، ليس سوى عملية إستباقية لأي تحقيق قد يكون، رغم صعوبته في ظل موقف أمريكا، وعدم جدية القيادة الفلسطينية في متابعة ذلك، كما سبق موقفها في تقرير غولدستون، رغم أنها فرصة لها ايضا لتلاحق دولة الكيان، لكن مفيد أن تدرك حماس والفصائل الأخرى، ان بعض الصور لا تخدم قيمة العمل الكفاحي، وهي أخطاء “ساذجة” لا ضرورة لها..
دولة الكيان، وهي تحاول “شيطنة الهبة” و”حمسنتها”، ترمي الى فرض وقائع سياسية على المشهد العام، هدفها الحقيقي، فتح باب التفاوض المستقل مع حركة حماس، بصفتها “سلطة الأمر الواقع” في قطاع غزة، وهي المسؤولة عن تطورات الأحداث، وما تحدثت به وسائل اعلام الكيان بمختلف توجهاته كانت عملية تكثيف لإبراز دور حماس، وحدها وتجاهل كلي لأي فصيل غيرها، بل هناك من تحدث عنها ولأول مرة بطريقة تظهر قدرتها على السيطرة والإنضباط والتحكم..ومقارنة غير مسبوقة بين “فتوة شباب قيادة حماس” ومشاركتها العملية في الهبة مقابل “كهولة قيادة فتح” وغيابها عن الحدث الأهم..
مقارنة، لا تخلو أبدا من هدف سياسي، لتكريس “حضور حماس ” بأنها باتت اللاعب المركزي لأي عملية تفاوضية قادمة، مع تعزيز “البعد الإنفصالي” لقطاع غزة، من باب إنساني..
“الشيطنة” و”الحمسنة”، هي أدوات ستتعامل معها دولة الكيان بالتوازي، وما لم تدرك حركة حماس خطورة تلك “المصيدة الإعلامية”، وأن تشق طريقا مضادا فأنها قد تجد ذاتها بوعي أو بدونه تشارك في تنفيذ “خطر ساسي كبير”، ولذا عليها أن تسارع في تطويق مناورة سامة واضحة..وأن حركات “الإشادة”، رغم صواب كثيرها، ليس “حبا في حماس” بل “كرها في فلسطين”!
الهبة فتحت بابا لفرض واقع جديد، فمن المفيد بل والضروري ان لا تذهب حماس في محاولة “قولبة” الحركة الشعبية أو “تخييمها”، ما سيفقدها قيمتها الحقيقية بل وما سيكون له آثارا سلبية، ولذا التفكير في كيفية الحفاظ على الزخم الشعبي دون “حركة إعلانية”، وتلك تحتاج لتقييم شامل وجاد، بعيدا عن “النشوة” التي أصابت بعض أوساط في قطاع غزة..
فيما تفرض على القيادة الرسمية، وفصيلها الأساس فتح، ان تتعامل مع الحدث بما يستحق من تقييم ومتابعة، وما تتطلبه من ضرورات التغيير في السلوك والمسار ليس فقط بملاحقة الكيان دوليا، بل في إحداث تغيير جذري في العلاقة مع قطاع غزة، وأن تفرض على رئيسها وحكومتها إنهاء كل ما ألحق ضررا بالقطاع..
الهبة حدث نوعي يمكنه أن يفرض واقعا كفاحيا لو أحسن التعامل وطنيا وليس “حسبة فصائلية”!