أقلام وأراء

حسن عصفور: الميثاق الوطني الفلسطيني مقابل إسرائيل الكبرى

حسن عصفور 4-11-2025: الميثاق الوطني الفلسطيني مقابل إسرائيل الكبرى

مع تصاعد المطالبات الدولية، وبعض العربية، الرسمية الفلسطينية القيام بإصلاحات تجاوزت البعد المؤسساتي لتصل إلى حدود الرؤية السياسية والدستور الفلسطيني، مرورا بالميثاق الوطني، للقيام بتعديل كل ما يمس دولة الكيان الاحلالي، مستخدمين وقائع في زمن مختلف وواقع مختلف.

وكي لا تستمر حركة “الارتعاش السياسي” من الضغوط المركبة لتعديل جوهر الرؤية الوطنية وقانونها الخاص، دستور وميثاق، يجب التأكيد دوما على ذات قواعد أول اتفاق رسمي بين منظمة التحرير ودولة الكيان، ويبدو أنه لن يكون في زمن قريب، ما لم تحدث “قنابل سياسية كارهة” ضد الولايات المتحدة قبل غيرها، لفرض طريق بات مختفيا.

التأكيد على قواعد اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) يمثل سلاحا سياسيا هاما للرسمية الفلسطينية، خاصة وأن الرئيس محمود عباس كان أحد أعضاء “خلية قيادة العملية السرية” التي قادها الخالد ياسر عرفات، بجانبه عباس وياسر عبدربه ومحسن إبراهيم وعضوي وفد المفاوضات أبو علاء وحسن عصفور، خلافا لقيادة دولة الاحتلال التي تقودها حكومة معادية جدا للاتفاق، بل هي من قتل موقعه رابين.

يملك الرئيس عباس ورقة قوة سياسية تفوق كثيرا بأهميتها من غيره، فاتفاق إعلان المبادئ وضع قواعد لصناعة سلام انطلاقا من التبادلية خاصة الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني ودولة إسرائيل، وهو ما لم يعد قائما منذ بداية الغزوة العسكرية ضد الضفة وقطاع غزة سبتمبر 2000 قادها براك شارون لتدمير مقومات السلطة الوطنية ولاحقا اغتيال الرئيس المؤسس ياسر عرفات.

الحديث عن الإصلاح السياسي يجب أن يبدأ من ذات القاعدة التي صنعت الاتفاق الأول عام 1993، وليس من حيث انتهت العملية السياسية ومسارها الطويل، ولا تملك دولة يمكنها أن تتجاهل القيم التي تم صناعتها في الاتفاق الأول، خاصة وهي تنادي دوما بضرورة بحث تسوية سياسية للصراع.

وكي لا تسرق بعض الأطراف العربية جوهر الفكرة التبادلية، تحت شعارات خادعة كاذبة لا علاقة لها بفلسطين، أو حل القضية الفلسطينية، فلعل الرئيس عباس يشكل لجنة مصغرة من فريق سياسي وقانوني يحدد عناصر الرؤية الفلسطينية الشاملة للإصلاح السياسي المرتبط بالصراع، وليس ما يرتبط بالداخل المؤسساتي، والفصل بينها أكثر من ضرورة كي لا تستخدم من قبل أطراف داخل الإدارة الأمريكية وبعض الأوروبية لعملية ابتزاز سياسي.

ولعل المسألة التي تحاول دولة الكيان استخدامها ضد منظمة التحرير ما يتعلق بمواد الميثاق الوطني، خاصة المرتبط بالحديث عن فلسطين كاملة من النهر إلى البحر هي ملك لشعبها وأهلها، ومن يرتضي أن يكون مواطنا بها وفقا لقانونها، وتم مناقشتها بدقة عالية وحساسية خاصة خلال مفاوضات أوسلو، وتم الاتفاق على تعديل البنود المتعارضة مع الاتفاق.

عمليا، لم يتم تعديل مواد الميثاق حتى تاريخه، بعيدا عن الغوغائية التي أدارتها الفرقة الغبية سياسيا، أو من هم كانوا شركاء لليمين الفاشي اليهودي لاغتيال الاتفاق، ومن أطراف عربية كان هدفها الأساس منع قيام سلطة فلسطينية ككيانية أولى فوق أرض فلسطين.

في دورة المجلس الوطني 1996 تم الحديث عن تشكيل لجنة تبحث المواد الخاصة بالميثاق التي لا تتوافق واتفاق إعلان المبادئ، لكنها لم تكمل عملها بعدما تراجعت دولة الاحتلال عن تنفيذ ما عليها من التزامات، خاصة إعادة الانتشار داخل الضفة والقدس، وبعدما اعترض نتنياهو على تنفيذ مذكرة واي ريفر، فيما يحاول البعض اعتبار جلسة الترحيب بالرئيس الأمريكي عند زيارته غزة 1998 والحديث من يؤيد تعديل الميثاق دليلا..مسألة تكشف محدودة القدرة الفكرية لمستخدميها.

راهنا، يجب وضع مسألة الميثاق الوطني بكل بنوده كجزء من المواجهة السياسية مع دولة الاحتلال ومن يريد تعديلا سياسيا، لتصبح موازيا لإعلان إسرائيل رسميا تخليها كليا عن شعارها، الذي أعاد نتنياهو إطلاقه منذ أيام حول “أرض إسرائيل من النيل إلى الفرات”، ومعها الالتزام بمبدأ الاعتراف المتبادل، الذي سيصبح بين دولتين وليس منظمة ودولة.

يمكن للرئيس عباس تكليف فريق سياسي قانوني يتولى صياغة واضحة، حول الرؤية الشاملة وقطع الطريق على “الجزئية” التي تروج لها دول معينة، رؤية تناقش مع الأطراف ذات الصلة بالحديث عن “الإصلاح”.

أصبح مهما الانتقال من الانتظارية لطلبات الآخرين إلى المبادرة التفاعلية وفق رؤية محددة مستندة لكل أوراق سابقة..لا وقت للتفكير بل للتنفيذ.. لو أريد حقا حماية الكيانية الوطنية من خطر “الذوبان”.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى