حسن عصفور: الحاضنة الشعبية في لبنان سلاح يحتاجه “حزب الله”
حسن عصفور 24-9-2024: الحاضنة الشعبية في لبنان سلاح يحتاجه “حزب الله”
موضوعيا، نجحت حكومة دولة الفاشية اليهودية برسم مسار الحرب العدوانية وفقا للمخطط الذي أعلنه رئيسها بنيامين نتنياهو يوم 9 أكتوبر 2023، انه بدء تغيير معالم الشرق الأوسط، بعدما فرض وضعا عسكريا في لبنان لن يعود إلى الوراء كما كان يوم 17 سبتمبر 2024، حين استخدم سلاح دمار شامل سيبراني “بيجر” في اغتيال جماعي.
التصعيد المتسارع جدا في حرب لبنان، وتجاوز حكومة نتنياهو “الخطوط الحمراء”، التي ادعت واشنطن أنها لن تسمح بها، تأكيد على الدخول في مرحلة جديدة من المشهد العام في المنطقة، ومعها العمل على احداث تغيير في الواقع اللبناني، الذي لم يكن متوافقا وغالبية شعبية لبنانية.
وبعيدا عن الموقف من حزب الله، مواقفا وسلوكا ودورا خلق انكسارا وشللا شاملا في الدولة اللبنانية، وتعامل وكأنها بلد تم اختطافه، هو دون غيره من يحدد مسارها استنادا إلى قوة عسكرية خارج الرسمية، وما أنتجه من أعمال خلقت فجوات هائلة بينه والآخرين، ولأن نتائج الحرب العدوانية ستمس جوهر لبنان، خاصة وأنها تجد دعما مطلقا لها من أمريكا، يجب العمل السريع جدا، على الذهاب الى الداخل اللبناني لترتيب عناصره وفق أولويات وأجندات تنطلق من مصلحة لبنانية “شبه خالصة”.
وذلك يتطلب قيام حزب الله الطلب من حليفه الرئيسي، وربما الوحيد المتبقي له، رئيس البرلمان رئيس حركة أمل نبيه بري، بما يمتلك من خبرة سياسية وتجربة عميقة، العمل السريع لإطلاق “مبادرة الحاضنة الشعبية”.
الحديث عن “مبادرة الحاضنة الشعبية” في لبنان لمواجهة الحرب العدوانية الشاملة والمتسارعة، تنطلق من تفويض كامل يمنحه حزب الله لنبيه بري، من أجل المبادرة لدعوة أطراف المكونات اللبنانية دون استثناء، تضع عناصر الخروج من أزمة سياسية طال زمنها، ونهاية مرحلة “الفيتو الأمني السياسي” الذي فرضه حزب الله على لبنان.
عناصر “مبادرة الحاضنة الشعبية” تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية فورا، ورئيس وزراء وحكومة تعكس التمثيل الشعبي والبرلماني لمختلف القوى السياسية، وإلى جوارها تشكيل مجلس أمني سياسي مصغر يتولى وضع رؤية لبنان في إدارة الحرب واليوم التالي للحرب، وتفتح باب العلاقات مع الدول العربية لتعود قوة دعم وفعل إيجابي، بعدما “هربت” جراء خطف لبنان منذ ما بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري 2005.
ملامح الحرب العدوانية كشفت وبسرعة برقية، ان الرهان على الدور الأمريكي والفرنسي لمنع حرب عدوانية ضد لبنان سقطت، ومعها بالمقابل سقطت نظرية “تدخل بلاد الفرس” لنصرة حزبها الذي كان رأس حربتها في لبنان، فتلك مسألة حسابتها تتجاوز جدا كل “العواطف السياسية”، والتي لا قيمة لها أبدا في البعد الاستراتيجي لمصالح الدول.
وقبل ذلك، لن تذهب دول عربية لأي خطوات حقيقية لوقف الحرب العدوانية على لبنان، وهي التي حملت سلاح الكلام الناري خلال عام من حرب غزة، شهدت إبادة جماعية لم تشهدها البشرية في تاريخها قياسا بالمكان والزمان.
حسابات مواجهة الحرب ضد لبنان يجب أن تبدأ من لبنان، والآن قبل الغد لو حقا يراد ألا تكون نتائجها تدميرية شاملة على مستقبله العام، بخطوات يمكنها أن تعيد الوجه الخاص الذي كان حاضرا في لبنان، إبان زمن مختلف ما قبل 2005، واعتقاد البعض أنها خطوات لاحقة لمواجهة الحرب ليس سوى مقولة سياسية غبية، خاصة وأن نتائج اليوم الأول للمواجهة أكدت أن الحسابات المسبقة لبعض المصابين بغرور وكبرياء الوهم لا تتفق ومسار العدوان.
“مبادرة الحاضنة الشعبية” في لبنان هي السلاح الجمعي الأهم الذي يمكنه محاصرة حربا تريد فرض واقع جديد يتوافق ونتائجها العسكرية بثوب سياسي.