أقلام وأراء

حسام كنفاني معركة “إخراج نتنياهو”

حسام كنفاني *6/6/2021

يتعامل رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، مع محاولات إخراجه من السلطة عبر ائتلاف حكومي جديد، بالفكر نفسه لدى كل الدكتاتوريين المتمسكين بالسلطة إلى الأبد، فبعد فترة حكم امتدت أكثر من 12 عاماً، منذ 31 مارس/ آذار 2009، ما عاد نتنياهو قادراً على تخيل نفسه خارج السلطة، فضلا عما يمكن أن يحدُث له من ملاحقات قضائية في حال نجح زعيما حزبي “هناك مستقبل” يائير لبيد و”يمينا” نفتالي بنيت في تمرير ائتلافهما الحكومي في الكنيست. ائتلاف لا يجتمع أطرافه على شيء سوى أنهم معارضون لرئيس الحكومة المنتهية ولايته، لذا من الممكن إطلاق اسم “ائتلاف إخراج نتنياهو” على هذا التحالف.

نتنياهو أول من يعلم أن هذه هي الغاية من الائتلاف، والذي يدرك أطرافه أنه لن يعمّر أكثر من سنة أو سنتين في الحد الأقصى، وهي فترة ستكون كفيلة بإخراج نتنياهو من المشهد السياسي، سواء عبر القضاء أو حتى بعزله داخل حزب الليكود، والذي بدأت أصوات تمرّد تخرج داخله ضد رئيس الحزب. فلا أحد يعوّل على أي إنجازاتٍ سياسيةٍ لهذا التحالف، باستثناء إنهاء حكم نتنياهو.

على هذا الأساس، يتصرّف نتنياهو في مواجهة الائتلاف على أنها معركة وجودية، ولن يتوانى عن استخدام كل الأسلحة فيها، بداية من المنطق الديكتاتوري وصولاً إلى تفجير الوضع الميداني. ومن يستمع إلى كلام نتنياهو يتأكد أنه يعيش حالة من الهستيريا غير المسبوقة. فهو لم يكتف بإعلان معارضته هذا التحالف، والتحذير من “خطورته” بحسب رأيه، بل دعا إلى الخروج بتظاهرات ضده، داعياً حلفاءه إلى اجتماعاتٍ متتاليةٍ لإدارة “المواجهة”.

إلى الآن يبدو أن نتنياهو يحقق نقاطاً في هذه المواجهة، بعدما ظهرات بوادر تردّد على أحد أعضاء الائتلاف الحكومي، خصوصاً بعد الاتفاق الذي أُبرم مع “القائمة العربية الموحدة” بزعامة منصور عباس، وهو ما يؤخر مثول الحكومة أمام الكنيست. لكن نقاط نتنياهو غير مضمونة، وخيارات أخرى قد تكون أمام هذا الائتلاف لتعويض النقص في حال حصوله، ولا سيما بين بعض النواب العرب الذين لم يعلنوا صراحة بعد التصويت لمصلحة هذا الائتلاف.

مرحلة الترقب هذه قد تكون خطرة، ونتنياهو من الممكن أن يلجأ إلى أسلحة أمضى في “معركة البقاء”، وهو ما تخشاه أطراف كثيرة، وفي مقدمتها الإدارة الأميركية التي استدعت وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، بشكل عاجل إلى واشنطن للتأكيد على منع أي توجّه من نتنياهو لمهاجمة إيران تحت ذريعة ردعها من الحصول على سلاح نووي، وهو ما من شأنه أن يربك المنطقة والحسابات الداخلية، ويعيد تصدير نتنياهو كـ “حامي إسرائيل”. هو حاول ذلك في العدوان على غزة، ونجح في حصد نقاط داخلية ليست قليلة، غير أن الضغط الأميركي لإيقاف الحرب أعاد تخسيره هذه النقاط بين الأطراف اليمينية التي رأت أن وقف الحرب أعطى نقاط قوة لـ”حماس”.

مع التقدّم في معركة إخراج نتنياهو، قد يعيد الأخير محاولة إشعال الجبهة الفلسطينية، في ظل الفيتو الأميركي القوي على الاحتكاك مع إيران. محاولة يسخّر لها أطرافاً يمينية للقيام باقتحامات متكررة للأقصى، إضافة إلى توسيع حملة الاعتقالات في الداخل الفلسطيني والقدس المحتلة. وعلى هذا الأساس، لا تزال مفاوضات التهدئة مع غزة تراوح مكانها، وبات نتنياهو يربطها بملف تبادل الأسرى، عله يحقق أيضاً بعض النقاط التي تبقيه داخل الحلبة السياسية لمزيد من الوقت، غير أن الوقت قد لا يسعفه لذلك.

إسرائيل اليوم باتت على أعتاب طي فترة حكم نتنياهو، غير أن معركة الأخير للاستمرار لم تنته بعد، ففي حال خسارته الحكومة، سيكون أمام معركة أخرى داخل حزب الليكود لن تقل شراسة عن مواجهة هذا الائتلاف الحكومي.

* حسام كنفاني – صحافي لبناني،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى