حاييم رامون يكتب – من هنا الرافض؟
بقلم : حاييم رامون ، يديعوت 4/10/2018
في اوساط الكثير من الجمهور الاسرائيلي تثبتت فكرة أن أبو مازن يرفض اللقاء مع نتنياهو واجراء مفاوضات معه. ولكن لا حاجة الا لبعض الحفر كي نكتشف من هو الرافض.
في 2016، في خطاب في الجمعية العمومية للامم المتحدة، دعا نتنياهو أبو مازن لأن يجري معه مفاوضات، بل ودعاه لأن يخطب في الكنيست. في 2017 اختفى الفلسطينيون من خطابه السنوي في الامم المتحدة. لم تكن هذه صدفة، وقبل نحو اسبوعين ايضا، في الخطاب في الجمعية، امتنع نتنياهو عن ان يعرض أي خطة سياسية وأن يدعو الفلسطينيين للعودة الى المفاوضات. ولم يتطرق لأبو مازن إلا في سياق انتقاده لقانون القومية. حتى حماس، التي تشعل الحدود في الجنوب، تبددت كالدخان. وباستثناء الدعوة لاعادة جثماني جنديينا وتحرير أسيرينا، لم يكن شيء، لأن بيبي لا يقصد أي شيء.
حتى ايلول 2017 لم يكف نتنياهو عن الطلب من أبو مازن العودة الى طاولة المفاوضات في كل مكان وفي كل زمان، بشرط مبرر واحد: أن يتم اللقاء دون شروط مسبقة لأي من الطرفين.أبو مازن اشترط شروطا فخدم نتنياهو. وعندها وقعت “مصيبة”: في اعقاب ضغط من بوتين وافق رئيس السلطة على اللقاء. وتقرر أن يعقد في موسكو. مبعوث رسمي من وزارة الخارجية الروسية بشر بيبي بأن أبو مازن مستعد للقاء دون طرح شروط مسبقة. عندها بسط نتنياهو أمام المسؤول الروسي خطته السياسية الحقيقية: قال إن اللقاء عديم الغاية، لأن أبو مازن سيضع على رأس جدول الاعمال مطلب الدولة الفلسطينية وانسحاب اسرائيل من اراضي الضفة، “وأنا غير مستعد للانسحاب من أي شبر”. اكثر من هذا، فقوات الامن الاسرائيلية، اضاف، ستبقى الى الأبد في كل يهودا، السامرة وغور الاردن.
سأل المبعوث: “وماذا مع المستوطنات؟”، فأجاب نتنياهو: المستوطنات ليست عائقا للسلام، لا أنوي اخلاء أي مستوطنة، واسرائيل ستواصل الحكم فيها كلها أمنيا ومدنيا. وعندما سئل ما الذي سيعرضه على الفلسطينيين، أجاب بأنه ليس لديه أي تحفظ من أن يسموا السلطة الفلسطينية “دولة”. فأجاب مندوب بوتين بأن في عرضه لا يوجد حتى ذرة من بداية مفاوضات. بيبي أكد، وشرح بأنه بالتالي لا معنى للقاء؛ الوضع الحالي سيبقى عمليا بلا تغيير، بلا صلة بموافقة الفلسطينيين.
سأل مندوب الكرملين المتفاجيء نتنياهو عما يقوله لبوتين وأبو مازن. وكان جوابه تقريبا على النحو التالي: “قل لهم إنه بسبب مشاكل الجداول الزمنية لن أتمكن من الوصول الى اللقاء في الموعد الذي يقترحه بوتين، وسنقرر موعدا آخر”. وحتى اليوم لم يتوفر موعد كهذا.ومنذ ذلك الحين كف نتنياهو عن أن يعرض على أبو مازن استئناف المفاوضات. وفي كل مرة سئل فيها، اختلق عذرا. ومؤخرا قال إنه لا معنى للقاء مع أبو مازن قبل أن يعرض ترامب “صفقة القرن” خاصته، وعلى الفور طلب علنا من الرئيس الامريكي ألا يسارع الى عرض خطته. ثمة من سيقول إن نتنياهو لا يريد أن يعقد اللقاء برعاية روسية، خشية أن يشعر ترامب بالاهانة. غير أنه منذئذ توجه الفلسطينيون عدة مرات للادارة الامريكية وطلبوا لقاء بين نتنياهو وأبو مازن – ولكن الاول بقي على رفضه.
في الشهر الماضي التقى رئيس السلطة مع الرئيس الفرنسي ميكرون وصرح علنا برغبته في اللقاء مع نتنياهو والعودة الى مفاوضات، علنية أم سرية. وطلب من ميكرون أن ينقل الرسالة الى الادارة الامريكية. وفي خطابه (غير الناجح) ايضا في الجمعية العمومية للامم المتحدة كرر أبو مازن ذلك. غير أنه من الساكن في شارع بلفور لا صوتا ولا مجيبا.
هذه هي الحقائق: ستة رؤساء الوزراء السابقين كانوا مستعدين للقاء مع كل زعيم فلسطيني من اجل تحقيق تسوية، فقط نتنياهو يتملص من اللقاء مع أبو مازن بأعذار متغيرة. خير له الوضع الراهن. برعايته يضم الضفة بحكم الامر الواقع، يزيد عدد المستوطنين خلف الجدار الامني، يجعل اسرائيل دولة ثنائية القومية ويقرر نهاية دولة اليهود الديمقراطية. لحظه، لا توجد امامه معارضة. الحقائق معروفة لكل من يهمه الأمر، ولكن أحدا من عديمي الرجال في المعارضة لا يقف باستقامة وبشجاعة ويطلب منه: انطلق والتق مع أبو مازن في محاولة للتقدم في تسوية، حتى وإن كانت الاحتمالات قليلة، لأن هذا هو واجبك تجاه شعبك.