أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – هل يفقد ترامب أصوات الأقليات ؟

حافظ البرغوثي *- 9/10/2020

زوبعة إصابة الرئيس ترامب بفيروس كورونا وشفائه العاجل، لم تغير رأيه في الاستخفاف بالفيروس، رغم وفاة 200 ألف أمريكي، وهو بعد مغادرته المستشفى واصل تبسيط أثر الفيروس في الصحة، ولم يكترث للجثث الكثيرة التي نزلت إلى القبور. لقد صارت جائحة كورونا على رأس اهتمام الناخب الأمريكي، لكن هناك عوامل أخرى مؤثرة في الانتخابات وهي الدين ثم الأقليات ثم المال. فطالما لوح المرشحون الأمريكيون بالإنجيل في حملاتهم الانتخابية واستعانوا بمفردات دينية إنجيلية توراتية عن الحروب الصليبية والمعركة الفاصلة في مجدو إلخ.. لذلك عندما سار ترامب من البيت الأبيض إلى كنيسة قريبة ليرفع الإنجيل كان يكرر قولاً سبق أن قاله وهو أن الإنجيل مفتاح النجاح في الانتخابات! رغم أن الدستور الأمريكي علماني ويفصل بين الدين والدولة، فإن أغلب الرؤساء تمسكوا بالإنجيل وإظهار الإيمان طمعاً في الحصول على صوت الناخب المتدين. فالرئيس رونالد ريجان كان يقول إن الوقوف مع أمريكا هو وقوف مع الرب، وكان يرى في فتح سباق حرب النجوم مع الاتحاد السوفييتي مقدمة للتعجيل بقدوم «المسيح المنتظر».

وكان كارتر المتدين جداً حظي بدعم مؤسس الكنيسة الإنجيلية القس جيري فالويل، عند ترشحه لرئاسة أمريكا عام 1976. والمعروف عن فالويل أنه كان يردد دوماً أن «الرب خلق الولايات المتحدة». وقد تولى فالويل الابن مهمة دعم ترامب في حملته الانتخابية الأولى وحشد له اتباع الكنيسة الذين يقدر عددهم بالملايين.

أما الرئيس جورج بوش الابن فقد روج أن حربه في العراق «صليبية، وتمت بوحي إلهي». وبالنسبة للرئيس ترامب فإنه لم يعد يحظى بدعم كلي من الكنيسة الإنجيلية ولم تعد الولايات الإنجيلية مضمونة بالكامل له، حيث انفض عنه الكثيرون بسبب الركود الاقتصادي وسوء إدارته لجائحة كورونا ومواقفه من الأقليات، كما أن الأقليات العرقية زادت من حشدها ضده، خاصة السود، بعد تبنيه نظرية «تفوُّق العرق الأبيض»، وهي نظرية أبعدت الكثيرين من اليهود من حوله. فالأصوات اليهودية تصب في صالح بايدن، لأن اليهود يرون في نظرية العرق الأبيض مقدمة للنازية. من هنا رأينا أن الملياردير اليهودي مايكل بلومبيرج قدم أكبر مساهمة مالية لبايدن بلغت مئة مليون دولار، وبالطبع ذهبت أموال اليهود لكلا المرشحين، لكن حصة بايدن أكبر.

وهناك الأفارقة الذين ناصبهم ترامب العداء منذ بداية حكمه، واتخذ موقفاً مضاداً لهم في احتجاجاتهم ضد ممارسات الشرطة، حيث من المحتمل أن تتجه أصوات معظم الأمريكيين من أصل إفريقي لمرشح الحزب الديمقراطي «بايدن»، وذلك لأسباب داخلية وأخرى خارجية. وتتعلق الأسباب الداخلية بتزايد احتمالات حدوث تصويت عقابي ضد ترامب، الذي لم يحصل على أكثر من 36% من أصوات السود، خلال استطلاعات الرأي العام، نظراً لعدم تحسن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية في عهده، خاصة بالنسبة للمقيمين بالولايات الجنوبية، الذين يمثلون نحو 55% من ذوي الأصول الإفريقية، حيث ينتشر الفقر والبطالة، ولذلك عبّر السود عن ترحيبهم باختيار «بايدن» للسيناتور «كامالا هاريس» نائبة له، باعتبارها أول امرأة سمراء تخوض الانتخابات كنائب للرئيس في تاريخ الولايات المتحدة. أما المسلمون فقد استهل حكمه بمعاداتهم ومنع الهجرة والهجوم على نائبتين مسلمتين، وأثخن الأقلية اللاتينية بالنقد والهجمات الإعلامية، وأراد إقامة جدار فاصل على حدود المكسيك، مع العلم أن الأقلية اللاتينية تعد بالملايين. إذ إن الأقلية الإسبانية الأصل باتت الثانية بعد البيض في الولايات الأمريكية ويزيد عددها على 60 مليوناً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى