أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – نتنياهو يُروِّض الجنرال

حافظ البرغوثي – 24/4/2020

أولى ثمرات اتفاق نتنياهو وجانتس قبل إعلان الحكومة «الإسرائيلية» رسمياً، موافقة مدعي عام الاحتلال على مصادرة أراضي الحرم الإبراهيمي.

تمكن بنيامين نتنياهو من البقاء على رأس الحكم في «إسرائيل»، بعد نجاحه في تفتيت معسكر الخصم (كاحول لافان) برئاسة الجنرال بيني جانتس. وبينما ظل معسكر اليمين متماسكاً، فإن معسكر المنافس تشرذم مجدداً إلى ثلاثة أحزاب، نتيجة دخول جانتس في حكومة وحدة مع ثلاثة أحزاب يمينية، هي الليكود، وحزبا المتدينين المتزمتين، فيما انضمت نائبة من حزب العمل إلى الليكود، وخرج حزب ميرتس اليساري من تحالفه مع العمل. نجاح نتنياهو ليس في تفكيك معسكر الخصم من الوسط واليسار؛ بل في حفاظه على مواقفه السياسية داخلياً وخارجياً، ووقف أية محاولات لمنعه من رئاسة الحكومة لأنه ملاحق في قضايا فساد، بمعنى أن نتنياهو كسب الجولة الأولى من المعركة القضائية.

حلفاء الجنرال جانتس اتهموه بخيانة المبادئ التي على أساسها تم إنشاء تحالف «كاحول لافان» من ثلاثة أحزاب يقودها جانتس والجنرال بوجي يعلون، والسياسي مائير لبيد، ومن أهم المبادئ، منع نتنياهو من تشكيل حكومة بإصدار قرار في الكنيست بمنع من هو ملاحق قضائياً من تشكيل حكومة. كما أن الجنرال جانتس وافق لنتنياهو على عدم المساس أو إجراء تغيير على قانون القومية اليهودية، وهو قانون عنصري يحرم غير اليهود من حقوقهم في «إسرائيل»، وكذلك إعطاء أولوية لضم أراضي المستوطنات إلى «إسرائيل» في مطلع الصيف، وتأجيل ضم الأغوار والبحر الميت.

جانتس برر دخوله حكومة وحدة مع نتنياهو بمواجهة جائحة «كورونا» ضمن حالة الطوارئ، وبأن مهمة الحكومة تتمحور حول أزمة تفشي الفيروس في المجتمع «الإسرائيلي»، لكن كما يبدو فإن الليكود أدرج مواقفه السياسية في برنامج الحكومة الجديدة. وعلى الرغم من أن كل قرارات الحكومة ستكون بالتوافق، فإن هذا البند يلعب لصالح نتنياهو وليس حليفه الجديد جانتس الذي بدا ساذجاً سياسياً؛ لأن نتنياهو يريدها حكومة لتنفيذ صفقة القرن، والضم، وليست لمواجهة كورونا. ومن المحتمل أن يسارع نتنياهو إلى تمرير قانون في الكنيست يؤكد تنفيذ صفقة القرن. ويبدو أن انفراط معسكر الجنرال جانتس جعله كحزب يفقد نصف قوته في الكنيست، بينما ظل معسكر اليمين متماسكاً، وفي حالة فشله في تشكيل حكومة، فإن الانتخابات الرابعة ستكون في شهر أغسطس/آب، تحت مظلة فيروس كورونا والتباعد الاجتماعي السائد، ما يعني تحميل جانتس مسؤولية مثل هذه الانتخابات؛ لذلك قبل صاغراً الدخول في تحالف ائتلافي.

وقد كانت أولى ثمرات هذه الحكومة قبل أن تعلن رسمياً، موافقة مدعي عام الاحتلال على مصادرة أراضي الحرم الإبراهيمي، وكف يد الأوقاف الإسلامية عنها، ووضعها تحت تصرف المستوطنين لإقامة منشآت استيطانية. والجديد هو أن اتفاق نتنياهو جانتس، يمنع الكنيست من إقرار أي قانون ليست له علاقة بفيروس كورونا خلال الستة أشهر الأولى، ويحرم الكنيست من طرح أية مشاريع قوانين طوال ثلاث سنوات؛ أي أنه يمنع الكنيست من مراقبة الحكومة.

واعتبر المحللون في الصحف «الإسرائيلية» أن رئيس حزب الليكود حقق إنجازات من خلال الاتفاق، فيما خرق رئيس حزب «كاحول لافان» جميع تعهداته المهمة، بتوقيعه على الاتفاق وانضمامه لحكومة نتنياهو الخامسة. وتنبغي الإشارة إلى أن معظم هؤلاء المحللين كانوا أيدوا جانتس، واعتبروا أنه البديل لحكم نتنياهو، وبعد ذلك برروا انشقاقه عن كتلة «كاحول لافان» وبدء المفاوضات مع نتنياهو الشهر الماضي، وكأنه سينقذ «إسرائيل» من أزمتها السياسية.

لكن نتنياهو من خلال اتفاق تشكيل الحكومة الجديدة، نفذ تعهداته لناخبيه، وهي أن يبقى رئيساً للحكومة، ويجنّد أغلبية تؤيد ضم مناطق في الضفة الغربية، وسيطرة اليمين على لجنة تعيين القضاة، ومنع تجنيد المتدينين الحريديين للجيش.

وفي المقابل خرق جانتس، بتوقيعه على الاتفاق، التعهدات التالية: عدم الانضمام لحكومة برئاسة نتنياهو المتهم بالفساد، وتعديل قانون القومية؛ أي ضم المناطق في الضفة مشروط بموافقة دولية، ومحاربة الفساد (لكنه وافق على حكومة مضخمة تتألف من 36 وزيراً) والدفاع بجسده عن جهاز القضاء.

وقد تم ذكر الضم في الضفة الذي هو في صلب أيديولوجية كتلة اليمين، عرضاً ويبدو كلغم أدخله نتنياهو إلى الاتفاق ليشكل محطة للانسحاب منه.

فتوقيت الضم وحجمه سيتحدد وفقاً لمصالح الرئيس دونالد ترامب، وحملته لإعادة انتخابه، وليس خلال مداولات بين مندوبي الليكود و«كاحول لافان».

ولم يتخيل ناخبو جانتس الذين تظاهروا قي تل أبيب على الرغم من التباعد الاجتماعي عشية الاتفاق الائتلافي، أنهم يمنحون صوتهم لقوة إنقاذ تُبقي نتنياهو في الحكم وتُضفي شرعية على الفساد، لكن هذا خيار جانتس. والحديث ليس غراماً متبادلاً وإنما عن تحالف بين محتالين، المتهم بالرشوة (نتنياهو) وسارق الأصوات (جانتس).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى