أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – كورونا «الإخوان» يهدد تونس

حافظ البرغوثي 5/2/2021

«بق البحصة» كما يقول الدارج اللبناني، وأفصح به زعيم حزب «النهضة» راشد الغنوشي عن هدف جماعة «الإخوان» في السيطرة على الحكم قي تونس؛ لتواصل سياسة التمكين في تلك الدولة العربية الإفريقية التي تعيش أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة؛ دفعت بالفقراء والعاطلين عن العمل إلى الخروج في تظاهرات تخللتها اشتباكات مع الشرطة، أسفرت عن مقتل متظاهر.

وكانت السنوات العشر الماضية من عمر الثورة قد أعادت تونس إلى خط الفقر والاستدانة، وتراجع الإنتاج وانقطاع السياحة، واتسمت هذه السنوات بالصراع الحزبي والتجاذبات السياسية التي غلبت المصالح الحزبية الضيقة على مصالح الشعب. واستغل حزب «النهضة الإخواني» الظروف؛ للتغلغل في مفاصل الحكم وتسريب عناصره في أجهزة الأمن وخلق عشرات الآلاف من الوظائف في الجهاز الحكومي؛ للسيطرة عليه، ما أثقل ميزانية الدولة، وكان الهدف هو التمكين. ولعل الغنوشي في أتون الأزمة الاقتصادية الحالية، ونزول الفقراء إلى الشوارع ارتأى أن الوقت مناسب لكي يقول بصراحة إنه آن الأوان لتغيير النظام الرئاسي التونسي الذي تأسس في دستور سنة 2014، وهو هنا يريد أن يتولى الحزب الأكبر الصلاحيات كافة، ويتحول النظام إلى برلماني، ومنصب الرئيس إلى منصب رمزي. فالعقدة «الإخوانية» كانت دائماً هي التمكين؛ لكنهم لم يتمكنوا إلا قليلاً.

ففي عهد «الإخوان» في مصر أريد لسياسة التمكين أن تتغلغل إلى الجهاز الحكومي والقضاء والجيش والشرطة لكي تكون الحلقة متكاملة، فمن أجل عيون الصادرات التركية؛ أغرقت سياسة خيرت الشاطر السوق المصرية بالمنتجات من تركيا، وتم إغلاق الآلاف من المصانع في مصر.. ولم يتمكنوا من فرض سياسة التمكين، وسقطوا.

وربما كان «الانقلاب» التركي «الفاشل» عام 2015 بهدف التمكين؛ حيث تم إقصاء مئات الآلاف من العسكر والقضاة والأكاديميين والمعلمين؛ بهدف الإمساك بتلابيب الأجهزة الإدارية والعسكرية والتربوية بالكامل. ولعل تجربة «الإخوان» في العالم العربي؛ تؤكد فشلهم في البناء وتفوقهم في الهدم. فمنذ أن أمسك الإسلام السياسي بالحكم في السودان، تراجع السودان عشرات السنين اقتصادياً واجتماعياً وزراعياً.

وقد اتسمت المرحلة الأخيرة في تونس بفشل الغنوشي في إدارة البرلمان، كما اشتد الخلاف بين الرئيس قيس سعيّد ورئيس الوزراء المشيشي، فحزب «النهضة» المسيطر عملياً على الحكومات يترك غيره يحكم، وهو ينعم بمكاسب الحكم، ويريح نفسه من الفشل الاقتصادي والاجتماعي والأمني.

فالوضع الاقتصادي المتدهور إضافة إلى جائحة «كورونا» أذاقا شريحة واسعة من التونسيين الجوع والعوز؛ حيث تم تصنيف تونس اقتصادياً «سلباً» في الأفق المستقبلي، ما جعل المانحين والمستثمرين يترددون في الاستثمار؛ لأن الوضع الاقتصادي الواعد يحتاج إلى استقرار سياسي، وهو غير متوفر حالياً أو في المدى المنظور. وقد تراجع الاقتصاد بنسبة كبيرة، وفقد أكثر من مئتي ألف عامل وظائفهم منذ الشهور الأولى للجائحة، وتضرر قرابة ثلاثة ملايين تونسي، وهربت الكثير من المؤسسات والشركات إلى الخارج؛ بسبب زيادة العبء الضريبي إلى 25 في المئة، لهذا نزل التونسيون إلى الشوارع، مطالبين بإسقاط النظام، وإنهاء حكم «الإخوان» الذي أثبت فشله طيلة عقد من الزمن.

وفي وضع ملوث سياسياً بالمماحكات الحزبية، واقتصادياً بالركود وصحياً بال«كورونا» يريد الغنوشي أن ينفذ انقلاباً على الدستور؛ بل ذهب أحد قادة «النهضة» إلى التهديد بإنزال ميليشيات الحزب إلى الشارع؛ لقمع التظاهرات في المدن التونسية، وهذا اعتراف بوجود ميليشيات للحزب، مثلما له ذراع أمنية سرية تنفذ الاغتيالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى