أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – شهر عسل بين نتنياهو و«الإخوان»

حافظ البرغوثي *- 19/2/2021

نجح بنيامين نتنياهو في تفكيك القائمة العربية المشتركة باستمالته رئيس بلدية الناصرة وآخرين إليه بوعود براقة منها تعيين وزير عربي في حكومته مستقبلاً، ثم تقارب مع «الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية» (فرع الإخوان المسلمين في فلسطين)؛ حيث انشقوا عن القائمة المشتركة.

يذكر أن نتنياهو خبير في شق الأحزاب اليهودية واستيلاد أحزاب موالية له من بطنها على مدى تاريخه السياسي الذي يمتد منذ أواسط التسعينات حتى الآن، وبعد انفصال «جماعة الإخوان» عن القائمة العربية المشتركة التي حصدت 15 مقعداً في الانتخابات الأخيرة انخفض تمثيلها وفقاً لاستطلاعات الراي إلى أقل من عشرة بسبب توجه الناخبين نحو الأحزاب اليهودية مثل «الليكود» و«ميرتس» و«حزب العمل»، لكن استطلاعات الرأي لم تعط قائمة منصور عباس رئيس «الحركة الإسلامية الجنوبية» نسبة الحسم، وقد تبرأ نتنياهو بعد انفصال جماعة «الإخوان» عن «المشتركة» من التحالف معهم، وقال إن منصور عباس منافسه وليس حليفه.

وكان عباس أثار جدلاً في الوسط العربي باعترافه علناً بأنه التقى خالد مشعل، ونقل إليه رسائل من جهات إسرائيلية. وأضاف أنه لم يسبق له قط أن التقى «مخربين» في سجون إسرائيل، فيما كان يقصد الأسرى الأمنيين الفلسطينيين، ما أثار انتقاداً حاداً ضده. وكانت «الحركة الإسلامية» في الداخل الفلسطيني انقسمت إلى شقين، الجنوبي الذي شارك في الكنيست فيما مضى، وأقام علاقات مع الحكومات الإسرائيلية، والآخر شمالي برئاسة رائد صلاح الذي قاطع الانتخابات.

وتأتي هذه التطورات في خضم الاتصالات التركية الإسرائيلية لتطوير العلاقات بين البلدين إثر إعلان الرئيس التركي عن رغبته في ذلك لكن إسرائيل لم تعين سفيراً لها في أنقرة بعكس تركيا التي عينت سفيراً لها في تل أبيب. وما يهم إسرائيل هو أن التجارة بين البلدين لم تنقطع قط ويبلغ حجمها خمسة مليارات دولار سنوياً، لكن الملاحظ أن الرئيس التركي يحاول استمالة إسرائيل إلى جانبه في دعم موقفه عند الإدارة الأمريكية الجديدة، ولهذا فإن اتصالات «الإخوان المسلمين» مع نتنياهو والسماح لرئيس الحركة الإسلامية بنقل رسائل للجماعة في الخارج يأتي بموافقة تركية.

واعترف عباس بأن إسرائيل تعرف بهذه الاتصالات التي يجريها مسؤولوها مع جهات خارجية، ولعل هذا يشرح لماذا يمكن لمسؤولي الحركة أن يتحركوا بحرية، بخلاف رجال الحركة الإسلامية الشمالية، التي تخضع تحركاتهم لرقابة أجهزة الأمن وتثير اتصالاتهم مع جهات مثل حماس انتقاداً حاداً في القيادة السياسية.

وقد انضم علي سلام رئيس بلدية الناصرة إلى معسكر نتنياهو ويرى فيه رجلاً معتدلاً، وقد استضافه سلام في الناصرة، واستهان بالاحتجاجات التي استهدفته وهلل كثيراً لانقسام التحالف العربي الرئيسي (القائمة المشتركة). وبالنسبة لنتنياهو فإن تأييد علي سلام والانقسامات بين الأحزاب العربية التي كانت متحدة قبل الآن قد يساعد على تفتيت المعارضة ويحقق لائتلافه إضافة حسابية قبل الانتخابات التي تجري في 23 مارس/آذار وتشير استطلاعات الرأي إلى أنها ستكون سباقاً متقارب النتائج.

وفي يوم الانتخابات عام 2015 حث نتنياهو ناخبيه على المشاركة في التصويت محذراً من أن العرب سيُقبلون على التصويت بأعداد كبيرة. وفي 2019 أرسل حزبه مراقبين مزودين بكاميرات مثبتة على أجسادهم إلى مراكز التصويت في المدن العربية، ما أدى إلى إطلاق اتهامات بتخويف الناخبين. وتعاني المدن العربية داخل فلسطين 48 من الإهمال وانعدام الخدمات وانتشار السلاح الذي يكون مصدره الجيش الإسرائيلي، ولا تحقق الشرطة بجدية في جرائم القتل شبه اليومية، ولا تعمل على نشر شرطتها إلا في حالة استخدام السلاح لأهداف مقاومة الاحتلال؛ حيث يقدر وجود عشرات الآلاف من قطع السلاح في التجمعات العربية وكلها تحت بصر الشرطة الإسرائيلية.

فالأحزاب الإسرائيلية كما نتنياهو تطلب أصواتاً عربية مقابل تقديم خدمات للسكان العرب؛ حيث وعد نتنياهو رئيس بلدية الناصرة بتخصيص 30 مليون دولار لمكافحة الجريمة. ولكن التاريخ يدحض أطروحات التصويت للأحزاب اليهودية من قبل العرب فقد كانوا يصوتون لها بأغلبية كبيرة، لكنها لم تمنحهم المساواة التي يطالبون بها. ولن يحصلوا من نتنياهو على ما فشلوا فيه من أحزاب الوسط واليسار.

*عن الخليج الاماراتية  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى