أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – الأزمة الليبية .. إلى الوراء دُرْ

حافظ البرغوثي *- 11/12/2020

أعاد إخفاق مجلس النواب الليبي في استكمال اجتماعاته في غدامس، الأزمة الليبية إلى نقطة الصفر بعد حلحلة الحوارات الماراثونية في الأسابيع الأخيرة. فقد حاول نواب حكومة الوفاق، الانقلاب على رئاسة المجلس وعقدوا اجتماعاً غاب عنه نواب برقة، جراء عدم الاتفاق على جدول أعماله الذي كان يهدف إلى توحيد المجلس ليكون نقطة انطلاق لتوحيد الكل الليبي. فقد فوجئ النواب بمحاولة بعض المنتمين لتيار «الإخوان» المسلمين  وأغلبهم نواب لم يؤدوا اليمين القانونية  الضغط على أعضاء المجلس لتتم عملية تغيير اللائحة الداخلية، خصوصاً النصاب القانوني لعقد الجلسات والتصويت، وكذلك بحث مسألة تغيير الرئاسة، وهي أمور لم يتم التباحث بشأنها في طنجة.

وكانت جلسة غدامس امتداداً لجلسات البرلمان في المغرب، حيث تم الاتفاق على أن تعقد في المدينة بعد العودة إلى ليبيا، وهدفها المعلن هو إعادة التئام البرلمان بشقيه في طرابلس وطبرق، إلا أن تلك الجلسة حادت عن هدفها، بحسب عدد من النواب الذين قرروا مقاطعتها لذلك السبب، ومع ذلك اجتمع نواب الوفاق في غدامس، وقرروا عقد جلسة جديدة في العشرين من الشهر الجاري، ولا يعرف بعد موقف نواب برقة من ذلك.

وفي موازاة ذلك تواصل الحشد العسكري لميليشيات الوفاق، ومرتزقة تركيا، خاصة غربي سرت، بعدما أوقف الأتراك نقل مرتزقتهم من ليبيا إلى شمالي سوريا، كما كثفوا الرحلات الجوية والبحرية لنقل الأسلحة والعتاد، وتم رصد طائرات وسفن لنقل السلاح ودخول قطع بحرية تركية إلى المياه الليبية.

ومع أن الجيش الوطني الليبي يستبعد الوصول إلى مستوى الهجوم على قواته، ويعتبر الحشد المعارض مجرد استفزاز، إلا أن عدم تنفيذ مقررات اللجنة العسكرية المشتركة على الأرض يُبقي باب اللجوء إلى القوة من جانب الوفاق غير مستبعد، خاصة أن تركيا تريد تحسين الوضع الميداني لتكون لها كلمة في الحل السياسي عندما يتسلم الرئيس الأمريكي جو بايدن الحكم، وهو الذي لا يراهن الأتراك على موقفه.

ولعل عرقلة جلسة البرلمان بمحاولة الانقلاب على رئاسته، وإعادة صياغة لائحة داخلية، هي من مستلزمات الهيمنة على البرلمان وارتهان قراراته، كما أن عدم تنفيذ مخرجات حوار طنجة وقرارات اللجنة العسكرية المشتركة في جنيف بنزع سلاح الميليشيات وتمسك تيار «الإخوان» المسلمين بسلاحهم يشير إلى استعصاء الحل السلمي بسبب عراقيل الوفاق وداعميها. كما يبدو أن تركيا تستخدم العناصر الإرهابية ورقة تهديد في وجه أوروبا، إضافة إلى سلاح الهجرة الإفريقية عبر ليبيا إلى أوروبا. وكان الرئيس الأسبق باراك أوباما اعترف في كتابه الأخير بالتداعيات السلبية لتدخل بلاده ضمن حلف دولي واسع في ليبيا، وكيف أسهم في دخول البلاد دوامة فوضى لم تخرج منها حتى يومنا هذا.

وعبّر أوباما في مذكراته، عن ندمه على قرار التدخل في ليبيا، متهماً الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، بتوريطه في خوض هذه الحرب، على الرغم من تحذيرات نائبه السابق والرئيس المنتخب جو بايدن، من مغبة التورط في هذه المسألة، معتبراً أنه «من الجنون الدخول في حرب إضافية».

وأثارت كلمات بايدن هذه، كثيراً من التساؤلات حول التغيير المحتمل في سياسة واشنطن بشأن الملف الليبي، والتوجه الجديد المحتمل لإصلاح الخطأ الذي وقع فيه أوباما، واتخاذ نهج أكثر وضوحاً مما كان في ولاية الرئيس ترامب، خاصة تجاه التدخل التركي في ليبيا الذي أغضب الحلفاء الأوروبيين، الذين سيجتمعون اليوم الجمعة، لاتخاذ قرارات بشأن التدخلات التركية في ليبيا وشرقي المتوسط. وكانت أشهر تصريحات بايدن بخصوص سياسة بلاده ونهج تعاملها مع تركيا، عندما وصف أردوغان بأنه «مستبد»، وندد بسياسته تجاه الأكراد، ودعا إلى دعم المعارضة.

وقال بايدن وقتها: «يجب أن يكون لدينا نهج مختلف تماماً معه (أردوغان)، وأن نوضح أننا ندعم قادة المعارضة»، مشدداً على «ضرورة تشجيع خصوم الرئيس التركي حتى يتمكنوا من مواجهته وهزيمته، ليس عبر انقلاب؛ بل بالعملية الانتخابية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى