حاغي العاد / لماذا نتحدث في الخارج – من أجل أن ينتهي العار؟
هآرتس – بقلم حاغي العاد – 21/10/2018
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سئل في وقت سابق هذا الاسبوع من قبل محرر صحيفة الدعاية المشهورة في البلاد، سؤال استخذائي في مؤتمر صحفي. الدعاية الخفية ظهرت في السؤال: الاشارة، ولن نقول الاقوال الصريحة، بأن نشاط “بتسيلم” هو “لاسامي”. نتنياهو لم يرفض ما تم طرحه أمامه، واضاف تعريف من قبله لبتسيلم “عار”.
بهذا – العكس تماما، يا نتنياهو، ما هو العار؟
العار هو أنه خلال مظاهرات الاشهر الاخيرة قتل القناصون الاسرائيليون ثلاثة اطفال ابناء 11 عام في قطاع غزة. ناصر مصبح، ياسر أبو الهيجا ومجدي السطري، وهم ثلاثة من بين 31 قاصر قتلهم الجيش في هذه المظاهرات. ايضا رجال اسعاف وصحافيون قتلوا، وأصبنا بالنار الحية اكثر من 5300 شخص. عددا منهم سيظلون معاقين طوال حياتهم. العار هو أنه ازاء هذه الصدمة، وزيران في الكابنت يتجادلان: الاول يتفاخر بعدد المصابين الفلسطينيين الكبير، والثاني يطالب بالمزيد من الدماء.
العار هو أن النقاش المخيف هذا بين اثنين من اعضاء المجموعة المقلصة لمتخذي القرارات الكبار في اسرائيل، يعتبر امر معياري تماما وأمر مقبول، ولكونه كذلك تتم تغطيته في وسائل الاعلام كأمر عادي. تقريبا لا يهم ما هو مستوى العنف الذي يحرض عليه المتحدث، طالما أن الامر يتعلق بيهودي يطالب بالمزيد من الموت للفلسطينيين، المزيد من خطوات العقاب الجماعي، المزيد من التسامي والعدائية – اقواله لن يتم في أي يوم وضعها في اطار “التحريض”.
العار هو الروتين الذي فيه مستوطنون عنيفون – المليشيا الفعلية لنظام الاحتلال في الضفة – يمسون بالفلسطينيين وممتلكاتهم، في حين أن الجنود يقفون وينظرون اليهم ولا يفعلون أي شيء لمنعهم، باستثناء حماية المهاجمين أو حتى الانضمام لهم.
العار يمكننا ايضا اطلاقه على نظام التخطيط في الضفة الغربية – نظام بيروقراطي كل هدفه هو تمهيد الطريق للسيطرة على المزيد من الاراضي وبناء المزيد من المستوطنات. وليذهب الفلسطينيون الى الجحيم. كم من الوقاحة وقسوة القلب نحتاج كي نكون جزء من هذا الجهاز، من احجار الاساس لمشروع السلب والافقار.
العار هو أنه بعد هذا العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين وتحقيقات الشرطة العسكرية التي لم تفتح أو فشلت أو تم اغلاقها – كل أم فلسطينية تعرف، بيقين مطلق تقريبا، أنه اذا، لا سمح الله، قتل إبنها برصاصة اسرائيلية، وحتى لو كان كل شيء موثق بالفيديو، وحتى لو كان شهود وبينات – فان أحدا لن يحاكم على ذلك.
العار هو أننا نرسل جنودنا من اجل اقتحام بيوت الفلسطينيين في منتصف الليل من اجل أن يوقظوا بأدب كل سكان البيت وتجميعهم من الصغير حتى الكبير في الصالون أو غرفة النوم، وحينها كتابة اسمائهم في قائمة وتصويرهم.
العار هو أن كل عائلة فلسطينية تعرف أنه ربما في هذه الليلة سيأتي الجنود المؤدبون وربما لا يأتون.
العار هو أن الفلسطيني لا يمكنه أن يعرف هل يستطيع أن يسافر الى الخارج أو أن يحصل على العلاج أو أن يفلح ارضه أو أن يصل الى عمله في الوقت المناسب. كل ما يعرفه هو أن كل ذلك امور لا تتعلق به على الاطلاق، بل فقط بقرار اسرائيلي اعتباطي ليس لديه أي وسيلة للتأثير عليه.
العار هو أن كتائب من القانونيين الاسرائيليين – في النيابة العسكرية والنيابة العامة والمدعين العامين والمستشارين القانونيين والقضاة العسكريين والقضاة من المحكمة العليا – يصبون منذ خمسين سنة واكثر الزيت على عجلات هذه الآلة المرعبة. بواسطة شكلية قانونية رسمية، ومن خلال تجاهل مريح للوقائع والسياق، هم يضعون مكانتهم القانونية في خدمة تسويغ وتحليل كل ظلم: هدم اداري وهدم عقابي واعتقالات مطولة بدون محاكمة واعتقال تقريبا مليوني شخص في قطاع غزة واطلاق النار على متظاهرين فلسطينيين غير مسلحين وسيطرة على اراضي فلسطينية بشتى التقنيات وما شابه. من اجل تسويغ كل ذلك اخترع المحامون لغة قانونية خاصة بهم، تستند الى تفسير قانوني مرفوض، تم تبنيه بعد ذلك في الاحكام، وتم تثبيتها كـ “قانون”!.
يا نتنياهو، كل ما ذكر اعلاه هو معروف وموثق. وكذلك واضح جدا الى أن يؤدي ذلك. هذا الواقع رغم علاقات القوة غير المتساوية والقوة الاسرائيلية البارزة – هو واقع خطير وعنيف في اساسه وغير اخلاقي. توثيق هذا الواضع، كشفه، ادانته والمطالبة بتغييره، ليس فقط أمر اخلاقي، بل هو يعتبر حفاظ على النفس. من العار مواصلة قمع الفلسطينيين وقتلهم، ومن العار قيادة الاسرائيليين قدما في هذا المنزلق.