ترجمات أجنبية

جيفري كمب: حالة الاقتصاد الأميركي.. ازدهار أم كساد؟

جيفري كمب 8-11-2025: حالة الاقتصاد الأميركي.. ازدهار أم كساد؟

تجاهلت الأسواق المالية الأميركية مخاوف من الركود الاقتصادي، ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. ويعتقد المتفائلون أن هذا الاستثمار سيؤدي إلى حقبة جديدة من الازدهار بفضل زيادة الإنتاجية وحل المشكلات التي سيوفرها الذكاء الاصطناعي المتقدم للاقتصاد العالمي.

ولا يكاد أحد ينكر أن تأثير الذكاء الاصطناعي قد يكون غير محدود، لكن المتشككين يتساءلون عما إذا كانت هذه الحقبة الجديدة ستؤدي إلى حياة أفضل لمعظم المواطنين.

تأتي هذه النقاشات حول الفوائد الاقتصادية للذكاء الاصطناعي في وقت تواجه فيه الحكومة الأميركية واحدةً من حالات إغلاقها المتكررة، بسبب عجز الكونغرس عن التوصل إلى اتفاق على تشريعات لتمويل الوكالات والبرامج الحكومية. وقد بدأ الإغلاق الحالي في الأول من أكتوبر، دون أي مؤشرات على قرب انتهائه. ومع مرور كل يوم، يفقد المزيد من الموظفين الفيدراليين وظائفهم، والعديد ممن يحتفظون بها لا يتلقون رواتبهم ولا يحصلون على مزاياهم. وهذا له تأثير مباشر ومؤلم على حياتهم. لذا فهم يعجزون عن دفع الإيجار والرهون العقارية وديون بطاقات الائتمان والرسوم المدرسية. كما أصبحت قضايا الأمن الغذائي والرعاية الصحية بمثابة تحديات يومية بالنسبة لهم.

إن هذا الإغلاق يلقي بظلاله على الاقتصاد الوطني بأكمله، حيث تتضرر قطاعات السفر والسياحة والترفيه وتجارة التجزئة. ويُضاف إلى قائمة الأزمات المتزايدة تأثير الرسوم الجمركية التي ترفع تكلفة السلع والخدمات المستوردة، ما يؤدي إلى زيادة التضخم وتقليص القدرة الشرائية للمستهلكين.

وسيَظهر أثرُ الإغلاق والوضع الاقتصادي في الانتخابات المحلية المقبلة في الرابع من نوفمبر. فهل سيصبح زهران ممداني، الأميركي المسلم البالغ من العمر 34 عاماً، عمدة مدينة نيويورك الجديد، بعدما ركزت حملته على مشكلة ارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة؟ وفي الوقت نفسه، تخوض امرأتان «ديمقراطيتان» انتخابات حاكميْ ولايتَي نيوجيرسي وفيرجينيا: «ميكي شيريل» و«أبيغيل سبانبرغر»، وكلتاهما تُعتبران من «الوسطيين». خدمت شيريل ضابطة في البحرية الأميركية، بينما عملت سبانبرغر ضابطة استخبارات في وكالة المخابرات المركزية (CIA). وتُجرى الانتخابات في ولايات تضررت بشدة من الإغلاق الحكومي. فإذا فاز هؤلاء المرشحون الثلاثة بهوامش كبيرة، فسيكون ذلك مؤشراً على أن انتخابات التجديد النصفي المقرر إجراؤها العام المقبل، والتي ستحدد السيطرة على الكونغرس، ستركز بشكل كبير على الاقتصاد المحلي.

ومن جانبها، تأمل إدارة ترامب في أن تخفف اتفاقيات التجارة الجديدة من آثار الرسوم الجمركية، وأن تؤدي الاستثمارات الأجنبية الجديدة في الولايات المتحدة إلى زيادة فرص العمل الجيدة في قطاع التصنيع والحفاظ على انخفاض معدلات البطالة. كما تأمل أن يُسرّع تخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب الاستثمارَ في الإسكان والطاقة والخدمات الأساسية الأخرى الضرورية لاقتصاد صحي. وتؤمن الإدارة بأن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي سيجعل الرعايةَ الصحيةَ في متناول الجميع، من خلال أدوية أرخص وتقنيات تشخيص متطورة تقلل من الحاجة إلى الإجراءات الطبية الباهظة.

أما وجهات النظر البديلة فتتراوح بين مَن يعتقدون أن الاستثمارات الجديدة ستستغرق سنوات عديدة قبل أن تُحدث فرقاً حقيقياً في تكاليف المعيشة اليومية وتُحسّن من آفاق الناس المالية، وبين من يتبنون رؤى تشاؤمية يتوقعون فيها انهياراً اقتصادياً لا مفر منه. وتستند هذه التوقعات إلى الاعتقاد بأن الفجوة الاقتصادية بين فاحشي الثراء ومعظم الأميركيين تُشبه فترة أواخر القرن التاسع عشر عندما شهد «العصر الذهبي» تفاوتات هائلة في الثروة. وبلغ هذا التفاوت حداً فادحاً لدرجة أن ثورة سياسية ضد «بارونات» الصناعيين أدت إلى تشريعات لتنظيم الاحتكارات وتعزيز المنافسة. وأصبح الرئيس ثيودور روزفلت يُعرف باسم «محطم الاحتكار»، وتبعه الرئيسان هوارد تافت وودرو ويلسون اللذان طبّقا المزيدَ من الإصلاحات.

ويشير منتقدو الإدارة إلى العدد الكبير من المليارديرات الذين عيِّنوا في مناصب وزارية واستشارية، بمن فيهم أغنى رجل في العالم، وهو إيلون ماسك. ويشككون في فهم هؤلاء للصعوبات التي تواجهها العديدُ من العائلات في اقتصاد اليوم. وسيطرح الأميركيون وجهات نظرهم بشأن هذا الموضوع في الأشهر المقبلة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى