جوش روجين: ماذا يحدث في اليوم التالي لانسحاب ترامب من الاتفاق الإيراني؟
بقلم : جوش روجين،الواشنطن بوست 20/3/2018
بينما يستعر النقاش حول تهديد الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، يخطط اللاعبون من داخل وخارج الحكومة الأميركية لما سيحدث بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق -وهو سيناريو يصبح أكثر ترجيحاً بازدياد.
وفي الأثناء، يبدو المسؤولون والمشرعون الأميركيون شبه مجمعين على توقُّع أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين حول إجراء تغييرات في الاتفاق النووي الإيراني، فإن ترامب سوف يفي بوعده بإلغاء المشاركة الأميركية في الاتفاق. وقد قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بوب كروكر (الجمهوري من تينيسون) ذلك بالضبط يوم 18 آذار (مارس). وسوف تكون فرصة الرئيس ترامب التالية يوم 12 أيار (مايو) المقبل. فإذا أحجم عن تأجيل العقوبات، ستكون الولايات المتحدة قد خرقت الاتفاق. وسوف يعلن ترامب على الأرجح خروج أميركا عندئذٍ من الاتفاق، وهو ما سيولد سلسلة من ردود الفعل وردود الفعل المضادة حول العالم.
وكان مدير سياسة التخطيط في وزارة الخارجية الأميركية، بريان هوك، قد سافر إلى أوروبا في آذار (مارس) واجتمع مع المسؤولين البريطانيين والفرنسيين والألمان من أجل العثور على “إصلاح” للاتفاق يفي بمعايير ترامب. لكن التوقعات بالنجاح ظلت منخفضة. وإذا قرر ترامب إلغاء الاتفاق، يقول الخبراء إن الولايات المتحدة تحتاج لأن تكون مستعدة للتخفيف من الآثار السلبية وتحسين الموقف الأميركي التفاوضي للأشهر والسنوات المقبلة.
وقال لي مسؤول رفيع في الإدارة: “من الممكن أن نوقع على اتفاقية تكميلية مع (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، لكننا نحتاج للتخطيط لاحتمال أن لا نتوصل إلى هذه الاتفاقية، وهذا هو الهدف من التخطيط للطوارئ”.
وكانت وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الأميركي قد شرعا في تطوير استراتيجة دبلوماسية واقتصادية واستراتيجية اتصالات للانسحاب من الاتفاق، وإعادة فرض العقوبات، والتعامل مع ردود الفعل المحتملة من أوروبا والصين وروسيا وإيران. وليس المقصود من هذا العمل التأثير على قرار ترامب، كما يقول المسؤولون، وإنما منح الرئيس الخيارات التي طلبها مع التخطيط المسؤول لدعم كل واحد من المسارات.
وضعت إدارة الرئيس ترامب شروطها للاتفاقية التكميلية يوم 12 كانون الثاني (يناير) الماضي. وتشمل القائمة وضع قيود جديدة على برنامج صواريخ إيران الباليستية، وإجراء المزيد من جولات التفتيش العشوائية على برنامجها النووي، وإلغاء مادة شروق الشمس الخاصة بإنهاء القيود على النشاطات الإيرانية. ويحرز المسؤولون تقدماً في المجالين الأولين، لكن الأوروبيين هم أقل ميلا إلى تمديد زمن الصفقة.
الافتراض الذي يعمل هنا هو أنه إذا ما نجحت المفاوضات مع أوروبا، فإن إيران سوف تقبل بهذه القيود الجديدة على مضض. وقال المسؤول في الإدارة: “لدى إيران حوافز اقتصادية ضخمة للبقاء في الاتفاق. وتقييمنا هو أنهم سيستمرون في الصفقة إذا وصلت الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى اتفاق حول الخطة التكميلية”.
وقال المسؤول إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وأوروبا -وإذا لم يؤجل ترامب العقوبات بموجب الصفقة- فإن الأمور ستذهب إلى مزيد من التعقيد، وبسرعة هائلة. وتعمل وزارة الخزينة على اللوجستيات الخاصة بـالعودة السريعة إلى تطبيق العقوبات، بما في ذلك استعادة أوامر تنفيذية صدرت خلال حقبة أوباما بأن الصفقة ألغيت. وقال لي مسؤول في وزارة الخزينة، إن الوزارة ستكون مستعدة لتنفيذ أي قرار يتخذه الرئيس.
بعد ذلك، ليس من المؤكد كيف ستكون ردود أفعال القوى الكبرى. وقد عقدت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية تتمتع بنفوذ فريد على إدارة ترامب، عقدت مؤخراً اجتماعاً لحوالي 50 خبيراً في الشأن الإيراني وشؤون عدم الانتشار للخروج بسنياريوهات، ثم جمعت نتائج أبحاثها في مذكرة. وقد فضل نصف الخبراء “تعديلاً” للصفقة، وفضل نصفهم الآخر “لا شيء”.
وقال لي مارك دوبوفيتز، الرئيس التنفيذي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إنه يفضل تعديل الصفقة، لكن وجود خطة حقيقية للتعامل مع تثبيتها يُري الأوروبيين أن ترامب جاد، ما يجعل من الأكثر ترجيحاً أن يستطيع إقناعهم بدراسة اتفاقية تكميلية.
وأضاف: “إن التخطيط الطارئ لخيارات الانسحاب ضروري لزيادة وسائل ضغط التفاوض الأميركي للحصول على تعديل حقيقي للاتفاق النووي الإيراني”.
وتقول المذكرة التي أعدتها مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والتي أرسلتها لكل من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ووزارة الخزينة إنه بغض النظر عن النتيجة، فإن إدارة ترامب يجب أن تبدأ بالاستعداد الآن في حال قرر الرئيس الانسحاب من الصفقة.
وتقول المذكرة: “من دون وجود خطة جاهزة، فسوف تكون الإدارة وحلفاؤنا بصدد لعبة المطاردة، مما سيعطي ميزة لإيران وروسيا ويزيد من المخاطر على مجلس الأمن القومي الأميركي”.
وعلى افتراض أن السيد ترامب سوف يعلن انسحاب أميركا من الخطة، تحدد مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات سيناريوهات “على الأرجح” و”أسوأ الحالات” وفق طائفة من القضايا. وهي تحاجج بأن إيران ستبقى على الأرجح في الاتفاق، وتشجع الدول الأخرى على عدم التقيد بالعقوبات الأميركية، وتقوم بالتدريج بزيادة نشاطها النووي والصاروخي وتصعيد نشاط قواتها بالوكالة، والضغط على الأميركيين للعودة إلى الصفقة. أما سيناريو “أسوأ الحالات” فيتمثل في إقدام إيران على استعادة برنامج تخصيبها لليورانيوم بشكل جذري وتصعيد عدوانها الإقليمي، مما يرفع التوترات وخطر نشوب أزمة.
وتضع المذكرة عدة ردود فعل محتملة من الأوروبيين والروس والصينيين. ومن المرجح أن يذهب الأوروبيون مع العقوبات الجديدة نتيجة للبراغماتية الاقتصادية، كما تقول المذكرة، لكنهم قد يختارون الانضمام إلى إيران لمقاومة العقوبات وإدانة الولايات المتحدة دبلوماسياً. وتدعو المذكرة إلى استعداد إقليمي مع دول الخليج وإسرائيل لتقديم بدائل عن النفط الإيراني والتجهيز لمواجهة زيادة الأذى الإيراني في الشرق الأوسط.
وعلى وزارة الدفاع الأميركية أن تستعد للرد على أي ردود فعل إيرانية قد تستهدف الولايات المتحدة أو أي قوات حليفة في المنطقة. كما يجب أن تكون هناك خطة لنزع فتيل التوتر إذا قررت إيران التفاوض بعد انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة.
وكان المستشار الرفيع في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ريتش غولدبيرغ، المنتقد لاتفاق إيران منذ فترة طويلة، قد عمل مع دوبوفيتز ي وضع المذكرة. وقال إن الإعداد لليوم التالي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق هو أفضل طريقة لمنع ما يحذر مؤيدو الصفقة من حدوثه: نشوب حرب مع إيران.
وقال: هناك طريق حيوي ومسؤول للتعامل مع اتفاق إيران عن طريق استخدام نهج تستخدمه كل الحكومة لزيادة الضغط على إيران بينما يتم احتواء الردود السلبية الأكثر احتمالاً. وحتى يكون الأمر فعالاً، يحتاج التخطيط لاستراتيجية التعامل مع التداعيات إلى أن يحتل أولوية قصوى الآن”.
بطبيعة الحال، يمكن أن يتجنب ترامب ذلك ببساطة بتأجيل تفعيل العقوبات، كما فعل قبل ذلك ثلاث مرات، معطياً المفاوضين مزيداً من الوقت. لكن ترامب يشير إلى أن ذلك لن يحدث. وهكذا، سواء كنت تحب اتفاق إيران أم لا -وسواء كنت تريد تعديله أو إلغاءه- فقد حان الوقت لمواجهة حقيقة أن الولايات المتحدة ربما تتراجع عنه قريباً. وفي هذه الحالة، فإن كل المعنيين سيفعلون حسناً إذا ركزوا على منع حدوث تداعيات سيناريو أسوأ الحالات.