شؤون إسرائيلية

جدل في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي حول مشروع قانون يستهدف نتنياهو وحراك جديد على رئاسة الليكود !

 برهوم جرايسي *- 26/10/2021

تسعى الحكومة الإسرائيلية، حتى الأسبوع المقبل، لتمرير مشروع الموازنة العامة للعامين الجاري والمقبل، بهدوء ودون إحداث شرخ في الائتلاف الهش، إلا أن وزير العدل جدعون ساعر، رئيس حزب “أمل جديد”، والمنشق عن حزب الليكود، نشر مسودة مشروع قانون يمنع بموجبه عضو كنيست يواجه لائحة اتهام خطيرة من تكليفه بتشكيل حكومة، وهو قانون يستهدف شخص بنيامين نتنياهو، وفي داخل الائتلاف هناك من يعارضه. وتزامن نشر المسودة مع استئناف الحراك الداخلي في الليكود للمنافسة على رئاسة الحزب، وهذه المرّة بإعلان رئيس الكنيست السابق يولي إدلشتاين ترشيح نفسه لرئاسة الحزب، حتى في مواجهة نتنياهو.

وفكرة قانون يمنع من هو متورط بلوائح اتهام في قضايا فساد، ظهرت بعد انتخابات نيسان 2019، الانتخابات الأولى من ضمن الجولات الأربع التي جرت في غضون 23 شهرا، بين العامين 2019 و2021. وكان الهدف منع تكليف بنيامين نتنياهو من تشكيل الحكومة، وتكررت المحاولة من الأحزاب المعارضة لنتنياهو بعد كل واحدة من الجولات الانتخابية الأربع. ولدى تشكيل الحكومة الحالية، أعرب وزير العدل ساعر عن نيته تمرير هذا القانون، بموازاة مشروع قانون آخر، يحدد ولايتين فقط للشخص في رئاسة الحكومة، وهذا أيضا يحد من فرص نتنياهو المنافسة على رئاسة حزبه، وتولي مهمة تشكيل حكومة. لكن ساعر واجه معارضة من نواب كتلة “يمينا” التي يتزعمها رئيس الحكومة نفتالي بينيت، وهذه الكتلة لديها رفض دائم لهذا القانون، أعربت عنه بعد كل واحدة من الجولات الانتخابية الأخيرة.

وفي حين حافظ بينيت في الأيام الأخيرة على صمته، ولم يعلق على مبادرة ساعر، وقالت مصادر في محيطه إن النقاش حوله سيكون بعد إقرار الموازنة العامة، فإن شريكة بينيت في الحزب، وزيرة الداخلية أييلت شاكيد، أعلنت رفضها لمشروع القانون، وأعلنت أن مشروع القانون لن يتم طرحه للتصويت قريبا. وتصريح شاكيد يعني أن هذا القانون خلافيّ، وبموجب اتفاقية الائتلاف، فإن كل القضايا الخلافية التي يدور حولها خلاف في الائتلاف، سيجري النقاش حولها بعد مرور عام على تشكيل الحكومة، ونيلها الثقة من الكنيست، بمعنى بعد منتصف شهر حزيران المقبل. وليس واضحا مدى الاعتراض على مشروع قانون كهذا، إذا ما سيهدد الائتلاف، لأن هذا القانون، حتى لو عارضه نواب في كتلة “يمينا”، فعلى الأغلب سيجد أغلبية في الكنيست، لأنه من المتوقع أن يحظى بتأييد كتلة “القائمة المشتركة” المعارضة.

وحسب أحد الأنظمة، فإن الحكومة أو واحدة من الوزارات تنشر بداية مسودة مشروع قانون على صفحتها في الإنترنت أمام الجمهور، لإتاحة الفرصة أمام ذوي الاختصاص لتقديم وجهة نظرهم فيه، وبعد فترة، ليست محددة، يجري إعداد مشروع القانون للمصادقة عليه في الحكومة، ومن ثم ينتقل لمسار التشريع في الكنيست.

وكما يبدو فإن هدف ساعر من نشر مسودة مشروع القانون، منذ الآن، هو كسب وقت، إلى حين مرور عام على تشكيل الحكومة. وقالت مصادر في محيط ساعر إنه مُصرٌّ على تمرير مشروعي القانونين، الأول المتعلق بالفساد ومنع المتهم من تسلم مهمة تشكيل حكومة، والثاني تحديد ولايتين فقط لكل رئيس حكومة.

لا يجوز بموجب مسودة مشروع القانون، لعضو كنيست متهم بجريمة تصل العقوبة عليها لثلاث سنوات وأكثر، وفيها وصمة عار، تشكيل حكومة أو العمل كرئيس حكومة بديل أو نائب رئيس حكومة. وتندرج جريمة الاحتيال وخيانة الأمانة تحت هذه الفئة، حيث أن أدنى عقوبة لها هي السجن لمدة ثلاث سنوات، وعادة ما تحمل معها وصمة عار. والحالة الأكثر شيوعا التي ينطبق عليها القانون هي تشكيل حكومة بعد الانتخابات، وبالتالي فهي ذات صلة فقط بولاية الكنيست المقبل. وتمنح مسودة مشروع القانون رئيس لجنة الانتخابات المركزية، وهو قاض في المحكمة العليا، صلاحية اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت الوقائع الواردة في لائحة الاتهام تجعل من الممكن تحديد أن “الجريمة في ظروف القضية ليس فيها وصمة عار”. في حالة كهذه يكون عضو الكنيست مؤهلا لتسلم رئاسة الحكومة. وهذا يسري أيضا على لائحة الاتهام المرفوعة قبل بدء ولاية المرشح.

وعبّر المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، في نهاية الأسبوع الماضي، عن دعمه لمشروع القانون، في كلمة ألقاها أمام مؤتمر في جامعة تل أبيب حول موضوع “أخلاقيات النواب المنتخبين”، في الذكرى السنوية الثانية لرحيل رئيس المحكمة العليا السابق مئير شمغار.

ورفض مندلبليت الادعاءات القائلة إن هذا مشروع قانون شخصي وغير شرعي، وأضاف “بحسب ما ينبثق عن مشروع القانون، فإن التعديل ليس شخصيا بل عاما، ويتطلع إلى المستقبل، وذلك بفرض قيود وآليات رقابة وتدقيق مناسبة، مع مراعاة مبادئ النظام الهامة الأخرى التي تنطبق في نظام ديمقراطي”.

وقال حزب الليكود إن “جدعون ساعر يقترح قانونا مناهضا للديمقراطية على النمط الإيراني يسعى إلى استبعاد من يحصل على 35 مقعدا في الاستطلاعات، ويحظى بدعم ملايين المواطنين، كرئيس الحكومة”.

كما هاجم زعيم كتلة حزب “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريتش، مشروع القانون قائلا: “من الواضح أن مذكرة القانون معادية للديمقراطية”.

في المقابل، قال نائب رئيس الحكومة يائير لبيد إن “مشروع القانون يكاد يكون بديهيا. فلا يمكن لمتهم جنائيّ أن يكون رئيسا للحكومة، وفي نظام حكم سليم فإن المثال الشخصي، النقاء الأخلاقي والنزاهة حجر الزاوية للقيادة”.

ورد ساعر في تغريدة في شبكة “تويتر” كاتبا إنه حينما “وافق الكنيست بالإجماع على قانون تعليق عمل رؤساء البلديات، المنتخبين مباشرة من قبل الجمهور، والذين تم تقديم لائحة اتهام بحقهم، لم يكن هناك عضو كنيست واحد ادعى أن هذا لا يتماشى مع النظام الديمقراطي. إن مسودة مشروع القانون التي نشرتها تضع معيارا مهما لقيَم الحكم. إن معارضة الاقتراح نابعة من دوافع شخصية. والتشكيك بصلاحية الكنيست في سن قانون كهذا، هو بالذات مناهض للقيم الديمقراطية”.

ويقول الخبير القانوني مردخاي كريمنيتسر، في مقال له في صحيفة “هآرتس”، إن مشروع القانون يقوم على أساس قانوني متين ومقنع. كما أنه يفي بموقف المحكمة العليا بشأن ضرورة تنظيم الموضوع دستوريا. وتابع أن الحكومة والبرلمان اللذين لا يعملان على إحداث تغييرات معيارية عامة، في ضوء الممارسات الخاطئة الخطيرة التي تظهر في وضع قانوني معين، لا يؤديان دورهما بشكل صحيح. وبحسب كريمنيتسر فإن النقاش العام حول الاقتراح بدأ للتو وهو موضع ترحيب، والاقتراح لا ينطوي على تدمير الديمقراطية بل إن ترك الوضع الحالي على حاله هو ما يعرض الديمقراطية للخطر.

إدلشتاين سينافس نتنياهو

وكما ذكر فإن رئيس الكنيست السابق، يولي إدلشتاين، أعلن في الأيام الأخيرة عن ترشيح نفسه على رئاسة الليكود في مواجهة بنيامين نتنياهو. وقال في مقابلة تلفزيونية: “قررت الترشح لقيادة الحزب لأن الحكومة الحالية تشكل خطرا على دولة إسرائيل. أجرينا انتخابات أربع مرات، وفي المرات الأربع كان الليكود أكبر كتلة في الكنيست، وفشلنا أربع مرات في تشكيل حكومة”. وتابع أن “الاختيار الحقيقي لأعضاء ومنتسبي الليكود لن يكون بيني وبين نتنياهو، وإنما بيني وبين يائير لبيد، لأنه إذا فشل نتنياهو أربع مرات في تشكيل الحكومة، فلماذا ينجح في المرة الخامسة؟”.

وقال إدلشتاين إنه “حتى في أكثر استطلاعات الرأي إرضاء لليكود، فنحن (الليكود بقيادة نتنياهو) لا نصل إلى ائتلاف يرتكز على 61 نائبا”. وأضاف “هناك ممثلون آخرون من المعسكر الوطني. أنا واثق من أنه عندما تكون هناك انتخابات تمهيدية وسأقود حزب الليكود لاحقا، فمن الممكن أن نشكل حكومة وطنية من دون انتخابات”. ويقصد إدلشتاين بذلك أنه في حال تم انتخابه في ظل الولاية البرلمانية القائمة، فإنه قادر على تفكيك الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة برئاسته.

وأضاف إدلشتاين: “أعلم أنه لن تكون هناك انتخابات تمهيدية في الأسبوع المقبل، لكنني آمل أن تتم في الأشهر المقبلة. أي شخص يقول إنه يمكننا الانتظار لمدة ثلاث سنوات أخرى، يقول في الواقع: سنبقى ثلاث سنوات أخرى في المعارضة”.

وقالت مصادر في محيط نتنياهو ردا على تصريح إدلشتاين: “الليكود حزب ديمقراطي. وقد أعيد انتخاب بنيامين نتنياهو زعيما لليكود بنسبة ضخمة بلغت 72.5 بالمئة قبل أقل من عامين. أي شخص مهتم بالترشح للقيادة مرحب به للقيام بذلك في الانتخابات التمهيدية”.

وكان إعلان إدلشتاين بترشيح نفسه أمام نتنياهو مسألة وقت، بعد أن تسربت على لسانه قبل نحو 4 أشهر تصريحات قيلت في اجتماعات مغلقة، يهاجم فيها نتنياهو، مؤكدا نيته المنافسة على رئاسة الليكود ضده في الانتخابات الداخلية القادمة.

وبحسب ما نشر، فإن إدلشتاين يقوم بخطوات من أجل ضمان إجراء انتخابات تمهيدية في الليكود في الأشهر المقبلة. وقال: “لا أريد تأجيل ذلك كثيرا. لا أنوي أن أكون ثانيا في القائمة. أنوي الانتصار” وادعى أنه في حال بدأت الحكومة الحالية تسجّل العقبات فإنه سيكون من الصعب منافسة نتنياهو.

وأضاف إدلشتاين: “لقد قام نتنياهو بكافة الأخطاء الممكنة. لماذا وافق على إعطاء جدعون ساعر، ونفتالي بينيت، وبيني غانتس والجميع رئاسة الحكومة ولم يوافق على منحها لأي شخص آخر من الليكود؟ لماذا على الليكود خسارة الحكم؟”.

وهذا هو الإعلان الرسمي الأول من شخصيات الليكود المعنية بالمنافسة على رئاسة الحزب. فمن المعروف أن أسماء عديدة أعلنت بشكل غير مباشر عن نيتها المنافسة على رئاسة الحزب، ولكن لم يكن جميعهم معنيين بمنافسة نتنياهو، وإنما بعد أن يتنحى، ومن بينهم عضو الكنيست يسرائيل كاتس، الأقوى في الجهاز التنظيمي وقواعد الحزب، والنائب السابق جلعاد إردان، والنائب آفي ديختر، والنائبة ميري ريغف، والرئيس الأسبق لبلدية القدس، نير بركات، الذي أقام في نهاية حزيران الماضي، مهرجان دعم له، بمشاركة 4 آلاف شخص، بينهم عدد من أعضاء الكنيست من الليكود، وبكلفة إجمالية للمهرجان قدّرت بنحو 700 ألف شيكل، إلا أن هذا المبلغ لا يساوي شيئاً لدى من حقق خلال عام واحد زيادة لأرباحه بنحو 575 مليون دولار، وبات مع شقيقه يملكان ثروة تقدر بـ 900 مليون دولار، بحسب تقرير الأثرياء السنوي الذي تصدره المجلة الشهرية لصحيفة “ذي ماركر”، في شهر حزيران الماضي، وهو بذلك عضو الكنيست الأغنى دون منافس.

ورغم مرور 7 أشهر على الانتخابات البرلمانية، وأكثر من 4 أشهر على تشكيل الحكومة، التي يبدو أنها ستصمد لفترة أكثر مما توقعه معارضوها، فإن الشخص الذي من المفترض أن يكون الأقوى في المنافسة على رئاسة الليكود، بعد نتنياهو، لم يعلن نيته بعد، والقصد النائب السابق ذكره يسرائيل كاتس، الذي أعلن في ما مضى أنه سينافس على رئاسة الليكود بعد نتنياهو، وليس في مواجهة نتنياهو، ولكن ليس واضحا إذا سيبقى على ذات الموقف أمام المنافسات المعلنة.

على أي حال فإن الانتخابات الداخلية في الليكود لا تلوح في الأفق قريبا، فقد توقع النائب حاييم كاتس أن انتخابات كهذه ستكون فقط تمهيدا للانتخابات البرلمانية المقبلة، في حين قال رئيس كتلة الليكود البرلمانية، ميكي زوهر، إن الانتخابات الداخلية في الحزب لن تكون قبل ستة أشهر من الآن.

وكانت أنباء داخل الليكود قد ذكرت في الأيام الأخيرة أن كل منافسي نتنياهو يرفضون إجراء انتخابات سريعة لرئاسة الليكود، قد يسعى لها نتنياهو لقطع الطريق أمام منافسيه الكُثر.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى