ترجمات عبرية

جدعون ليفي يكتب / من يهمه أمر أحد الفلسطينيين الذي مات

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – 13/12/2018

محمد حبالي قتل على أيدي جنود الجيش الاسرائيلي الذين اطلقوا النار على رأسه من الخلف. شيرا ايش – ران اصيبت اصابة بالغة بعد اطلاق النار على بطنها من سيارة مسرعة. حبالي كان شاب مريض نفسيا، الجنود اطلقوا النار عليه من بعد 80 متر في الشارع الرئيسي في المدينة دون سبب ظاهر للعيان. ايش – ران كانت حامل في شهرها الاخير عند اطلاق النار عليها على مدخل مستوطنة عوفرا.

مريض نفسي وامرأة حامل، كلاهما عاجزان. اطلاق النار عليهما يعتبر امر اجرامي بنفس الدرجة، تقريبا لا يوجد فرق اخلاقي بينهما. الفرق الوحيد هو أن من اطلقوا النار في عوفرا كان لهم سبب واضح، النضال العنيف ضد الاحتلال والاستيطان. دافع الجنود لقتل حبالي غير واضح، ومشكوك أن يكون لديهم أي دافع. لم يكن أي خطر يهدد حياتهم من الشاب الذي يحمل العكازات في يديه، والذي ابتعد عنهم عند توقف رشق الحجارة.

حبالي مات. ايش – ران تتعافى، وأمس، تراجيديا حقيقية، مات الرضيع. لكن من هنا اتسعت الفجوة بين الحادثتين. بماذا نبدأ؟ مجرد المقارنة بينهما تعتبر في اسرائيل عملية تآمر، وكفر وخيانة. ليس فقط بين الجريمتين والمجرمين، بل حتى بين الضحايا: كيف يمكن مقارنة المس بمستوطنة بقتل شاب فلسطيني، حتى لو كان مريض نفسي، وإبن عائلة لاجئين فقيرة، وأحد اخوته مريض نفسي مثله والأب معاق. شفقة؟ انسانية؟ ليس هناك ما يمكن الحديث عنه. في الوقت الذي تابعت فيه اسرائيل بقيادة الاعلام الذي يتاجر بالمشاعر، وايش – ران تتعافى، تجاهلت تقريبا تماما قتل إبن اللاجئين من طولكرم كأنه لم يحدث ولم يقتل أحد. الصدمة من اصابة ايش – ران هي صدمة انسانية ومفهومة، كما أن الاهتمام ايضا مفهوم، القلق والتماهي مع إبنة شعبك. ولكن التجاهل التام للحادثة الاخرى الذي نفذ من قبل أبناء شعبك هو أمر مخجل.

ليس فقط وسائل الاعلام بالطبع، ايضا السياسيون جميعهم صدموا من اطلاق النار على المستوطنة، وجميعهم تجاهلوا اطلاق النار على الفلسطيني الذي نفذ باسمهم. وليس فقط السياسيين المحليين، ايضا خارج البلاد صدموا بطريقة احادية الجانب ومتملقة، ليس أقل من ذلك. سفير الولايات المتحدة والمستوطنات، دافيد فريدمان، كتب أن الامر يتعلق بعمل ارهابي فلسطيني مقرف. مستشار الرئيس جيسون غرينبلاط كتب: “ببساطة مقرف”. وماذا عن قتل حبالي؟ متى أدان السفير فريدمان عملية قتل واحدة لجنود الجيش الاسرائيلي؟ واحدة فقط. والمستشار للمفاوضات لشؤون السلام، فقط اطلاق النار على المستوطنين يثير اشمئزازه؟ اطلاق النار على المريض نفسيا لا يثير اشمئزاز رجل السلام الامريكي؟ صحيح، الحديث لا يدور عن الدم اليهودي الذي هو أحمر من أي دام آخر.

هناك ملاحقة تجري وراء مطلقي النار على ايش – ران، الذي سينتهي بالتأكيد بالقاء القبض عليهم، وسيتم تقديمهم للمحاكمة العسكرية، وسيحكم عليهم بعشرات السنين. وبيوت عائلاتهم ستهدم. إنهم مخربون. أما خلف الجنود الذين اطلقوا النار على حبالي فلا حاجة لأي ملاحقة. هويتهم معروفة، وجوههم مكشوفة في الفيلم الذي وثق الحادثة وهم يسيرون ببطء في شارع هاديء ويطلقون النار من اجل القتل فقط. لا أحد يفكر في اعتقالهم – لماذا؟ من الذي مات؟ – تحقيق الشرطة العسكرية سيستمر الى الأبد، وفي النهاية ربما يقدمون للمحاكمة على مخالفة بسيطة حكمها هو خفض صغير للرتبة. وهناك شك كبير في حدوث ذلك: التجربة تعلمنا أنه بعد بضع سنوات سيتم اغلاق الملف.

ملف حبالي تم اغلاقه في الليلة التي اطلقت فيها النار على الشاب المسكين الذي كان لقبه هو “زعتر”. اسرائيل مصدومة من اطلاق النار على المستوطنين على مدخل المستوطنة غير القانونية وتتجاهل اطلاق النار العاجزين الفلسطينيين. عمليا، هي تؤيد من ينفذوان هذه الجرائم. إنهم جنود الجيش الاسرائيلي، محبوبي الشعب، والذين يقفون فوق كل اشتباه.

ملف حبالي اغلق لأن حياته لم تعني في أي يوم أحد في اسرائيل، وكذلك موته. لأن قتل فلسطيني يعتبر في اسرائيل اقل من قتل كلب ضال. لأنه لا يوجد في اسرائيل شيء ارخص من حياة الفلسطيني. ايضا الجنود الذين اطلقوا النار على حبالي كانوا يعرفون ذلك. لذلك فقد اطلقوا النار عليه، بالضبط كي يقتلوه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى