ترجمات عبرية

جدعون ليفي يكتب – قبل الهرب الى امريكا

هآرتس – مقال – 20/1/2019

بقلم: جدعون ليفي

“جدعون ليفي مخطيء بخصوص الماضي والحاضر ويبدو لي ايضا بخصوص المستقبل”، هذا ما كتبه بني موريس في مقاله بتاريخ 18/1. الماضي هو مجال موريس، لهذا سأذكر فقط ردا على ادعاءه بأن الفلسطينيين عارضوا الصهيونية من بدايتها، لأنها حسب رأيهم كولونيالية غزت بلادهم، طردتهم واحتلت اراضيهم. هذه هي الحقيقة حسب رأيهم. والتي يصعب مناقضتها. كوشان توراتي، وعد الهي أو ابادة نازية، لا يجب أن تهمهم.

وبخصوص الحاضر سأتطرق فقط للسهولة التي يعفي فيها الديكتاتورية العسكرية من الوحشية في المناطق التي هي من اسوأ الديكتاتوريات في العالم. هل يوجد حتى الآن من يقتحمون البيوت كل ليلة ويختطفون المواطنين من أسرتهم، بما في ذلك الاطفال، على مدى اكثر من خمسين سنة؟ هل ما زالت هناك دولة ديمقراطية يعيش فيها ملايين الناس بدون مواطنة؟.

لكن المشكلة الاساسية في مقال موريس توجد في نبوءته حول المستقبل. جهنم: “هذا المكان سيغرق واليهود سيبقون اقلية مضطهدة”. هذا وصف لا يبقي أي خيار سوى الضياع، بدون أن يواجه اسباب الوضع. موريس على قناعة بأن ما كان هو ما سيكون، كمؤرخ يجب عليه أن يعرف أن الامر ليس كذلك، وليس الى الأبد. المستقبل يصفه كتوأم للحاضر، وأخطر من ذلك، عبر منظار العرق والتعالي الذي وضعه. اذا كان العرب هم من يصفهم موريس، وهم سيبقون هكذا الى الأبد، فانه محق. نهاية العالم. ولكن هناك ايضا امكانية اخرى.

موريس يرى الحاضر، الذي فيه شعب يناضل من اجل حريته، بما في ذلك من خلال العنف، مثل كل الشعوب في التاريخ، ويستنتج: هكذا سيبقون دائما. هو يرى شعب لم يحظ في أي يوم بتعامل معقول ويستنتج: هكذا سيبقى الى الأبد. دائما سيسفكون الدماء، تحت الاحتلال ويعانون من الاضطهاد أو يتمتعون بالعدل والمساواة. دائما هم سيسرقون السيارات. دائما سيقتلون نساءهم، دائما سيتصرفون بوحشية. العرب هم قتلة منذ الولادة، لذلك، لن يكون بالامكان أن تقوم دولة مساواة يعيشون فيها مع اليهود المتنورين والمتطورين. فقط من يجلسون في مقهى في باريس، كتب موريس، يمكنهم الايمان بهذيان الدولة الواحدة. ولكن هذه توجد منذ 52 سنة، فقط هي توجد في ظروف غير ديمقراطية. من بيتي في رمات افيف، التي هي الشيخ مؤنس، أنا أريد اقتراح خيار آخر.

لا يجب أن تكون طوباويا من اجل الايمان به. موريس على قناعة بأن العرب لن يغفروا في أي يوم لاسرائيل ما فعلته ضدهم. اليهود غفروا للالمان بسرعة فائقة جرائم اكثر فظاعة. السود في امريكا وفي جنوب افريقيا سامحوا البيض. فرنسا والمانيا تحولتا الى حلفتين بعد الحرب – فقط الفلسطينيون لن يغفروا. المؤرخ يجب أن يعرف أنه يمكن وجود امر غير ذلك. اذا تحملت اسرائيل المسؤولية الاخلاقية عن افعالها، وكفرت واصلحت وعوضت وتصرفت باحترام – فسيتم العفو عنها. صحيح أن وضع الديمقراطية في العالم العربي لا يبعث على الأمل، لكن الفلسطينيين اثبتوا أنه يمكنهم التصرف بصورة مختلفة – في الانتخابات للمجلس التشريعي والكنيست. فرصة كامنة لاثبات ذلك لم تواجههم لأن الاحتلال لم يرفع يديه عنهم طوال الوقت.

حيفا ويافا مع كل صعوباتهما هي دلائل حية على امكانية وجود واقع آخر. المستشفيات والجامعات وفرق كرة القدم في اسرائيل يمكنها ايضا أن تكون اشارة لما سيأتي. ولكن عندما تكون متطرف قومي وعنصري، وعلى يقين من أن من يقفون امامك هم برابرة حقيرين، فليس هناك ما يدور الحديث عنه ولا مع من يجري الحديث – النتيجة هي فقط جهنم. أي ملجأ مريح: لا أمل، لذلك لا يجب النضال من اجل شيء، يمكن مواصلة التنكيل وانتظار النهاية السيئة، التي لا يمكن منعها.

صحيح أنهم ليسوا نرويجيين، وهل نحن يا بني موريس نرويجيين؟ الرشوة لدينا هل هي نرويجية؟ سلطة الدين؟ الجهل؟ الشوارع؟ الاحتلال؟ في اليوم الذي سنكون فيه نرويجيين، وعندما نتعامل معهم بمساواة وبشكل منطقي، ربما ستفاجأ: هم ايضا يمكن أن يتحولوا الى نرويجيين، اذا كان هذا ما تطمح اليه. عندها ربما ايضا ستوافق على العيش معهم. أنا أفضل أن نعطي فرصة لذلك، بدل مواصلة التنكيل بهم والتضليل بالحديث عن “دولتين”، عندها الغرق أو الهرب الى امريكا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى