جدعون ليفي يكتب – جيرمي كوربن هو ضحية
هآرتس – بقلم جدعون ليفي – 9/8/2018
جيرمي كوربن هو شخصية مثالية لرجل يسار، الذي حارب طوالحياته من اجل القيم التي آمن بها. بالنسبة للاسرائيليين، شخصيته هي مثلشخص من الفضاء: لم يقف في أي يوم على رأس اليسار كوربن اسرائيلي،أو حتى شخص ما يصل الى مستوى كاحله.
كوربن هو رجل شجاع، 553 مرة صوت في البرلمان ضد موقف حزبه. ومع ذلك فقد احتله بصورة عاصفة. لقد صوت ضد الحرب في العراق،السلاح النووي، السيطرة البريطانية على شمال ايرلندا، وقد كان نشيطا فيامنستي ضد اوغستو بينوشيه، واعتقل في مظاهرات ضد الفصل العنصريفي جنوب افريقيا. مع ضمير وشجاعة مثلما لديه لم يكن يستطيع أن يصلعندنا الى أي مكان، باستثناء “نحطم الصمت“. في بريطانيا العظمى فاناحتمالات انتخابه رئيسا للحكومة القادمة كبيرة. لا يوجد أمر يشعل الخيارويبث الأمل أكثر من ذلك. من يريد رؤية العالم يعمل ضد الاحتلالالاسرائيلي يجب عليه أن يحلم بكوربن.
كوربن تم الاعلان عنه كعدو اليهود القادم، فيكتور اوربان هو منالصالحين في أمم العالم، هال ترايت الامريكي هو اله اسرائيل ومنقذها،رودريغو دوترتا رئيس الفلبين الذي دعا الى قتل الملايين “مثل هتلر” هو ضيفمرغوب فيه في اسرائيل – وكوربن هو عدو الشعب. المؤسسة اليهودية فيبريطانيا واجهزة الدعاية الاسرائيلية اصدرت معا اتفاق بشأن كوربن مناجل احباط انتخابه: هو شخص لاسامي، حزب العمال لاسامي، الحياةاليهودية في بريطانيا في “خطر وجودي“، ليس اقل من ذلك، كما صرختثلاثة مقالات لهيئة التحرير للصحافة اليهودية هناك.
في الوقت الذي فيه وضع أي يهودي في بريطانيا افضل واكثر أمناومساواة وحرية من وضع أي مواطن عربي في اسرائيل، ولا نريد الحديث عنالفلسطينيين في المناطق، اثارت صرخة المؤسسة اليهودية ضجة ضد كوربن. ايضا الصحف الاسرائيلية سارعت للمشاركة في حملة التحريض: كلتصريح لحزب العمل صنف كلاسامي. عضو الحزب بيتر ولسمان اعتبرالحاخامات الذين ادانوا حزبه باللاسامية “متعصبي ترامب“. أحد المحلليناتهم كوربن بأنه أكثر من الاعتذار وبعد ذلك اتهمه بعدم الاعتذار. حتىصحفية شابة تثير الانطباع مثل انتونيا يمين من “كان” سارعت للمشاركة فيحملة التحريض.
علينا القول حالا: كوربن هو معارض شديد ودائم لسياسة الاحتلالالاسرائيلية. هذا حقه. رجل يسار حقيقي، هذا واجبه. في هامش حزبالعمال توجد بالتأكيد اوساط لاسامية. كوربن قال قبل بضعة ايام في مقالنشره في “الغارديان” البريطانية بأن هؤلاء ليس لهم مكان في حزبه. ايضامحاولة تقليص ما يعتبر لاسامية من قبل الليبر، خلافا للتعريف الواسع لـ“التحالف الدولي ضد الكارثة“، لا تحول حزب العمال بالضرورة الى حزبلاسامي. ولكن الدعاية اليهودية – الاسرائيلية كالعادة: عندما تسن اسرائيلقانون الابرتهايد، وعلى حدود قطاع غزة يقتلون 160 متظاهر غير مسلح،فان المعنى الوحيد هو اتهام كل من ينتقد ذلك باللاسامية. هذا يعمل، هذايضع المتهم في وظيفة المدعي.
اسرائيل نصت في القانون بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي. بكلمات اخرى، كل ما تقوم به اسرائيل يمثل كل الشعب اليهودي. ولذلك يوجدثمن. عندما يطلق قناص اسرائيلي النار على شخص معاق على كرسيمتحرك ويقتله وعلى ممرضة – الشعب اليهودي يكون شريكا. هكذا تشعلسياسة اسرائيل اللاسامية في العالم. من المسموح، بل ويجب، انتقادهامثلما يفعل حزب العمال وكوربن، وكم الافواه على هيئة تصنيف كل انتقادبأنه لاسامي هو فضيحة. هذا ايضا يزيد اللاسامية والشعور بأن اليهوديتصرفون بطريقة متهورة ويستغلون قوة ابتزاز المشاعر من اجل اغراضهم.
هيو ماير، أحد الناجين من الكارثة من هولندا، وأحد نشطاء حقوقالانسان، نقش ذات مرة الجملة التالية: “ذات يوم اللاسامي كان الشخصالذي يكره اليهود. والآن اللاسامي هو الذي يكرهه اليهود“. دعكم من حملةالتحريض ضد كوربن وتمنوا له النجاح. فهو رجل ضمير ونحن نأمل أنيصبح رئيس الحكومة في بريطانيا. فهذا يمكن أن يكون جيدا حتىلاسرائيل.