جدعون ليفي / البطل هو حاغي العاد
هآرتس – بقلم جدعون ليفي – 21/10/2018
من يفيد اكثر مكانة اسرائيل، داني دنون أو حاغي العاد؟ من يثير تقدير أكثر، سفير اسرائيل أو رجل حقوق الانسان؟ من منهما أهان اسرائيل بأقواله ومن حافظ على بقايا صورتها؟ من قال الحقيقة ومن كذب؟ من صدقه العالم – باستثناء نيكي هيلي، العميلة الحقيقية الوحيدة التي كانت حاضرة في القاعة – ومن لم يتمكن العالم من تصديقه؟.
لقد جلس الواحد امام الآخر في مجلس الامن، سفير اسرائيل ومدير عام “بتسيلم”. اسرائيليان بنفس الجيل ومن مواليد البلاد وممن خدموا في الجيش الاسرائيلي. عالمهما متناقض، انظمة اخلاقهما متناقضة، قيمهما متعاكسة، ايضا معرفتهما بما يحدث تحت الاحتلال مختلفة: اكاذيب الدعاية الاسرائيلية أمام التحقيقات الرفيعة لمنظمة المعلومات التي لا يوجد أحد أكثر منها وثوقا ومهنية.
ليس هناك ما هو مشترك بين الاثنين. فالعاد ذكر العالم بما يحمله: أنه ما زال هناك فرق بين اسرائيل والسعودية. دنون حاول أن يشطب الفرق برده البائس، “جنود الجيش الاسرائيلي يحمونك وأنت تأتي الى هنا لتشويه سمعتهم. اخجل، أيها العميل”. دنون هو الممثل المخلص للاغلبية في اسرائيل. ظهوره هام: هو يذكر العالم بأن وهم الديمقراطية الوحيدة يجب أن يتبدد. في اليوم الذي يعترف فيه العالم بأن دنون هو اسرائيل والعاد هو ليس فقط اقلية بسيطة، بل ايضا فمه تم اغلاقه من قبل الاغلبية الطاغية، ربما سيغير العالم علاقته المتسامحة والمتساهلة مع اسرائيل.
الردود في اسرائيل فقط زادت اضرار دنون. ليس فقط اليمين هو الذي انتقد العاد بعنف، اليسار – وسط ايضا شارك في الاحتفال الفاشل. يئير لبيد، لا يوجد احتمال لذلك، وكذلك ممثلو المعسكر الصهيوني، اييلت نحمياس – فيربن (“نصوص أحادية الجانب تستحق الادانة”)، ايتان كابر (“اقوال ممجوجة واعمال مخيفة”)، جسدت الردود الى أي درجة نحن بحاجة الى شطب حزبهم المتعفن فكريا عن وجه الارض. لم يهب أحد من زملائهم للدفاع عنهم. كم هذا مشين. لا يوجد لليمين أي بديل.
العاد عرض: الحقيقة. عارية، قبيحة، مثيرة للسخط. من سموه “واشي” اعترفوا وخجلوا منه، وفقط غضبوا من الكشف. هذا ليس فقط حق العاد بالتصرف هكذا، بل هذا واجبه. الاحتلال لم يكن ولن يكون شأن داخلي لاسرائيل. التنكيل بمسلوبي الحقوق تحت الاستبداد العسكري في المناطق المحتلة هو جريمة دولية. وعندما يشاهد أحد ما الجريمة يجب عليه الابلاغ عنها للسلطات. اذا شاهدتم شخص يضرب امرأة أو ينكل بطفل أو بشخص عاجز آخر، فمن واجبكم ابلاغ الشرطة. اذا رأيتم سلطة قمعية تنكل بشعب آخر على مدى عشرات السنين، تقتل وتدمر وتجوع وتسجن وتمنع العلاج، يجب ابلاغ ذلك للامم المتحدة، ولاهاي والمؤسسات الدولية الاخرى.
العاد قام بواجبه المدني والاخلاقي. جوقة مهاجميه يعرفون ذلك، لهذا فهي عنيفة جدا وصارخة. لو كان دنون يصدق خطاباته الجوفاء في الامم المتحدة لما كان سيصاب بالذعر من احد الاسرائيليين الذي تحدث بصورة مختلفة. ولكن دنون وكابل، وبنيامين نتنياهو وميري ريغف، يعرفون أنه لم تكن هناك أي كلمة في خطاب العاد المنضبط والموضوعي تمثل الحقيقة. لهذا كانت ردودهم عنيفة جدا.
العاد تواضع كطبعه، هو قال إنه ليس خائن وليس بطل – الفلسطينيون هم الابطال الحقيقيون. هو كان محقا بالطبع. كل متظاهر قرب الجدار في غزة هو شجاع بدرجة لا تقدر من كل قناص في الجيش الاسرائيلي الذي يطلق النار عليه عن بعد. كل راعي في الخان الاحمر يحمل معه عدالة اكبر من كل طائفة المتحاملين في “بتسيلم”.
ولكن ايضا العاد هو بطل، هو سفير اسرائيل كما كان يجب أن تكون، وزير دعاية اسرائيل البديلة، الجميلة والعادلة. الآن يجب الاهتمام بسلامته. دمه أهدر، يجب عليه ارتداء السترة الواقية، اذا لا سمح الله حدث له مكروه فسنتذكر المذنبون: ليس فقط يد اليمين في الجريمة، ايضا المنافقون المتورعون من اليسار – وسط هم مذنبون، لبيد وكابل ونحمياس، متحدثو المعارضة الموهومة والمخجلة لاسرائيل.