ترجمات عبرية

جاكي خوري : محمود عباس يعارض خطة اعادة اعمار قطاع غزة

بقلم: جاكي خوري، هآرتس ٢٤-٦-٢٠١٨

ما الذي سيتم فعله مع قطاع غزة هو سؤال يثور في كل مرة يزيد فيها التوتر في الجنوب. افضل المحللين يوجهون السؤال لجنرالات الاحتياط على أمل ايجاد الانقاذ لديهم. وهو مشهد يذكر بأبناء اليونان القديمة الذين ينتظرون اجابة من آلهة الاولمب. كل الاجابات تتركز في سياسة كولونيالية معروفة تميز المقاربة الامنية الاسرائيلية على مر الاجيال. لا توجد حقوق الانسان وحرية وتقرير مصير بل سيطرة بواسطة العصا والجزرة؛ أن يتم ضرب حماس على رأسها ولكن ابقاءها السيد؛ السيطرة على البحر والجو والمعابر، لكن اعطاء الناس بصيص أمل عن تقديم تسهيلات بسيطة جدا في الحصار: مشاريع توفر اماكن عمل وتسهيلات في المجال المدني. الاساس هو بقاء القطاع محاصر بالاسوار، خائف، يعيش ويتنفس بصعوبة لكنه على قيد الحياة.

يتبين أن هذا النموذج ليس وليد الاشهر الاخيرة أو السنوات الاخيرة، بل هو نموذج موجود ايضا في الضفة الغربية حتى لو حاولوا اخفاءه. هذا النموذج يعمل في الضفة الغربية وبنجاح، رغم الفوارق الجغرافية والديمغرافية. الضفة الغربية مقسمة الآن الى كانتونات من المدن الرئيسية الموجودة فيها، والتي توجد فيها حرية حركة وحرية تجارية ظاهريا، لكن لا يوجد من يدخل أو يخرج الى هذا الفضاء دون تصريح من اسرائيل. عمال كثيرون يخرجون الى العمل بما في ذلك الشباب، حتى لو كانت هناك عمليات فان هذا ما زال محتملا وتحت السيطرة وبعيد جدا عن ايام الانتفاضة. السيطرة في غزة كاملة. من ناحية اسرائيل السلطة الفلسطينية واجهزتها يقومون بالعمل المطلوب ويمنعون التصعيد. كل التهديدات لحل هذه الرزمة من قبل رؤساء السلطة والتهديد باعادة المفاتيح لم تعد تؤثر على أي أحد رغم التصريحات النارية لهؤلاء الرؤساء.

هذا هو النموذج الذي تريد اسرائيل تطبيقه في قطاع غزة من اجل أن تبتعد بقدر الامكان عن اتفاق سياسي شامل يؤدي الى دولة تربط بين القطاع والضفة. الهدف حسب معايير مشابهة في الضفة هو تحول القطاع نفسه الى كانتون كبير. حماس هي السيد الفعلي الذي يتولى مسؤولية النشاطات الشرطية والحفاظ على النظام بدون حاجة الى تنسيق امني. خلافا للضفة الغربية فانه في القطاع لا توجد مستوطنات، لذلك فانه طالما لا يوجد اطلاق صواريخ وقذائف هاون، فهم في اسرائيل لا يقلقون، وحتى الطائرات الورقية والبالون المتفجرة تعتبر عائق مؤقت.

صحيح، خلافا للسلطة فان حماس من الصعب ضبطها، بالاساس بسبب تطوير الصواريخ والانفاق. لهذا استثمرت اسرائيل المليارات في تطوير القبة الحديدية والعائق الجديد. طالما أن حماس تلتزم بوقف اطلاق النار فان هذا الوضع يمكن أن يستمر لسنوات.

دخول المستشار الكبير غارد كوشنر والمبعوث جيسون غرينبلاط الى الصورة بمشاركة دول عربية مثل السعودية ومصر وقطر يمكن أن يكمل في نظر اسرائيل نتنياهو خطة اعادة اعمار القطاع. مصر لها مصلحة واضحة في التهدئة في المنطقة بسبب تداعياتها على سيناء. وهي ستتولى مهمة الشرطي الذي يكبح جماح حماس. السعودية وقطر وربما الامارات ستمول المشاريع والامم المتحدة هي التي ستكون الراعية. هكذا فان ضبط حماس وتحسين البنى التحتية في القطاع ستضمن هدوء طويل المدى وتحافظ على المصالح الامنية لاسرائيل. هذه الصيغة ستمنع أي علاقة أو أي ربط سياسي بين القطاع والضفة.  وهكذا يصبح الحديث عن دولة فلسطينية في حدود 1967 امر غير ذي صلة.

في حماس يدركون جيدا الخطة، لذلك سيعارضونها ويهاجمونها رسميا. ولكن عمليا في حماس لن يعارضوا المشاريع المدنية في القطاع طالما أن الحكم ليس في خطر. محمود عباس والقيادة الفلسطينية سيواصلون التحذير من فصل القطاع عن الضفة وسيهاجمون الخطة الامريكية مثلما فعلوا في نهاية الاسبوع الماضي بواسطة سكرتير عام اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف صائب عريقات، الذي وصل الخطة بأنها محاولة لتصفية السلطة وتشجيع فصل القطاع. ولكن رغم الانتقاد فان كبار رجال السلطة يجب عليهم فهم واستيعاب أنه عمليا النموذج الذي يديرونه في الضفة يشكل الهام بالنسبة لاسرائيل وادارة ترامب بخصوص قطاع غزة نموذج يخدم بشكل غير مباشر مصالح اسرائيل والولايات المتحدة. هذا النموذج يرتكز الى نظرية بسيطة وهي السيطرة على الفلسطينيين لاجيال قادمة دون اتفاق سياسي يلزم برسم الحدود وبدون تسوية القضايا الرئيسية، من خلال تقديم تسهيلات اقتصادية واجتماعية. من ناحية اسرائيل والولايات المتحدة هذا سيكون نجاح كبير اذا تبنت الدول العربية هذه الصيغة وأيدتها.

من ناحية القيادة في رام الله والقيادة في قطاع غزة، يمكنهما الصراخ والانتقاد، لكن في المقام الاول يجب عليهما انتقاد انفسهما أولا وبعد ذلك توجيه الانتقادات للعالم. بدون انهاء الانقسام الداخلي واعادة التفويض للشعب الفلسطيني عن طريق انتخابات حرة وديمقراطية تفرز قيادة جديدة فلن يبقى في يده أدوات كثيرة لمواجهة الخطط التي تتراكم لتصفية تطلعاته للحرية وتقرير المصير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى