ترجمات عبرية

جاكي خوجي / لا ابطالا في الليل بعد اليوم

معاريف – بقلم جاكي خوجي – 25/5/2018

يتعرض الاسرائيليون في الاونة الاخيرة لنوع ما من هجمة الابتسامات من جانب السعودية. القليل من هذا يشق طريقه الى وسائل الاعلام، ولكن كل من يعمل في هذا المجال يعرف  المقالات العاطفة على سياسة اسرائيل والتي تنشر بين الحين والاخر في الصحافة السعودية. وانضم اليهم متصفحونسعوديون لا يترددون في اجراء اتصالات مع اسرائيليين في الشبكات الاجتماعية. بعضهم يتحدثون العبرية بمستوى عال، وقد اكتسبوا قدرتهم هذه في جامعات المملكة، ما يوفر احيانا ايضا لحظات من السحر. مثلا، تهاني بمناسبة اعياد اسرائيل، بعبرية فصيحة، ترسل مباشرة من قلب المملكة.

قبل اسبوعين ونصف الاسبوع فاجأت الرياض مرة اخرى. فأحد الصحافيين الاكثر تماثلا مع القصر الملكي عبدالرحمن راشد، نشر مقالا في صحيفة “الشرق الاوسط” يمثل راشد في الصحيفة صوت أسياده، وأسياده يعترفون بالفم المليء بان السعودية لا ينبغي أن تقف تلقائيا ضد اسرائيل. واذا كانت القدس محقة، فيجب قول هذا بصوت عال. وكتب راشد يقول: “سنقف الى جانب ايران اذا دعمت الفلسطينيين، ولكن سندعم اسرائيل حين تهاجم قوات ايرانية في سوريا”.

ضوء أخضر من فوق يسمح لهذه الشخوص بالتعبير عن نفسها بحرية. هذه روح جديدة ومنعشة. في كل ما يتعلق بالشبكات الاجتماعية، وان كان الحديث  يدور عن حفنة من السعوديين فقط، ولكن مستواهم الثقافي عال واسلوبهم محترم. اسرائيل الرسمية ليست لامبالية. من يتابع خطابات رئيس الوزراء يجده يعبر بين الحين والاخر عن عطف على ضائقة السعودية في مواجهة الايرانيين. نتنياهو، كما هو معروف، ليس واحدا يثرثر عبثا. كل ذكر لديه محسوب ومخطط مسبقا. فمنذ متى يشغل رئيس وزراء اسرائيل باله في أن دولة عربية تتعرض لضربات من الصواريخ الباليستية من اعدائها؟

ليس هذا لان العطف من القدس يعبر عن علاقات حميمة تجاه الاصدقاء الجدد. المشكلة هي أنه عندما يعود نتنياهو وليبرمان ليقولا ان آفاقا جديدة تفتح امام اسرائيل في المنطقة مشكوك ان يكونا يريا في خيالهما سياحة اسرائيلية في البحرين، اكاديميين اسرائيليين في دبي أو صحافيين اسرائيليين في شوارع أربيل. هما يريان اساسا موظفين من هنا ومن هناك يغلقون على انفسهم الابواب لاجراء مداولات سرية.

حان الوقت للاعتراف بالفم المليء بان اسرائيل والسعودية تجريان اتصالات فيما بينهما، وان هذه الاتصالات هي جزء من واقع جديد وعلامة طريق هامة في علاقات اسرائيل الخارجية في المنطقة. واحد فعل هذا دون تردد كان عضو الكابنت يوفال شتاينتس، الذي اعترف بذلك في مقابلة في صوت الجيش قبل سبعة اشهر. فالاخفاء الذي  تقبله القدس في خنوع يرمي للسماح للسعوديين الاتصال بنظرائهم الاسرائيليين دون ان يثيروا الشارع عليهم. ولكن ليس من مهامة اسرائيل ان تكون محامية لاي نظام وحامية لمصالحه السياسية. طالما تأتي هذه على حسابها، فلا قلق من ان يهرب السعوديون. ربما يشعروا بالاهانة ويتوجهوا لاعادة حساب المسار. صراع مع ايران وجودي، والخط المباشر لاسرائيل هو بالنسبة لهم فوز. اذا كان ثمنه هو كشف مجرد العلاقات، فانهم سيدفعون.

التعلم من دروس الماضي

ان اخفاء علاقات اسرائيل مع الانظمة العربية،  الذي كان اول من فرضه ولا يزالون المصريون، ليس شرفا للقدس وليس في صالحها. كان هذا مناسبا للسنوات الماضي، ولكن منذئذ اخذت مكانة اسرائيل في التعزز. اسرائيل 2018 هي قوة عظمى تكنولوجية، اقتصادية، استخبارية، علمية ودبلوماسية. الكثيرون في المنطقة يرغبون في التقرب منها. فاذا كانت الانظمة العربية ترغب في الاتصال بها فعليهم ان ينزعوا القناع. فاذا لم ينزعوا فلن يتلقوا.

لقد علمنا الماضي بان التعاون السري لاسرائيل مع مصر وبقدر كبير مع الاردن، خلد العلاقات المشوهة معهما. فبعد ان حصلت هاتان الدولتان على ما ارادته وليس اكثر (اتصالات امنية ودبلوماسية هادئة) لم يكن لهما حافز لاعطاء المزيد. وهكذا تخلدت ليست فقط الازدواجية – البرودة العلنية ومقابلها العلاقات السرية – بل اتيح لهذين النظامين ان يبقيا على حاليه العداء في الشارع لاسرائيل. هذا العداء، ولا سيما في مصر، حظي باسناد من فوق. فقد استهدف خدمة الاغراض الداخلية ولكنه اهان اسرائيل واخجلها. في الليل يلتقون مع كبار المسؤولين الاسرائيليين، وفي النهار يواصلون تنمية شخصياتهم كعدو، في الخطاب الجماهيري بل وفي المدارس.

تلك الايام تسمح بتعلم دروس الماضي. اذا سمحت القدس لاصدقائها الجدد ان يقيموا معها علاقات سرية فقط، فسيكرر النموذج نفسه، هي ستتلقى التعاون الذي ارادته، وبالتوازي تواصل تطوير الصورة السلبية لاسرائيل في نظر جمهورها. محظور أن تتلخص رؤيا الشرق الاوسط الجديد في تحالفات عسكرية مع الانظمة. كي تكون هذه صلبة، عليها أن تسعى الى تحالفات مع شعوبها. ولهذا فيجب الاصرار بأدب على علاقات علنية. تبادل للزيارات بين الزعماء ورجال المخابرات ليس شرق اوسط جديد. هذا شرق اوسط قديم، مع بعض الاضافات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى