ترجمات عبرية

جاكي خوجي : الخطة النقدية

معاريف – بقلم جاكي خوجي  – 8/6/2018

كان هذا هو الاسبوع الذي أخرج فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الخزانة قلقنا على ما يجري في  القطاع. ففي لقاء معنا، نحن ممثلي وسائل الاعلام الاسرائيلية في برلين، بعد بضع دقائق من المؤتمر الصحفي الى جانب المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل، تباهى نتنياهو في أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تعمل من أجل غزة.  لقد أخطأ، ولكنه كان محقا.  

اخطأ، لان دولا اخرى في المنطقة ايضا تعمل من أجل القطاع، مثلما سنروي بعد قليل؛ وكان محقا، لانه نشأ هنا عبث: القدس تعمل منذ عدة اشهر بنشاط جم كي تحسن حياة المواطن البسيط في غزة، بينما رام الله، بقيادة ابو مازن، تخنقه اقتصاديا. كل واحد من الاثنين يعمل انطلاقا من احتياجاته الانانية. الرئيس يعتقد ان بذلك سيضعف حماس، واسرائيل تفترض ان بذلك تقلص اليأس الغزي وفي اعقابه المخاطر التي من شأنه ان يولدها.

وبالفعل، فان الجهد الاسرائيلي محتم. فليس الموضوع هو المجاري في غزة التي تغرق شواطيء عسقلان. قبل بضعة اسابيع كتبت هنا بانه يحتمل أن تولد “مسيرات العودة” ساحة جديدة من المخاطر على اسرائيل، تحل محل السكينة الشاعرية لبلدات غلاف غزة. لم اقدر انه في غضون فترة قصيرة ستشتعل حقول البلدات وستضرم الطائرات الورقية النار في مزروعاتها.  وبالفعل، يمكن لهذا أن يكون مجرد البداية. هذه الحدود من شأنها ان تصبح نموذجا مصغرا لبلاد حزب الله، اذا ما قررت  الفصائل في غزة الاستخدام المتواتر للعبوات الناسفة، مثلما فعلت في الأسابيع الماضي. في هذه الحالة، لا يمكننا أن ندعي باننا لم نعرف. فكل الأضواء اشتعلت، وكل المحذرين صرخوا.

منذ عدة اشهر وفريق السلام لدى ترامب  يتصدر خطة شاملة لحل انساني  في  غزة.  الخطة طموحة ولكنها مشوقة. فهي تتضمن إقامة مصانع للعمال من القطاع في أراضي سيناء، فتح معابر الحدود من مصر وإسرائيل، بناء منشأة تحلية ومشاريع أخرى. ولكن في هذه الاثناء، الى أن يتحرك كل شيء، بادر المبعوث الخاص جيسون غرينبلت وممثلو الدول في المنطقة الى خطة صغيرة ومتواضعة، وان لم تكن أقل إثارة للاهتمام، للتسهيل النقدي على المواطن البسيط في القطاع. فاحدى المشاكل  المادية في غزة هي عدم وجود “المال الصغير” في  محفظة رجل الشارع.  إسرائيل، الأردن والامريكيون قرروا ضخ الأموال النقدية الى المحافظ الفارغة، والى ذلك اضافوا عدة بنود أخرى.

في اطار الخطة، التي وصلت بنودها الي هذا الأسبوع، سيخصص  الامريكيون أوراقا نقدية بعشرات ملايين الدولارات، والأردن سيضيف اليها أوراقا نقدية بمليون دينار (نحو 5 مليون شيكل) والمساهمة الأردنية لن تنتهي بذلك. فعمان ستمول شراء الاف المولدات لانتاج الكهرباء، التي ستوزع على المؤسسات العامة، وعلى رأسها المستشفيات والمدارس. أما  المساهمة الإسرائيلية فستكون متواضعة للغاية. 150 الف قطعة نقدية بقيمة نصف شيكل ستدخل الى القطاع (إسرائيل  ستحصل على قيمتها بتحويلة بنكية)، وكذا أوراق نقدية بقيمة بضعة ملايين الشواكل.

ورفعت بنود الخطة لتعبئة المحافظ الى علم القيادات الأعلى في القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل، وتلقت ضوء اخضر. والان يتبقى ان يتقرر ما هي الالية الأكثر أمانا لادخال الأموال.

كما هو الحال دوما، أحد لا يريد أن تقوم حماس بمصادرة الأوراق النقدية ما أن تدخل الى القطاع. في الماضي نجحت مثل هذه الالية في أن تضمن وصول البضاعة الى مقاصدها. فقد أدخلت إسرائيل  أكياس من الاسمنت الى القطاع، كانت مخصصة للأشخاص الخاصين الذين هدمت منازلهم في الحرب. واحصيت الاكياس جيدا، وعند دخولها الى القطاع رافقتها الكاميرات التي أشرفت عليها الأمم المتحدة الى أن وصلت الى الايادي الخاصة.

اعترف رئيس الوزراء هذا الأسبوع بان اليأس الاقتصادي هو المحرك الأساس الذي  أخرج الجماهير للصدام مع الجيش الإسرائيلي على الحدود. هذه هي المرة الأولى التي يصيغ فيها نتنياهو موقفا متماسكا ومفصلا عن مصادر يأس مواطني القطاع. وهذا هو السبب الذي جعله يعطي غرينبلت تمنياته له بالتوفيق. في غزة سيجد نتنياهو له شركاء في الرأي. فقيادة حماس تعرف عن الخطة وتتعاون معها من اللحظة الأولى، الامر الذي لا يمكن ان يقال عن أبو مازن. فهو يرفض كل شراكة أو نصيب في هذه الخطة، بل ويحاول افشالها.

من كان يصدق في أي مرة ان تكون إسرائيل هي التي تحث الزعيم الشرعي للشعب الفلسطيني مثلما يرى أبو مازن نفسه، على الحرص على مصلحة شعبه في القطاع. هذه القصة تعلمنا درسا حزينا عن أنفسنا أيضا. فمنذ عقد ونيف يركل سكان القطاع ويطلبون الرحمة على وضعهم، وقلة في إسرائيل يستجيبون لاستجداءاتهم. هكذا كان أيضا عندما خرج مواطنون عاديون وادعوا بانهم هم وحماس ليسوا في ذات الجانب. بعد شهرين فقط من قرار الجماهر الخروج الى الحدود، وان كان بتوجيه من قادة حماس وتشجيعهم، تحث إسرائيل خطاها، ولفرحتها، تجد اصدقاءها في المنطقة يمدون لها يدا في المساعي الى تحسين وضع المواطن الغزي. وبعد ذلك سيقولون ان العرب لا يفهمون الا لغة القوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى