أقلام وأراء

توفيق أبو شومر يكتب – ما سرُّ تجميد صفقة الأسلحة الأميركية لدول الخليج؟!

توفيق أبو شومر – 17/3/2021

اخترتُ نموذجاً بحثياً يقود السياسيين في إسرائيل، ويؤثر في صانعي القرار، يتمثل هذا النموذج فيما نشره الباحثُ، د. إيتان غلبوع، المحاضر في جامعة، بار إيلان، قسم العلوم السياسة، في مركز بيغن السادات عن قضية تجميد الرئيس الأميركي، جو بايدن، لصفقات بيع السلاح للدول العربية، في بداية فترة رئاسته، هذا النموذج ناتجٌ عن البحث والمتابعة!

أرجع الباحثُ تجميد صفقة بيع الأسلحة الأميركية للدول العربية إلى بروتوكول تقليدي عند تغيير الرؤساء الأميركيين، خاصة فيما يتعلق بالجيش والسلاح، فهم يُعيدون النظر في كل ما جرى تنفيذه، مع العلم أن صفقات بيع السلاح التي أقرَّها ترامب كبيرة، تُثري الخزانة الأميركية وهي، خمسون طائرة إف-35 للإمارات العربية، وثلاثة آلاف قنبلة وصاروخ موجه بدقة للسعودية، وشراء طائرات مسيّرة للمغرب بمليار دولار.

أرجع الباحثُ السببَ في تجميد الصفقة إلى وفاء الحزب الديمقراطي بشعاراته الانتخابية، ومعارضته لانتهاك حقوق الإنسان في تلك الدول، لا سيما الحرب في اليمن، لذا، لا يجوز لدولة أميركا الديمقراطية أن تبيع أسلحة تنتهك حقوق الإنسان، لأن الأسلحة ليست مساعدات خارجية!
غير أن الباحث، إيتان غلبوع أشار إلى صعوبات تحويل التجميد إلى قرار بإلغاء هذه الصفقة، هناك صعوبات كبيرة في الإلغاء، أبرزها، أن شركة، لوكهيد مارتن، المصنِّعة لطائرات إف-35 في تكساس وظفت آلاف الأميركيين، وأن خسارة هذه الوظائف ستؤثر سلباً على الحزب الديمقراطي، كذلك الحال في تأثير تجميد الصفقة
على المفاوضات المتوقَّعة بين أميركا وإيران، والعودة إلى الاتفاقية النووية عام 2015، لأن الأميركيين سيخسرون الدول الخليجية السنية، وسيخسرون ورقة الضغط الرئيسة وهي، بيع الأسلحة لهم. أما عن صفقة المغرب يمكن تنفيذها، بلا عراقيل!

لم يذكر الباحث علاقة إسرائيل بهذه الاتفاقية، في عهد ترامب، وكذلك في عهد الرئيس الديمقراطي، بايدن، ولم يتطرق الباحث إلى موقف إسرائيل من بيع هذه الأسلحة للدول العربية، غير أنني رصدتُ الموقف الإسرائيلي المتحفظ من بيع الأسلحة إلى دول الخليج في عهد ترامب، فقد صمت نتنياهو عن الصفقة، ولم يُظهر معارضتَه لها في العلن، بل أعلن رضاه عنها، حتى لا يُفسِد صفقةَ القرن الترامبية، وحتى لا يُفسد اعتراف أميركا بالاستيطان، والقدس الموحدة عاصمة إسرائيل، واتفاقية أبراهام!

من يقرأ تاريخ إسرائيل يعرف أن إسرائيل لا يمكنها أن تُفرِّط في قضايا السلاح والأمن، ويعرف أن إسرائيل لا توافق على بيع أسلحة مُطوَّرة تُماثل أسلحتها، قال بن غوريون في بداية تأسيس إسرائيل: «على إسرائيل أن تحافظ على فرادتها في المجال العسكري، وألا تسمح لأي دولة في الشرق الأوسط أن تتفوق عليها، كما أنها ستضغط على الدول المنتجة للسلاح بألا تبيع الأسلحة المُطورة لدول العرب، لأن دول العرب قد تنتقل فجأة من نظامٍ معتدل إلى نظامٍ متطرف، ما يُهدد أمن إسرائيل؟!».

كذلك فإن محللاً سياسياً إسرائيلياً أشار إلى «أن الأسلحة التي تُباعُ للدول العربية، لا تُشبه الأسلحة التي تُباع لإسرائيل، على الرغم من أنها تتشابه في أسمائها».

هل يعرف مشترو الأسلحة العربُ أنَّ إسرائيل تُجري تغييراتٍ على أنظمة الأسلحة، كما يحدث في طائرات الشبح، إف-35، هذه الطائرات جرى تزويدُها بأنظمة «سوفت وير» إسرائيلية خاصة، في حين أن هذه الطائرات عندما تُباع للآخرين فإنها تُباعُ هياكل وآلات، وليس تكنولوجيا معلومات ذكية، وهذه التكنولوجيا الرقمية هي الأهم من آلات الطائرة نفسها!

بالإضافة إلى أن كل سلاح يُباع للآخرين لا يمكن أن يُستخدم ضد صانعيه، فهم حينما يوقعون عقود البيع يُلزِمون المشترين بأن يتولى فريقٌ منهم تشغيل هذا السلاح سنوات طويلة، بمرتبات خيالية، فهم سيتولَّونَ الإشرافَ على صيانته، هم قادرون في كل الأوقات على إبطال مفعوله، ليعود مرة أخرى خادماً مطيعاً لصانعيه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى