شوؤن عربية

توزيع القوى في البرلمان اللبناني الجديد ٢٠١٨

روسيا الْيَوْمَ ٨-٥-٢٠١٨م
أفرزت انتخابات لبنان مجلسا نيابيا متحرّرا من الولاءات لقوى 8 و14 آذار، تختلط فيه الموالاة بالمعارضة والأقلية بالأكثرية و”الحابل بالنابل”، وهذا ما قد يصعّب عملية تشكيل حكومة جديدة.
التحالفات التي خيضت على أساسها الانتخابات النيابية كانت أبعد ما تكون عن المبدئية، فحلفاء الأمس التقوا في دائرة انتخابية وتفرقوا في أخرى، وكذلك الخصوم. المصالح طغت على المبادئ، لذلك فإن أول ما يميز البرلمان اللبناني الجديد هو لا أكثرية ولا أقلّية واضحة، بل “مشاريع” متعدّدة لمعارضات غير موحّدة بوجه “كتلة موالاة” متحولة وغير معروفة العدد واللون.
تحت قبة البرلمان اللبناني الجديد ستتشكل كتل طائفية وسياسية متقاربة ومتنافرة في آن واحد، وستجد ألف سبب وسبب لاختلاق الخلافات والصراعات والدوران في حلقات مفرغة، بسبب غياب الرؤية السياسية المحددة والأيديولوجيات الجامعة والمبادئ الواضحة.
برلمان 2018 في لبنان لا يشبه سابقيه. 62 نائبا جديدا يدخلون الندوة البرلمانية ليمثلوا أحزابا وتيارات وسياسات قديمة. والأنكى من ذلك أن غالبيتهم من رجال الأعمال وليس من القانونيين والمشرعين، لذلك سيتحول البرلمان من مجلس للتشريع إلى مجلس لـ”التشريح” فقط.
الواضح على نحو جلي حتى الآن هو أنّ الثنائي الشيعي المشكل من حركة “أمل” و”حزب الله” الذي حصل على 26 مقعدا (12 لحزب الله و14 لحركة أمل) هو من أكبر الرابحين في الانتخابات النيابية، بعدما ظفر بكل المقاعد الشيعية في مجلس النواب، باستثناء مقعد واحد في جبيل، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الحلفاء الفائزين الذين سيتمكنوا من تغيير وجهة البرلمان الجديد واتجاهه، مثل عبد الرحيم مراد، أسامة سعد، عدنان طرابلسي، جهاد الصمد، وفيصل كرامي.
وثاني الرابحين هو حزب “القوات اللبنانيّة” المسيحي اليميني بقيادة سمير جعجع الذي ستضم كتلته 15 نائباً بدلاً من 8 في انتخابات 2009، أي أن حضوره تضاعف تقريبا في البرلمان الجديد رغم خوضه الانتخابات بالاعتماد على قواه الذاتية، وليس على حلفائه كما كان يفعل سابقا.
أما حزب الرئيس ميشال عون، “التيّار الوطني الحر”، الذي حقق خرقاً للمرة الأولى في عدد من الدوائر، خصوصاً في الشمال، ووصلت كتلته إلى 20 نائباً، فقد تم اختراق قلاعه التي كانت صافية له سابقا، مثل كسروان وجبيل والمتن.
ويرتفع عدد كتلة “لبنان القوي” الموالية للعهد مع التيار إلى 28 مقعداً، إذا ما التحق بها من ترشحوا تحت لوائها وبدعمها وهم: نعمت أفرام، طلال أرسلان، ميشال معوض، اغوب باقرادونيان، الكسندر ماطوسيان، واغوب ترزيان، وإيلي الفرزلي، وميشال ضاهر.
أما حزب “الكتائب” فتقلصت كتلته إلى 3 نواب، مع فوز رئيسه سامي الجميّل وابن عمّه نديم الجميّل وإلياس حنكش.
وتيار “المردة” حصل على كتلة من 3 نواب: طوني فرنجيه، اسطفان الدويهي، وفايز غصن.
سنيّاً، شكّلت الانتخابات خسارة للوزير السابق أشرف ريفي، وتراجعت حصة “تيّار المستقبل” إلى 21 مقعداً بدلا من 33 في البرلمان الذي تنتهي ولايته، الممددة ثلاث مرات، في 20 الشهر الجاري.
في المقابل، حصد “تيار العزم”، بزعامة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، وحلفاؤه على 4 مقاعد.
النائب وليد جنبلاط كرس زعامته الدرزية، وبقي حزبه “الاشتراكي” مهيمنا على 11 مقعدا نيابيا.
وحصل حزب “السوري القومي الاجتماعي” على 3 مقاعد هي من نصيب: آلبير منصور، أسعد حردان، وسليم سعادة.
والحزب “الديمقراطي” حصل على مقعد واحد لزعيمه طلال أرسلان.
أما حزب “الطاشناق” ففاز بـ3 نواب: أغوب باقرادونيان، هاغوب ترزيان، وألكسندر ماطوسيان.
و”المجتمع المدني” حقق خرقاً واحداً من خلال النجمة الإعلامية بولا يعقوبيان.
أما “المستقلون” فهم: عبد الرحيم مراد، فؤاد مخزومي، الوليد سكرية، أسامة سعد، فيصل كرامي، جهاد الصمد، عدنان طرابلسي، مصطفى الحسيني، جميل السيد، إبراهيم عازار، ميشال معوض، ميشال ضاهر، فريد الخازن، نعمة أفرام، ميشال المر، وادي ديميرجيان.
ومسيحياً أيضاً، سُجِّل خروج “حزب الوطنيين الأحرار” من مجلس النواب، وهزيمة بطرس حرب الذي خرج من المجلس هو والنائب نقولا فتوش، إضافة إلى فوز كبير للنائب ميشال المر في المتن.
ويمكن اختصار نتائج ومفاعيل الانتخابات النيابية الأخيرة بالتالي:
– لم يعد سعد الحريري الزعيم الأوحد في الطائفة السنّية، بل أصبح له شركاء كثر لدودون، ليس أولهم منافسه في طرابلس نجيب ميقاتي الذي أعلن أنه مرشح جديّ لتشكيل حكومة جديدة، وهذا سيظهر جليا عند الاستشارات النيابية الملزمة في عملية تكليف شخصية سنيّة بتشكيل حكومة العهد الثانية.
– تمكن رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع من الهيمنة على نحو نصف المقاعد المسيحية، لذلك أصبح بإمكانه أن ينظر مليّاً في عيني جبران باسيل رئيس حزب “التيار الوطني الحر” ليطالبه بتقاسم النفوذ والمنافع والوظائف والخدمات.
– إذا كانت عملية إعادة انتخاب نبيه برّي رئيسا للبرلمان شبه مضمونة نظرا للنتائج الباهرة التي حصدها الثنائي الشيعي، فإن أوّل المسائل الخلافية ستكون المعركة حول اسم نائبَ رئيس مجلس النواب المقبل والذي يرجح أن يعود إليه ألياس الفرزلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى