ترجمات أجنبية

توارد فريدوم – رمزي بارود- كيف يختلف الديمقراطيون والجمهوريون عن فلسطين وإسرائيل

توارد فريدوم  –  رمزي بارود* –  22/9/2020

الحقيقة هي أن دعم الولايات المتحدة غير المشروط لإسرائيل هو قضية مشتركة بين جميع الإدارات الأميركية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية. ومع ذلك، فإن ما قد يختلفون فيه هو الدافع الكلي والجمهور الأساسي المستهدف خلال وقت الانتخابات.

غالبًا ما تجعل الطبيعة المستقطبة للسياسة الأميركية من الصعب معالجة الاختلافات الجوهرية بين الخصمين السياسيين الرئيسيين في البلاد؛ الجمهوريين والديمقراطيين. وبما أن كل طرف عاكف على تشويه سمعة الطرف الآخر في كل فرصة، فإن المعلومات غير المنحازة فيما يتعلق بالمواقف الفعلية للطرفين بشأن القضايا الداخلية والخارجية يمكن أن تكون صعبة التمييز.

مع ذلك، عندما يتعلق الأمر بفلسطين وإسرائيل، فإن مؤسسات الطرفين واضحة تمامًا بشأن تقديم دعم غير محدود وغير مشروط لإسرائيل. والاختلافات في مواقفهم، في بعض الأحيان، ضئيلة للغاية، حتى لو حاول الديمقراطيون تقديم أنفسهم، من حين لآخر، على أنهم أكثر إنصافًا ونزاهة.

بالحكم من التصريحات التي أدلى بها المرشح الديمقراطي للرئاسة، جو بايدن، ونائبته في الانتخابات، كامالا هاريس، والأشخاص المرتبطون بحملتهما الانتخابية، فإن الرئيس المقبل بايدن لا ينوي نقض أو إلغاء أي من الإجراءات السياسية المؤيدة لإسرائيل التي اعتمدتها إدارة دونالد ترامب.

علاوة على ذلك، فإن الإدارة الديمقراطية، كما تبيّن، لن تفكر حتى في إمكانية ربط الدعم المالي والعسكري الأميركي لإسرائيل باحترام الأخيرة لحقوق الإنسان الفلسطيني، ناهيك عن احترام القانون الدولي جملة وتفصيلاً.

ونُقل عن هاريس، التي روج لها البعض بحماس باعتبارها سياسية “تقدمية”، قولها في اتصال هاتفي بتاريخ 26 آب (أغسطس): “لقد أوضح جو بايدن… أنه لن يربط المساعدة الأمنية الأميركية لإسرائيل بالقرارات السياسية التي تتخذها إسرائيل… ولا يمكن أن أكون أكثر موافقَة”. وكان الاتصال الهاتفي قد أجري مع من وصفتهم صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بأنهم “مؤيدون يهود”. وأشارت صحيفتا “جيروزاليم بوست” و”تايمز أوف إسرائيل” إلى هذه الفئة الحاسمة من الناخبين على أنها “مانحون يهود”.

على الرغم من أن وجهة نظر صفوف الحزب قد تحولت بشكل كبير ضد إسرائيل في السنوات الأخيرة، إلا أن الطبقة العليا للديمقراطيين ما تزال تقدم خدماتها للوبي الإسرائيلي وداعميه الأغنياء، حتى لو كان ذلك يعني الاستمرار في تشكيل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط بحيث تخدم المصالح الإسرائيلية.

ومن ناحية أخرى، عزز الجمهوريون دعمهم لإسرائيل، وإنما لم يعد الأمر يتعلق الآن بالقضايا الجيوستراتيجية المتعلقة “بأمن” إسرائيل أو المصالح الأميركية. كانت الخطب التي ألقاها القادة الجمهوريون في المؤتمر الوطني الجمهوري الذي عقد في شارلوت بولاية نورث كارولينا الشهر الماضي، تهدف جميعها إلى طمأنة “الصهاينة المسيحيين”، الذين يمثلون أقوى دائرة انتخابية مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة. وقد تحوّل التأثير الذي كان هامشياً نسبيًا للصهاينة المسيحيين في تشكيل السياسة الخارجية الأميركية بشكل مباشر، بمرور السنين، ليصبح محدِّداً للقيم الأساسية للجمهوريين.

بغض النظر عن طبيعة الخطاب الذي يعبر من خلاله زعماء الحزب الجمهوري والديمقراطي عن حبهم ودعمهم لإسرائيل، فإن الحزبين بالتأكيد “مؤيدان لإسرائيل”. وهناك العديد من الأمثلة الحديثة التي تدعم هذا التأكيد.

في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن واشنطن لن تعد المستوطنات اليهودية غير قانونية أو أنها تشكل انتهاكًا للقانون الدولي. ثم تم ترسيخ هذا الموقف لاحقًا في ما تسمى بـ”صفقة القرن” التي أشرف عليها ترامب، والتي نُشرت في 28 كانون الأول (يناير).

ومع ذلك، يواصل الديمقراطيون النظر إلى المستوطنات اليهودية غير القانونية على أنها، في الحقيقة، غير قانونية. وقالت حملة جو بايدن في بيان رداً على إعلان بومبيو: “إن هذا القرار يضر بقضية الدبلوماسية ويبعدنا أكثر عن الأمل في حل على أساس دولتين ولن يؤدي إلا إلى تأجيج التوترات في المنطقة”.

ولكن، على الرغم من الاختلاف الملحوظ، يبقى من الصعب تخيل إدارة ديمقراطية تتمسك بالموقف المذكور بينما تمتنع في الوقت نفسه عن إلغاء القرارات السابقة التي اتخذتها إدارة ترامب. ولا يمكنها سوى أن تكون واحدة من الاثنتين فحسب.

ولتشاؤم المرء ما يبرره تمامًا، حيث علمنا مؤخرًا أن المؤسسة الديمقراطية رفضت حتى استخدام كلمة “احتلال”، في إشارة إلى احتلال إسرائيل لفلسطين، في برنامجها الحزبي الصادر في 15 تموز (يوليو). ووفقًا لمجلة “فورين بوليسي”، فإن القرار “جاء في أعقاب ضغط مكثف في اللحظة الأخيرة من قبل جماعات اللوبي المؤيدة لإسرائيل”.

وكانت إدارة ترامب قد اتخذت في 6 كانون الأول (ديسمبر) 2017 واحداً من أكثر القرارات المؤيدة لإسرائيل جرأة، عندما اعترف رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل. وبعد بضعة أشهر، في 14 أيار (مايو) 2018، تم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

كان الأساس القانوني لقرار ترامب هو “قانون سفارة القدس للعام 1995. وكان هذا القانون قد جاء نتيجة لجهود من الحزبين، والتي جمعت بين الجمهوريين والديمقراطيين معاً في الكونغرس. ومن المثير للاهتمام أن كبار الديمقراطيين، مثل جو بايدن وجون كيري، كانوا المشجعين الرئيسيين لنقل السفارة في ذلك الوقت. وقد صوت واحد فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، الراحل روبرت بيرد، ضد مشروع القانون. وفي مجلس النواب، صوت 30 ديمقراطيًا فقط من أصل 204 بـ”لا”.

وحتى على الرغم من أن العديد من الديمقراطيين رفضوا توقيت تنفيذ ترامب لقانون سفارة القدس، فإن انتقاداتهم كانت سياسية إلى حد كبير، مدفوعة في المقام الأول بمحاولات الديمقراطيين تشويه سمعة ترامب. وتشكل حقيقة أن حملة بايدن أوضحت، فيما بعد، أن هذا القرار لن يتم عكسه إذا أصبح رئيسًا، توضيحاً إضافياً يسلط الضوء على الإفلاس الأخلاقي للمؤسسة الديمقراطية أيضًا.

الحقيقة هي أن دعم الولايات المتحدة غير المشروط لإسرائيل هو قضية مشتركة بين جميع الإدارات الأميركية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية. ومع ذلك، فإن ما قد يختلفون فيه هو الدافع الكلي والجمهور الأساسي المستهدف خلال وقت الانتخابات.

وبغض النظر عن الاستقطاب السياسي والمعلومات المضللة، فإن كلاً من الديمقراطيين والجمهوريين يتجهون إلى انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) بمشاعر قوية مؤيدة لإسرائيل، إن لم يكن الدعم المباشر، بينما يتجاهلون تمامًا محنة الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال والاضطهاد والقمع.

*صحفي ومحرر موقع “ذا بالستاين كرونيكل”. وهو زميل باحث أول غير مقيم في مركز الإسلام والشؤون العالمية (CIGA)، جامعة الزعيم في إسطنبول (IZU).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى