ترجمات أجنبية

تقييم مقتطفات رئيسية من خطاب الرئيس الأمريكي أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية


روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن – معهد واشنطن – 5/3/2012

أوباما حول إيران: تقييم مقتطفات رئيسية من خطاب الرئيس الأمريكي أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية.

في خطاب تناول جزءاً منه السياسة الخارجية والجزء الآخر تحدث عن السياسات الداخلية، حضر الرئيس أوباما إلى مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية صبيحة الرابع من آذار/مارس لكي يُطمئن إسرائيل القلقة – وكذلك أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة – إلى أن إدارته ملتزمة بالمنطق الكامل الذي تقوم عليه استراتيجية “المنع” عند التعامل مع التحدي النووي الإيراني، بما في ذلك الاستخدام المحتمل للقوة العسكرية. وفي حين ذكر الرئيس “الحق السيادي” لإسرائيل في العمل من منطلق الدفاع الذاتي وما أسماه “الحقيقة الأساسية” التي تتمثل في أنه لا يوجد أي زعيم إسرائيلي يستطيع العيش مع جمهورية إيران الإسلامية المسلحة نووياً، إلا أن السياق الفرعي المسكوت عنه في ملاحظات الرئيس ظل تفضيله الواضح بأن تمتنع إسرائيل عن اتخاذ إجراء عسكري وقائي ذاتي وأن تترك العقوبات الدولية تُضيق الخناق حول رقبة حكام إيران حتى يتم إرغامهم على الاختيار بين التخلي عن سعيهم للحصول على سلاح نووي أو مواجهة ما أسماه “العمليات” العسكرية “الطارئة” المحتملة بقيادة الولايات المتحدة.

المواضيع الرئيسية

تمثلت العناصر الرئيسية في خطاب الرئيس أوباما حول إيران فيما يلي: •

التأكيد على أنه يؤمن بمشروعية كل من تخوف إسرائيل من التداعيات المحتملة لتسلح إيران نووياً وحق إسرائيل في اتخاذ إجراء ضد هذا التهديد إذا ارتأت أن ذلك الإجراء ضرورياً. وفي فقرة عن التزام أمريكا بالتفوق العسكري النوعي لإسرائيل، كرّر الرئيس الأمريكي بشكل خاص العبارة القوية والعاطفية “يجب أن يكون لدى إسرائيل دائماً القدرة للدفاع عن نفسها بنفسها ضد أي تهديد”. •

تفنيد الحجة القائلة بأن مصلحة أمريكا في منع إيران من السعي للحصول على سلاح نووي إنما تأتي فقط كاستجابة لمناشدات خاصة من أجل إسرائيل. وعلى العكس من ذلك، فقد أحصى أوباما أسباباً عديدة تضع مصالح أمريكية حيوية على المحك، بدءاً من موضوع يرتبط به ارتباطاً وثيقاً، وهو الانتشار النووي: فقد قال الرئيس الأمريكي “إيران المسلحة نووياً سوف تقوض تماماً نظام حظر الانتشار الذي بذلنا الكثير لبنائه”. •

دفاع الرئيس أوباما الكامل عن منهج إدارته في التعامل مع إيران منذ توليه المنصب، بدءاً من الطعن في إدارة بوش (“عندما توليت السلطة، كانت الجهود الرامية إلى الضغط على إيران مشتتة”) وبلغت الأمور ذروتها بدعوة قوية لفرض عقوبات قاسية (كتلك المفروضة على «البنك المركزي الايراني») والتي يعود الفضل فيها حقاً إلى جهة أخرى (وهي الكونغرس الأمريكي في هذه الحالة). •

الإقرار بأن تشديد العقوبات هو ليس النهاية في حد ذاته لكنه وسيلة فقط لتحقيق الغاية وهي منع امتلاك إيران لأسلحة نووية. وقال “إن التطبيق الفعال لسياستنا ليس كافياً، بل يتعين علينا إنجاز هدفنا”. وهنا تأتي الجملة التي تصل إلى حد مناشدة الرئيس لإسرائيل بضبط النفس: “وفي ذلك الجهد، اعتقد جازماً أنه لا تزال هناك فرصة لنجاح الدبلوماسية المدعومة بالضغط”. •

الإعلان بأن إدارته ملتزمة بسياسة المنع (أي منع إيران من اكتساب سلاح نووي) وليس الاحتواء (أي الحد من قدرة إيران على استخدام السلاح النووي، بمجرد الحصول عليه، كأداة للسياسة الخارجية). فقد قال أوباما “يتعين على قادة إيران أن يفهموا أنه ليس لديّ سياسة احتواء؛ لديّ سياسة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي”. •

تكرارات عديدة حول الموضوع تشير إلى أن الرئيس أوباما مستعد، في أقصى الظروف، إلى استخدام القوة ضد إيران لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة: ومضى يقول “لقد ذكرت من قبل أنه عندما يتعلق الأمر بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، فإنني لن أستبعد أية خيارات من الطاولة، وأنا أعني ما أقوله. وهذا يشمل جميع عناصر القوة الأمريكية: جهد سياسي يهدف إلى عزل إيران، وجهد دبلوماسي يرمي إلى تعزيز ائتلافنا وضمان مراقبة البرنامج الإيراني وجهد اقتصادي يفرض عقوبات تعجيزية، ونعم، جهد عسكري يجعلنا على أهبة الاستعداد لأي طارئ”.

القراءة فيما بين السطور

كانت هناك جوانب محددة هامة بشأن السياسة تجاه إيران على نفس القدر من الأهمية لما قاله الرئيس ولكنه لم يتناولها، لا سيما بالنظر إلى الإعداد الإعلامي المحموم لخطابه. فعلى الجانب الإيجابي، كان الشيء الأكثر أهمية الذي لم يتحدث عنه هو عدم تصريحه بأي من الحجج المعارضة لاستخدام القوة العسكرية والتي ذكرها بعض الهامسين من داخل إدارته للصحفيين خلال الأسابيع الأخيرة، وهي أن إيران يمكنها الانتقام باستخدام أعمال إرهابية داخل الولايات المتحدة، وأن الانتعاش الاقتصادي العالمي و/أو الداخلي قد يواجه تهديداً من جراء ارتفاع أسعار النفط نتيجة النزاع، أو أن إيران قد ترد على الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة باستهداف القوات الأمريكية في أفغانستان. إن هذه التصريحات – بما في ذلك تلك التي أدلى بها الرئيس نفسه في بعض الأحيان – كان لها تأثير مقوِّض على القوة الدافعة الإجمالية للاستراتيجية الأمريكية. إن ما قاله الرئيس أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية – وما لم يقله – يجب أن يكون الكلمة الأخيرة لباقي الإدارة؛ والاختباران الرئيسيان هما ما إذا كان المسؤولون الرئيسيون الذين ابتعدوا عن خط الرئيس سوف يتبعونه الآن عن كثب، وما إذا كانت الإدارة ككل ستتخذ إجراء إضافي وفق سياسة الرئيس تيدي روزفيلت التي تبناها أوباما وتقول “تحدث برفق واحمل عصا غليظة”.

وعلى الجانب السلبي، من المهم أن نذكر أن الرئيس لم يستغل الفرصة لإصلاح الضرر الناجم عن تصريحات مسؤولين كبار في إدارته والتي يستخفون فيها من قدرة إسرائيل على شن عمليات عسكرية فعالة ضد إيران. (وعلى النقيض من ذلك، ففي خطابه أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس بأن إسرائيل لن تحارب فقط إذا ما أُرغمت للدفاع عن مصالحها، لكنها سوف “تسود” أيضاً). وبتكرار قوله إن إدارته ملتزمة بمنع حصول إيران على سلاح نووي – مع امتناعه مطلقاً عن ذكر إمكانياتها لبناء سلاح نووي – فإن الرئيس أوباما يكون بذلك قد أنهى النقاش بوضوح حول الهدف الفعلي للسياسة الأمريكية، لصالح التعريف الأكثر ضيقاً بشأن ما تحاول واشنطن منعه بالفعل (أي الأسلحة، وليس القدرات الأوسع نطاقاً لصنع سلاح نووي).

وهناك أمر آخر جدير بالملاحظة وهو غياب أي رسالة موجهة إلى شعب إيران. لقد كانت تلك فرصة ضائعة. ففي الوقت الذي تعتمد فيه الإدارة – وإن كان جزئياً – على تأثير العقوبات لإرغام قادة إيران على تغيير مسارهم؛ وفي الوقت الذين ينتقد فيه المسؤولون الأمريكيون بقسوة العسكرة المتزايدة للنظام الإيراني؛ وفي الوقت الذي أكملت فيه إيران لتوها الانتخابات البرلمانية التي لم يسمح فيها سوى لتيارات مختلفة من المحافظين بالترشح؛ وفي الوقت الذي ينهض فيه شعب سوريا – الحليف العربي الوحيد لإيران – بشجاعة ضد الطغيان، كانت يمكن أن تكون تلك لحظة مفيدة لكي يؤكد فيها الرئيس على أمل أمريكا بأن يتمتع شعب إيران عما قريب بـ “الحقوق العالمية” التي يشيد بها بشكل متكرر في البلدان العربية التي تشهد تحولاً. إن المرء ليأمل بأن تلك الثغرة لم تكن نتاج الفكرة الشائعة – ولكنها خاطئة بشكل كبير – بأن التواصل مع الشعب الإيراني يُعقِّد الدبلوماسية النووية مع النظام.

وربما يكون الأمر الأكثر أهمية أن الرئيس لم يذكر مطلقاً أي خطوط حمراء أو إطارات زمنية أو مُسبِّبات لإجراء عسكري محتمل، وتجاوز فعلياً مسألة “منطقة الحصانة” التي ربما تدفع إسرائيل نحو عمل عسكري عاجلاً وليس آجلاً. إن تداعيات ملاحظات الرئيس أوباما تتمثل في أنه من الجوهري معرفة ما إذا كانت سلسلة العقوبات الوشيكة – والتي تشمل تعليق إيران من نظام التخليص المصرفي الدولي لـ “منظمة الإتصالات السلكية واللاسلكية المالية العالمية بين البنوك (سويفت)” والحظر الأمريكي على التعامل مع “البنك المركزي الإيراني” والحظر الأوروبي على واردات النفط – سوف تشكل ضغطاً كافياً على حكام إيران لتغيير مسارهم حول المسألة النووية. إن الأمر الواضح هو أن التأثير التراكمي لتلك الإجراءات لن يُشعَر به إلا بعد التاريخ الذي قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ذات مرة أن إسرائيل لن تتمكن بعدها من شن عملياتها الخاصة ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وعلى الرغم من أنه لا يمكن لوم الرئيس أوباما لعدم وضعه جداول زمنية للإجراء العسكري الأمريكي في خطاب عام، إلا أن هناك توقعات قوية حول ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حريصاً على سماع المزيد من الأمور المحددة عن هذا الجانب من الاستراتيجية الأمريكية في اجتماعه المغلق مع الرئيس الأمريكي في الخامس من آذار/مارس. ومن المرجح أن يسعى كلا القائدين هنا إلى الاعتدال بين الوضوح (بحيث يمكنهما تجنب سوء الفهم) والغموض (بحيث يستطيعا الحفاظ على حرية المناورة في المستقبل)، تلك الوسطية التي تبدو أنها الحل الأمثل في غرفة دراسية لكنها صعبة المنال في عالم الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى