تقرير مترجم عن ناشيونال إنترست – ضربات غير متوقعة.. العقل الأمريكي يعجز دائما عن مواكبة خيال الإرهاب
ناشيونال إنترست – ترجمات – 4/3/2017
على مر العقود الماضية، وحتى اليوم، شهد حقل الإرهاب تطورا عظيما، حيث استبدل الإرهابيون القنابل وتفجير السيارات بطائرات لتفجير مركز التجارة العالمي. وتوضح خبيرة مكافحة الإرهاب، جاكلين ساذرلاند، في تحليلها الأمني بصحيفة “ناشيونال إنتريست”، أن استخدام شاحنة كسلاح لتدمير حشود المدنيين يعد أخطر تطور وصل إليه الإرهاب.
وفي ظل تطور الإرهاب السريع، تخصص الولايات المتحدة نحو 16 مليار دولار لمضاعفة ميزانية مكافحة الإرهاب، وأسست اللجنة الوطنية عقب أحداث 11 سبتمبر، للعمل على مكافحة الإرهاب بوسائل تتسق مع تطور الخيال الإرهابي.
وتتجه نصف الميزانية وفقا لـ”واشنطن بوست” إلى الأسلحة، رغم تقدم خيال مخططي الإرهاب واستبدالهم وسائل النقل بالأسلحة، وطرحت الصحيفة تساؤلا على السلطات الأمريكية حول إدارات الأبحاث والتخطيط وكيف تدعمها الولايات المتحدة بدلا من الأسلحة.
ومع رشاقة التفكير الإرهابي -القاعدة وداعش-، لاتزال استراتيجية الولايات المتحدة عالقة في فخ الدفاع والاستجابة لتطور استراتيجيات الإرهاب، بدلا من العمل على تطوير العمل البحثي لتوقع خطواتهم والقيام بتعطيلها.
وفي بيان لوزراة الأمن الداخلي، عبر موقعها الإلكتروني، بررت الوزارة تضخم ميزانية الأمن بموازنة 2017، نتيجة لإجراءات جديدة تتخذها السلطات الأمريكية لمكافحة
الإرهاب، من حيث حماية نظام النقل وضمان حرية حركة المواطنين والتجارة. وكان ذلك بينما يردد الرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال قسمه، آماله في مكافحة الإرهاب، “لعدة عقود، تدعم الولايات المتحدة الصناعات الأجنبية وضمنها صناعة الأسلحة، كما يدعم جيشنا الدول الأخرى، بينما نعجز في الدفاع عن أنفسنا”.
11 سبتمبر والخيال الأمني
تعددت الإشارات إلى التراجع السياسي والأمني الأمريكي، وأشار تقرير لجنة 11 سبتمبر، إلى الفشل الأمريكي في مواجهة خيال التنظيمات الإرهابية، باعتبار ضعف الخيال جزء لا يتجزأ من ضعف استراتيجيات المكافحة، إضافة لتعدد الثغرات الكبيرة في مجال الاتصالات بين الدول وداخل الـ”اف بي اي”.
ورغم تزامن الإصلاحات في مكتب مدير الاستخبارات، مع أحداث 11 سبتمبر، وورود التقارير الأمنية والصحفية المختلفة حول علم الاستخبارات الأمريكية باستعدادات القاعدة للقيام بعملية إرهابية كبيرة داخل الولايات المتحدة، كما ذكرت “نيويورك تايمز” بعض التصريحات حول معرفة بعض المسؤولين بـ”تفجير مركز التجارة”، إلا أن خيال الإرهاب كان أقوى وأسرع ليسبق الولايات المتحدة بخطوات شاسعة.
البداية بـ”القاعدة” ومحاربة الولايات المتحدة
بدأ التهديد الإرهابي العابر للحدود في الألفية الجديدة، حيث أعلن تنظيم القاعدة، والذي شكل عام 1988، ضرورة محاربة الولايات المتحدة، بل واعتبرها أسامة بن لادن -خلال بيانه- (حرب مقدسة)، موضحا أن قتل الأمريكان وحلفاءهم مدنيين
وعسكريين (فرض عين)، مبررا بما ترتكبه أمريكا من أفعال إجرامية ضد الإسلام والشرق الأوسط.
وتحولت براعة القاعدة من تفجيرات لسفارات أمريكية في عدة دول منها تنزانيا وكينيا، إلى تفجير مركز التجارة العالمي؛ ورغم كل الإشارات الإرهابية التي كررها “بن لادن” خلال بياناته لم تنتبه الولايات المتحدة أو تعيره الاهتمام الكافي، ولم يتصور مسؤولي الولايات المتحدة بأن الطائرات يمكن استخدامها كـ”أسلحة”، حسبما ذكروا خلال تحقيقات الكونجرس.
مواكبة الإرهاب للتقدم
بحلول عام 2014، ادعى تنظيم إقامة الخلافة والدولة الإسلامية مرة أخرى، وانتشرت ادعاءات تنظيم “داعش” بوسائل الإعلام المختلفة، مما ساعدها على الانتشار مستغلة التقدم التكنولوجي وقنوات التواصل الاجتماعي. وفي ظل تطورات تنظيم الدولة الإسلامية السريع، عززت الولايات المتحدة نفسها بشكل كبير من خلال تطوير قدرات الأمن على مكافحة الإرهاب، إضافة لإنشاء المؤسسات والمنظمات الدولية لمكافحة الإرهاب. وهكذا تمكنت الولايات المتحدة وحلفاءها من إحباط عدة مؤامرات إرهابية أبرزها “مفجر الحذاء ووسائل الاشعاع إضافة لمؤامرة القنبلة والملابس الداخلية”.
وكانت مجلة “التايمز” أبرزت تفاصيل المؤامرات الأربعة، حيث أشارت الصحيفة لعدة تقارير صحافية قام بتدوينها مفجر الحذاء بصحيفة أمريكية محلية تحت عنوان (قصص إرهابية)، وكان ضمنها قصة تفجير الحذاء والتي دونها القائم على العملية قبل موعد العملية بيومين، وفقا لـ”تليجراف”.
وفي عام 2015، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عن نيته ضد الغرب، من خلال تنفيذ هجمات أكثر وضوحا ضد المصالح الأوروبية والأمريكية، وبذلك تغيرت طبيعة التهديد من سوريا وأشقاءها، إلى الغرب “الكافر”.
بعد الفخ الإرهابي خلال 11 سبتمبر، استعدت أمريكا جيدا لمواجهة تنظيم القاعدة، مما دفعها لضخ الاموال في منظمات مختلفة لمكافحة الإرهاب مع حلفاءها، ومع انشغالها بـ”محاصرة القاعدة”، وقعت في الفخ مرة أخرى وتجنبت تنظيم داعش، مدعية تضاءل تأثيره المحلي، مما ساعد التنظيم على القيام بعدة عمليات إرهابية خلال عامي 2016، 2017 ضد الغرب.
الفضاء الإلكتروني والمعركة
تقول جاكلين ساذلارد، أنه بلجوء التنظيم الإرهابي “داعش” للفضاء الإليكتروني للإعلان عن كيانه والترويج لأفكاره، قامت الولايات المتحدة والمنظمات الاجتماعية بالمثل، حيث انتشرت التحذيرات من السفر إلى سوريا إضافة للحملات المختلفة للتحذير من الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
كما انتقدت أحد المنظمات الاجتماعية سفارة الخارجية الأمريكية عن تقاعسها في التحذير من السفر إلى الدول المصدرة لـ”الارهاب” مثل سوريا والعراق، لافتين إلى التواجد الإرهابي القوي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت الشعارات الرنانة وعمل المنظمة على بث الرعب عبر فيديوهات مصورة للقتل، لم تقل أهمية عن التواجد في أرض المعركة، وكان التنظيم أعلن في أحد البيانات عن أهمية التواصل الإعلامي مشبها إياه بالمعركة.
مستقبل مهدد وقراءة للإشارات
بقراءة جاكلين، للإشارات المستوحاه من عمل “داعش” السنة الماضية، والتي اتضح أن الكثير منها ينفذ نتيجة للإصابة بأمراض نفسية وعقلية أو الرغبة في الانتقام بدلا من التزام الأيديولوجي بمبادىء تنظيم داعش، يجعل دقة التنبؤات المستقبلية صعبة للغاية، ويختلف ذلك عن طريقة عمل منظمات مكافحة الإرهاب مع القاعدة، حيث كان من السهل العمل على استرتيجيات ثابتة.
كما يصعب تتبع وسائل الإعلام وتوقع الخطوات المقبلة نتيجة لتضليل داعش تلك الوسائل، حيث يقوم بتطويعها لصالحهم فقط.
وتواصل جاكلين، موضحة أنه بالنظر إلى المستقبل وتطور التكنولوجيا واستخدام طائرات موجه دون طيار، يجب على محللي مكافحة الإرهاب أن تأخذ تنظيم الدولة الإسلامية على محمل الجد. فكان تقرير 11 سبتمبر حذر من فجوة الخيال، وهكذا نحن اليوم مازلنا على بعد خطوات من تفكير الإرهاب العالمي.
وتقول الخبيرة الأمنية، إن أمريكا لن تتمكن من محاربة الإرهاب دون العمل الجدي من الرئيس الامريكي دونالد ترامب على الدراسة وتحليل الإشارات.
التقرير