ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن أراب ويكلي – لا يكفي تمني الموت لمقاتلي “داعش”

أراب ويكلي – راشمي روشان لال* – 30/10/2017
تحدث وزير في الحكومة البريطانية مؤخراً، عن الصعوبات الدولية الفريدة التي يفرضها فقدان تنظيم “الدولة الإسلامية” للأراضي التي كان يسيطر عليها، وتقلص مساحة “البلد” الذي سماه بجرأة غريبة على اسمه. وفي ذلك الموقف الصعب، كشف الوزير عن تعقيدات القضية. فمع هزيمة تنظيم “الدولة”، يريد المقاتلون الأجانب الذين تعهدوا بالولاء للمجموعة المتطرفة والوحشية العودة إلى منازلهم. فما الذي ينبغي أن تفعله بلدانهم الأصلية معهم؟ ما الذي يمكن أن تفعله إزاءهم ولهم؟
الجواب، كما قال الوزير البريطاني روي ستيوارت، هو الرغبة المخلصة في موتهم. وقال الوزير عمن يقدر عددهم بنحو 400 بريطاني يقاتلون مع تنظيم (داعش): “علينا أن نكون جادين إزاء حقيقة أن هؤلاء الأشخاص يشكلون خطراً كبيراً علينا. ولسوء الطالع، فإن الطريقة الوحيدة للتعامل معهم ستكون -في كل حالة تقريباً- هي قتلهم”.
قد يبدو هذا الموقف الذي لا مهادنة فيه مستغرباً من ستيوارت بالذات. فستيوارت، الدبلوماسي السابق الذي خدم في العراق، هو كاتب رحلات جسور ومتعاطف. وقد سافر عبر باكستان وإيران وأفغانستان وليبيا، وهو يدير جمعية خيرية للحرف اليدوية في أفغانستان، وواحد من بين قلة في الحياة الغربية يعترفون بأن غزو العراق في العام 2003 كان خطأ جسيماً. وإذا كان ثمة أناس يمكنهم أن يروا الرمادي في وضع يبدو مفروزاً بين أبيض أو أسود، فسيكون ستيوارت واحداً منهم.
مع ذلك، لا يبدو سيتوارت خارجاً عن السرب كثيراً بين المسؤولين الغربيين. فقبل بضعة أيام فقط، عبرت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، عن آمالها فيما يتعلق بهؤلاء المقاتلين، الذين انضم منهم إلى “داعش” من فرنسا أكثر من أي بلد أوروبي آخر: “إذا هلك الجهاديون في القتال، فسأقول إن ذلك سيكون للأفضل”.
كما لخص بريت ماكغورك، المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف العالمي المناهض لـ”داعش”، الرأي الأميركي حين قال: “إن مهمتنا هي التأكد من أن أي مقاتل أجنبي هنا، والذي انضم إلى ‘داعش’ من بلد أجنبي وجاء إلى سورية، سيموت هنا في سورية”.
تبدو شروط النقاش غير واضحة. فالغرب لا يريد عودة مواطنيه المتطرفين إلى الديار. وهو يفضل هلاكهم في ميدان المعركة على الاضطرار إلى التعامل مع عودتهم. وقد أعطى التحالف المناهض لتنظيم “داعش” أسماء وصور المقاتلين الأجانب للأكراد. ونُقل عن أحد مسؤولي وحدات حماية الشعب الكردية قوله إنه سيتم “القضاء” عليهم. وحتى مع ذلك، فإن هناك احتمالاً لتمكن بعض الجهاديين الأجانب من الفرار. وهناك إمكانية لإعادتهم قسراً إلى قوات التحالف، وهو ما ستكون العودة إلى الوطن هي الخيار الوحيد المتاح بعده.
مع أن الغرب كان أكثر إفصاحاً عن عواطفه بهذا الصدد، فإن الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والدول الإسلامية في جنوب شرق آسيا تواجه التحديات نفسها. وقال تقرير صدر عن مجموعة صوفان وشبكة الاستراتيجية العالمية إن ملامح المشكلة تبدو غامضة بطريقة مثيرة للقلق، لكنها واضحة مع ذلك. فقد عاد نحو 5.600 من مقاتلي “داعش” من 33 بلداً إلى الديار. ويشمل ذلك 900 تركي، و800 تونسي ونحو 760 سعودياً. كما عاد ما بين 20-30 في المائة تقريباً من الجهاديين الأوروبيين، ولو أن 50 في المائة منهم يجيئون من بريطانيا والدنمارك والسويد.
وقال التقرير المعنون “فيما وراء الخلافة: المقاتلون الأجانب وتهديد العائدين”، إن ليبيا والفلبين معرضتان بشكل خاص لتدفق المقاتلين العكسي من خلافة “داعش” الفاشلة. ومع مواطنيهما يأتي مقاتلون آخرون ممن يسعون إلى الملاذ أو الانتقام من الدول الإسلامية.
على المستوى الإحصائي، يصنع ذلك مشكلة كبيرة. فمنذ العام 2011، سافر أكثر من 40.000 أجنبي من أكثر من 110 بلدان للانضمام إلى “داعش”. وكان منهم نحو 7.400 فقط من الغربيين، 5.000 منهم من أوروبا.
من الواضح أنه سيكون من الأفضل، أو “الحل المفضل” بكلمات بروس هوفمان، مدير برنامج الدراسات الأمنية في جامعة جورجتاون، أن لا يعود المقاتلون. ويضيف هوفمان: “ما يقلقني هو اعتقادي بأن فكرة أنهم سيقتلون جميعاً هي مجرد تفكير أمنيات”.
هناك بكل وضوح حاجة ملحة وعاجلة إلى الاستعداد لاحتمال عودة المقاتلين. ويجب أن يكون ذلك بالتعامل وفق حكم القانون. وفي أوروبا، حيث ألغيت عقوبة الإعدام، يجب تقديمهم إلى المحاكمة (ربما بتهم الخيانة إلى جانب ممارسة النشاط الإجرامي)، وفي بعض الحالات، سوف يحتاج التائبون والذين تعرضوا لغسل الدماغ إلى إعادة تأهيل.
لقد اعترف تقرير صوفان بوجود عيوب في كلا النهجين. فالسجن ينطوي على خطر تطرف المزيد من الزملاء السجناء، كما قال التقرير. كما أن إعادة التأهيل وإعادة الإدماج صعبان أيضاً، خاصة عندما يكون الكثير من المقاتلين “لم يندمجوا في المجتمعات في المقام الأول”.
ليس الحل واضحاً مثلما هو الحال مع حجم المشكلة، لكن ثمة شأناً واحداً واضحاً تماماً: لا يكفي تمني الموت لمقاتلي “داعش”.
*كاتبة عمود منتظمة في “أراب ويكلي”.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
It’s not Enough to Wish ISIS fighters Dead
ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 13/11/2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى