تقرير مترجم عن موقع المونيتور – هل سيعيق تخفيض القوات الروسية في سوريا الحل السياسي؟
ملخص المقال
وتشكك المعارضة السورية في انسحاب موسكو الجزئي من سوريا وتخشى أن تستخدم إيران حيز روسيا لتعزيز نفوذها.
موقع المونيتور – ترجمات – بقلم محمد باسكي * – 22/12/2017
وفي 11 كانون الأول / ديسمبر، أعلنت روسيا للمرة الثانية عن نيتها تخفيض عدد قواتها العسكرية العاملة في سوريا بعد أن شنت تدخلا عسكريا في 30 أيلول / سبتمبر 2015. وكانت المرة الأولى في آذار / مارس 2016، أي بعد نحو ستة أشهر من بدء الحملة الجوية، ولكن شدة الغارات اللاحقة من خلال القاذفات الاستراتيجية والصواريخ على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ومكاسب النظام على الأرض، أثارت شكوكا حول خطورة الانسحاب.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امر بانسحاب القوات الروسية من سوريا في 11 كانون الاول / ديسمبر بعد محادثاته مع نظيره السوري بشار الاسد خلال زيارة لقاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية على البحر المتوسط.
وواجه الإعلان عن هذا الانسحاب الروسي مرة أخرى شكوكا من الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها قواعد عسكرية وجنود على الأراضي السورية. وفى نفس اليوم قال المتحدث باسم البنتاغون ماجور ادريان رانكين جالوى ان انسحاب القوات الروسية من سوريا لا يعنى عادة التخفيض الحقيقى لقواتها.
وقال مسؤولون روس ان اسباب اعلان روسيا انسحاب قواتها هي انها هزمت تنظيم “داعش” الارهابي وتحرير معاقلها الرئيسية، المهمة الرئيسية للدخول الى سوريا، بعد “الطائرات الروسية التي نفذت في المرحلة النهائية من التنظيم أكثر من 100 طلعة جوية ووجه ما لا يقل عن 250 غارة جوية على عناصر المنظمة ومواقعها “، وفقا لما ذكره سيرجى رودزكوى رئيس أركان عمليات الأركان فى مؤتمر صحفى يوم 7 ديسمبر.
وقد يكون انسحاب القوات الروسية أو تقليصها فرصة لإيران من خلال الميليشيات عبر الحدود وغيرها من القوات لتعزيز وجودها العسكري وملء الفراغ على الأرض الذي خلفه انسحاب الوحدات الروسية، ولا سيما في الكانتونات الرئيسية التي تسيطر عليها قوات المعارضة، حمص وغيرها.
إن تدخل إيران إلى جانب قوات النظام يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التدهور في الانقسام الدولي وإعلان نهاية الجولة الثامنة من محادثات جنيف بين النظام السوري والمعارضة دون التوصل إلى استنتاجات، كما أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ألقى باللوم على وفد النظام السوري بسبب فشل الجولة.
وهذا من شأنه أن يشجع قوات النظام التي تقودها إيران للقيام بأعمال عسكرية ضد قوات المعارضة، مما يهدد الاتفاق على الحد من التصعيد ، مما يعرض العملية السياسية في جنيف للخطر ويدمر الحل السياسي، ولا تزال القوات السورية وحلفاؤها يحاولون التقدم في الشوط الشرقي وتوجه جوي روسي، وهي منطقة تصاعد متصاعدة، نحو إدلب وكذلك في حدودها الإدارية الجنوبية الشرقية للمرة الأولى منذ 3 سنوات.
إن الدعم الإيراني للنظام السوري يدفعه إلى كسب المزيد مما يجعل المراقبين يخشون من أن يؤثر ذلك على استجابة النظام للدعوات إلى حل سياسي والجلوس على طاولة المفاوضات مع المعارضة. وقال عضو في الهيئة السياسية للتحالف السوري لقوات الثورة والمعارضة أحمد رمضان في مقابلة مع “المونيتور”: “لا تزال إيران تحرض النظام على خرق الاتفاقات للامتناع عن المفاوضات”. ولا يمكن الحفاظ على مفاوضات جنيف والعملية السياسية التي هي أسير النظام وإيران.
والمعارضة السورية مقسمة في تقييم الخطوة الروسية وانعكاسها على الحل السياسي والمفاوضات، وليس لديها إجابة موحدة على إمكانية استخدام إيران وميليشياتها للجهود الروسية لصالحها طالما أنها تسعى إلى تعزيز النفوذ والتركيز. خاصة وأن إيران أعلنت رسميا أن قواتها لا تزال في سوريا حتى بعد “حث” ومواصلة التعاون مع حكومة دمشق بأشكال مختلفة.
وفي 8 تشرين الثاني / نوفمبر أعلن مستشار إيران للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أن القوات السورية ستبدأ بعد هزيمة منظمة مؤيدة لسوريا من شرق البلاد لاستعادة منطقة إدلب في شمال غرب البلاد.
لا يعتقد رمضان أن خفض أعداد القوات الروسية في سوريا سينعكس إلى حد كبير على المستوى السياسي، كما أنه لن يؤثر على مستويات السيطرة والتدخل الروسي في الميدان، لأن “روسيا تعزز نفوذها على الصعيد السياسي والأمني والميداني، وهنا نلاحظ مستويات السيطرة على النظام السوري”.
من الواضح أن التأثير الوحيد للروس في هذه المرحلة من الحل السياسي السوري سيكون “إذا قرروا دعم مفاوضات جنيف بشكل فعلي ودعم التحول السياسي وتنفيذ التزاماتهم في اتفاق أستانا حيث قدموا أنفسهم كضامن للنظام ولكنهم لم يفوا بالتزاماتهم: اطلاق النار ورفع الحصار عن المدن المحاصرة واطلاق سراح المعتقلين والمختطفين والمفقودين “. وقال “لم يطبق أي منها”.
وأن انسحاب القوات الروسية من سوريا أو تقليصها سيكون مطابقا لمتطلبات مرحلة عصر الصراع وبدء عملية تفاوض حقيقية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة وتمهيد الطريق لمحادثات السلام ولكن الإعلان عن هذا الانسحاب لا يزال يقابله الإبقاء على عدد من الجنود الأمريكيين ووحدات التدريب في شمال سوريا مع 2،000 جندي واستمرار إيران بدعم من القوات التي تقاتل على الأرض والاستفادة من أي فرصة للتوسع لكسب النفوذ والسيطرة وحتى بناء قواعد قرب دمشق وسط تفاؤل يسود بين بعض دوائر المعارضة حول خطورة الروس في إيجاد حل سياسي حقيقي، الأمم المتحدة.
وقال عضو في منصة موسكو في وفد المعارضة السورية مهند ديليكان ل “المونيتور” إن “تصريحات الروس بشأن تخفيض عدد الوحدات العسكرية العاملة في سوريا هي في الاتجاه العام كعلامة تعني أن الحل السياسي قريب جدا”.
واضاف “ان الروس يضغطون من اجل ايجاد حل سياسى يجب تنفيذه فورا”.
وعما اذا كانت ايران في طريقها للاستفادة من الانسحاب الروسي من الاراضي السورية، اكد ان “من سيملأ الفراغ الذي خلفه الروس في سوريا هو حل سياسي، وتقليل الوحدات هو اشارة في هذا الاتجاه”.
ويأتي هذا في الوقت الذي تطالب فيه المعارضة السورية بانسحاب جميع القوات الاجنبية “، مشيرا الى ان” ذلك سيجري في اطار حل سياسي حتى لا تبقى قوة اجنبية على اساس حل سياسي وتنفيذ قرار مجلس الامن 2254 “.
ولا يعتقد أن انتهاكات وقف التصعيد ستستمر لأن “الاتجاه العام هو تقييد من يحاول التصعيد من أي جانب، وبالتالي فإن محاولات تصعيد هذه الفترة هي في سياق الضغط على الحل السياسي ومنع الوصول، ولكن الاتجاه الدولي، في اتجاه مفاوضات جادة ومستمرة، وبالتالي فإن التصعيد سوف تنخفض وتتضاءل “.
* محمد بسكي هو صحفي وباحث سوري مهتم بتحليل السياسات في الشرق الأوسط، وهو خبير اقتصادي ومدقق في الصحافة الاستقصائية، وهو مؤسس ومحرر وحدة التحقيقات السورية،